يعقوب السعدي ـ أغلقوا المجلس الأولمبي الآسيوي

بعض الناس يدفعهم الغرور وسوء التقدير والمصالح الشخصية الذاتية الضيقة إلى نسف وخسارة كل ما صنعوه أو صنعه آباؤهم من عمل وجهد وتاريخ على مدى شهور وسنين، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا لتضيع مع هذه النظرة الضيقة التى يحركها الهوى الشخصي والمصلحة كل صدقية لهم وتكون الخسارة فيهم ولهم أكبر من أي مكسب يمكن تحقيقه بعد أن تتكشف الحقائق وتهدأ الامور.

وهذا ما يقوم به بالتحديد الآن الشيخ أحمد فهد الأحمد رئيس المجلس الأولمبي الآسيوي بتدخله في انتخابات رئاسة الاتحاد الاسيوي لكرة القدم، وتحيزه بشكل غريب وغير مبرر أو مفهوم من واقع منصبه ومسؤوليته للمرشح البحريني الشيخ سلمان بن إبراهيم على حساب مرشحين خليجيين آخرين، هما يوسف السركال والسعودي الدكتور حافظ المدلج.

وكان يمكن للشيخ أحمد الفهد، وهو جالس في ديوانيته بالكويت، أو على أحد مقاهي لندن مثلا دون أي منصب، أو موقع رياضي يحمله، أو تم انتخابه فيه أن يعلن رأيه ويختار من يريد ليؤيده، وما كان لأحد ساعتها أن يلومه أو يعتب عليه، وكان يمكن له أيضا أن يدلي بدلوه ويرمي بثقله ويقف الى جوار أي مرشح يميل إليه أو يحبه أو يعجبه لو كان له صوت سيدلي به في هذه الانتخابات.

لكن المثير والغريب والمستهجن في الأمر أن الشيخ أحمد الفهد ليس له صوت وليس له مكان، أو دور في اتحاد كرة القدم الآسيوي، ويفترض ألا يعنيه مَنْ يصل الى كرسي الرئاسة ومن لا يصل، ويظل على مسافة واحدة من الجميع، خصوصا أن رئيس المجلس الاولمبي الاسيوي، وهو المنصب الذى يشغله، له مهام أخرى مختلفة تماما عن تدخله من قريب أو من بعيد في انتخابات اتحاد رياضي مستقل ليست له علاقة بالمجلس الاولمبي الاسيوي أو يتبعه، وإذا كان الشيخ أحمد الفهد لم يستطع ان يفرض رأيه ووجهة نظره في انتخابات الاتحاد الاسيوي لكرة القدم السابقة، حينما وقف أمام سعادة محمد همام العبدالله الرئيس السابق للاتحاد، ولم يستطع مع كل ما جمع ورصد وسعى أن يبعده عن تولي رئاسة الاتحاد، وإجماع الاراء حوله وراح بعدها يجر اذيال الخيبة، لكن يبدو أنه لم يتعلم من الدرس، إذ عاود الكَرّة في هذه الانتخابات وبالمنهج نفسه، كأنها هواية عنده أن يجري وراء أي انتخابات ويفشل ثم يعاود الكرة من جديد في هذه الانتخابات التي يرمي فيها بكل ثقله لكي يتم انتخاب الشيخ سلمان إبراهيم وانتخابه رئيسا للاتحاد.

ووصل الامر برئيس المجلس الاولمبي الاسيوي الى القيام بجولات وزيارات رسمية في دول آسيا من أجل جمع الأصوات لمرشحه، وزاد عليه أن قام بحجز ‬25 غرفة في فنادق ماليزيا لموظفي المجلس الاولمبي الاسيوي وغيرهم من معاونيه، للوقوف مع مرشحه المختار ومساندته، ولن نفاجأ إذا وجدناهم يرفعون لافتات امام مقر الاتحاد الاسيوي لكرة القدم تدعو الناخبين لاختيار الشيخ سلمان رئيسا للاتحاد. وإذا كانت هذه التحركات منافية لكل شكل ومضمون الانتخابات بشكل عام، فما بالنا والذى يقوم بها يفترض أنه رجل اولمبي يرأس اكبر منظمة اولمبية في القارة، ويجب عليه ان ينأى بنفسه وبالمنظمة التي يرأسها عن الدخول في هذا المعترك الذى سيترك آثارا سلبية كثيرة ستعود ضد الشيخ احمد والمجلس الاولمبي الاسيوي نفسه، لذا إذا كان الشيخ يسير في غيه غير عابئ بما يجب أن يتحلى به ابناء الخليج من مودة وتلاقٍ ومحبة وحياد امام مرشحين ثلاثة من الخليج، يسعى كل واحد منهم ومن وجهة نظره لكي يمثل ابناء الخليج في هذه المنظمة الدولية الرياضية المهمة، وهو ما كان يقتضي من المجلس الاولمبي الاسيوي أن يقف امام رئيسه ليعلمه دوره ويمنعه من إقحام المجلس في ما ليس له وفي ما لا يخصه ولا يعنيه، خصوصا بعد ان حول الشيخ احمد الفهد المجلس الاولمبي الاسيوي ـ بكل ما يحمل من قيمة ودور ـ الى وكالة انتخابات عامة ووضع نفسه كأنه سمسار انتخابي لمن يطلب.

ليقل لنا الشيخ أحمد ماذا سيكون موقفه حين يخسر مرشحه ويتولى سدة الاتحاد الاسيوي لكرة القدم مرشح آخر وقف ضده بصرف النظر عمن سيكون؟ هل سيقول لنا إن ما يقوم به الان هو من اجل الديمقراطية وحرية الرأي؟ وما هكذا تكون أبدا حرية الرأي لمسؤول.

لقد وضع الشيخ أحمد الفهد تاريخه الرياضي الشخصي ـ وللأسف ـ في محنة ما كان يجب له أن يزج بنفسه فيها.

لكن في اطار بحثه عن دور للظهور في ساحة كرة القدم، خصوصاً أن المجلس الاولمبي الاسيوي منظمة لطيفة بعيدة، دورها ينحصر في كلمة لرئيسها بحفل افتتاح دورة الالعاب الاسيوية.

لكن اذا كان يبحث عن دور لنفسه، فلماذا يزج بالمجلس الاولمبي الاسيوي في الموضوع؟ لماذا لا يستقيل مثلا ويتفرغ لموضوع الانتخابات عارضا جهوده لأي مرشح وأي اتحاد؟

الأمر يحتاج الى وقفة لإصلاح دور المجلس الاولمبي الاسيوي، وإعادته الى غرفته الهادئة وإلى مخدعه الذي ينام فيه، وليترك الشيخ احمد الانتخابات، فخسارته هذه المرة ستكون كبيرة أيا كانت النتائج.