وكالة «يقولون» تحولت إلى«كما وصلني»..يكفينا شائعات!

وكالة «يقولون» تحولت إلى«كما وصلني»..يكفينا شائعات!

 

وكالة «يقولون» تحولت إلى«كما وصلني»..يكفينا شائعات!
وكالة «يقولون» تحولت إلى«كما وصلني»..يكفينا شائعات!

 

 

اعتمد كثيرون في نقل الأخبار المتداولة فيما بينهم شفهياً على مصدر ‘يقولون’ مع زيادة بعض الإضافات من شخص إلى آخر، وذلك ما يجعل الجملة الصغيرة المكونة من ثلاث كلمات تتحول إلى مقطع يحتوي على ثلاثين كلمة بعد سلسلة من التناقل بين أشخاص لا يتجاوزون العشرة.

«عالم فاضية» أزعجت السلطات وأخرى على نياتها «حدد وأرسل للكل» وأثارت البلبلة

ولكن مع التقنية الحديثة تحولت وسيلة ‘يقولون’ إلى ‘كما وصلني’ ضمن محتوى رسائل يتم تناقلها عبر وسائط قنوات التواصل الاجتماعي، أو برامج المراسلات في الهواتف الذكية مثل ‘واتس آب’ و’بلاك بيري’، وساهمت في نشر العديد من الإشاعات والأخبار غير الدقيقة لافتقادها للمصدر الموثوق، وهو ما جعل العديد من مسؤولي العلاقات العامة في عدد من الجهات يضطرون لتكذيب أخبار متداولة في المجتمع، إلاّ أن المشكلة تستمر حتى بعد التفنيد، وذلك من خلال استمرار تداولها عمداً بهدف إثارة البلبلة حول بعض القضايا والأحداث، أو تكوين آراء مختلفة، وأحياناً يكون نشر الإشاعات بحسن نية، وذلك من خلال تصديق المحتوى المقروء، دون محاولة بذل أدنى جهد للتأكد قبل إعادة توجيه الرسالة -الإشاعة- لآخرين؛ مما يجعلهم يسهمون بكل أسف في نشر إشاعات تضرّ المجتمع أكثر مما تفيده.

تأثير أكبر

وأكد ‘ناصر خليل الناصر’ -مبتعث- على أن المغتربين يتابعون أخبار الوطن من شتى أنحاء العالم عبر الشبكة العنكبوتية ووسائل الاتصال الحديثة، لمتابعة الأخبار والأحداث أولاً بأول، ما يجعلهم يعيشون توجّساً جراء أي إشاعة تنتشر على ذمة ‘كما وصلني’، وربما تؤثر على معنوياتهم ونفسياتهم أثناء تواجدهم بعيداً عن أهاليهم في الغربة، لا سيما أن غالبيتهم يعيشون أوضاعاً أشد صعوبة مما كانوا عليه في وطنهم، من خلال غربتهم وبعدهم عن أهاليهم، وانشغالهم بالدراسة، في وقت يمارس فيه ضعاف النفوس نشر إشاعات وأخبار كاذبة قد تؤثر على مسيرتهم العلمية عبر إشاعات تصلهم عبر’النت’ ووسائل التواصل الاجتماعي، مطالباً بتفعيل قوانين حازمة من شأنها ردع مروجي الإشاعات وذلك للحد من طيش وتهور من يطلقون الأخبار الكاذبة دون مراعاة لشعور المجتمع.

وروى موقفاً لإشاعة انتشرت حول تعرض أحد الطلاب المغتربين لحادث مروري أدى لوفاته، مما جعل أهله في المملكة يعيشون أوضاعاً صعبة، بينما زملاؤه في الدولة نفسها لايزالون يبحثون عنه، قبل أن يجدون أنه سليم ومعافى ولم يتعرض لحادث، بل إنه كان في رحلة مع أصدقائه، مبيناً أن وقع بعض الإشاعات يكون مُرّاً على من يرتبط بها، ويترك بصمة في القلب ربما تصل إلى أبعد مما يتوقعه مُطلق الإشاعة التي تداولها آخرون بسذاجة.


تأكد من صحة الخبر قبل أن تعيد إرساله إلى الآخرين

نفي الأخبار

ويتعلّق كثيرون بأخبار تتناول موضوعات ‘مِنح’ و’قرارات’، وطلاب يبحثون عن أي حالة جوية يظهر على إثرها إشاعة ‘كما وصلني’ بتعليق الدراسة، فيما يقلق آخرون عند انتشار إشاعة حول وجود قضية جنائية أو ‘حرامي’ في منطقة قريبة منهم، ويبدأون في العيش تحت ضغط الشك والريبة ووضع احتياطات أكثر من اللازم، مما دعا العديد من الجهات إلى المساعدة في تفنيد أي إشاعة تتعلق بمرجعيتها، سعياً نحو تقليص انتشارها، كما حدث في محافظة الباحة مؤخراً، عندما انتشرت شائعات حول وجود عصابات أثيوبية تهاجم المنازل عند غياب أرباب الأسر، إضافة لتهديدها المحلات التجارية بالسطو، قبل أن تبادر شرطة منطقة الباحة عبر الناطق الإعلامي بنفي هذه الإشاعة، والتأكيد على أن المنطقة خالية من هذه الأخبار العارية عن الصحة، وتأكيده على أنهم أخذوا الرسائل بمحمل الجد، وكثّفوا التواجد الأمني في المنطقة.

إشاعات مجهولة

وحذّرت ‘يسرا الأحمد’ -أخصائية اجتماعية- من تصديق وتبني وتناقل إشاعات مجهولة المصدر وغير موثوقة في مختلف وسائل الاتصال سواءً عبر الشبكات العنكبوتية أو من خلال أجهزة الهواتف الذكية، مؤكدة على أن من الضروري التفكير قليلاً في أي مادة يتم استلامها أو الاطلاع عليها لمعرفة ما قد تسببه في حال تم إرسالها لآخرين.

وقالت: ‘لو سأل الشخص نفسه هل الخبر أو المادة التي استقبلها آتية من مصدر موثوق وتفيد الآخرين في حال إرسالها؟، لتوقف كثير من الناس عن تداول ما لا قيمة له، أو ما تكون سلبياته أكثر من إيجابياته’، منوّهة أن المجتمع يحث على التثبت من مصداقية الخبر قبل الإسهام في نشره وتناقله؛ نظراً لما قد يحدثه هذا التناقل من أضرار بليغة خصوصاً عندما يتعلق الأمر بسمعة أشخاص ومؤسسات قد تتشوّه بما ليس فيها، فضلاً عما قد تثيره تلك الإشاعات من قلق وترقّب وربما فرح بما هو غير صحيح.

واستغربت تداول صور لحوادث مرورية أو حرائق أو كوارث يسقط فيها عدد من الضحايا بعد نسبها لمناطق أخرى، وهو ما يجعل المشكلة تصبح (مُركبة) حيث إن الجزء الأول منها يكمن في الكذب الذي قد يثير ذعر وهلع الناس خصوصاً لمن لديهم أقارب أو معارف في الموقع نفسه، والآخر يتمثل في إماتة قلوب الكثيرين من خلال تداول صور الضحايا والحوادث المأساوية التي جعلت شريحة كبيرة من المجتمع يصابون بالبرود تجاه قضايا إنسانية بعد أن تعوّدوا على قراءة ومشاهدة أخبار حوادث جزء كبير منها غير صحيح.

وأضافت أن الإشاعة هي كل خبر يفتقد للمصدر ويحتمل أن يكون صادقاً أو كاذباً، وتنقسم إلى عدة أقسام من حيث سرعة الانتشار والموضوع والدوافع حيث تعمد الأخيرة في كثير من الأحيان لنشر الكراهية بين فئات المجتمع وتصفية الحسابات، فيما يسهم في سرعة انتشارها صياغة بعض العبارات والتلاعب بالألفاظ مع إضافة بعض الصور المفبركة ونشرها في أوقات معينة تكون الحالة النفسية لأفراد المجتمع على أتم الاستعداد لتلقي مثل هذه الأخبار، والهدف الرئيسي منها هو زعزعة الأمن وخلق البلبلة وإضعاف الثقة في النفس تجاه الآخر، كما تلجأ بعض المؤسسات التجارية إلى محاولة إسقاط منافسيها من خلال ‘إشاعات اقتصادية’، وذلك بتعمّد إضرار المنافس بترويج أكاذيب من شأنها زعزعة ثقة المستهلك في خصومهم بما يحقق لهم زيادة في معدلات البيع، معتبرين ذلك نجاحاً في استقطاب أكبر قدر ممكن من الزبائن والمستهلكين على الرغم من يقينهم أن الوسيلة المستخدمة بعيدة كل البعد عن أخلاقيات السوق والمهنة، فيما يتناقل العامة من الناس في كثير من الأحيان بعض الإشاعات عن ارتفاع الأسعار أو انخفاضها أو عن وجود منح مختلفة سيتم توزيعها من قبل الجهات المسؤولة، وهو ما يسبب تزاحما من قبل الساعين خلف وَهم وسراب أطلقه شخص ما يختفي خلف هاتف محمول استطاع من خلال كلمات بسيطة أن يتلاعب بمشاعر فئة كبيرة من المجتمع؛ ربما أجبرتهم الحاجة إلى تصديق ذلك.