هل من مخرج من المأزق التونسي

هل من مخرج من المأزق التونسي

 

هل من مخرج من المأزق التونسي
هل من مخرج من المأزق التونسي

 

 

نصر الدين الدجبي – إذاعة هولندا العالمية – حالة التجاذب بين المعارضة والحكومة في تونس، وحالة الامتعاض الشعبي من الوعود التنموية التي بقيت حبرا على الورق، و دخول رأس المال الفاسد لخلط الاوراق السياسية والأمنية ،وعودة هياكل النظام السابق للضغط من أجل العودة الى العملية السياسية وهيكلة معالمها، دفع حكومة الترويكا الى التفكير بجدية في العودة الى الوفاق الوطني كبديل عن الناتج الانتخابي للخروج بتونس من عنق الزجاجة والتوجه لانتخابات برلمانية ورئاسية في اقرب وقت.

دخول الترويكا الحاكمة في مفاوضات بينيّة حزب النهضة والمؤتمر من اجل الجمهورية والتكتل من اجل العمل والحريات – من جهة ثم بينها وبين الاطراف الحزبية المعارضة سيل حبرا كثيرا في تونس عما يمكن ان تخرج به هذه المفاوضات من حلول فاعلة للوضع السياسي التونسي الصعب والمستشكل .

وضع مهتز
الحكومة التي ولدت بعد مخاض عسير لقيادة المرحلة الانتقالية في أعقاب انتخابات تأسيسية اتسم ادائها بضبابية الرؤية والتردد في اتخاذ المواقف وضعف المبادرة والتوقف عند اطفاء الحرائق هنا وهناك عوض البناء والنماء وإعادة الاعمار التي جاءت من اجلها الثورة.

يقابلها معارضة يجمع بينها العداء للآخر لا تملك برامج سياسية وحلول بديلة ، تحالفاتها مبنية على مصالح وأهداف تكتيكية ضيقة أكثر من ارتباطها بأهداف الثورة المتمثلة في الكرامة والعدالة ، معارضة تمتهن سياسة التعطيل لا البناء وتتقن فن صناعة التحالفات الموهومة، هذه التحالفات ما كان لها ان تتم لولا وجود الترويكا الحاكمة والنهضة ذات المرجعية الاسلامية خصوصا على رأس هرم الدولة.

خلط الاوراق
في نفس الوقت يلاحظ القاصي والداني خطورة المرحلة التي تمر بها تونس، مرحلة تزداد تعقيدا مع دخول اطراف مالية على الساحة منشغلة بالإرباك والتدخل في العملية السياسية وتحديد توجهاتها وتعطيل مسارها وخلط اوراقها.

كشفت تقارير إعلامية وأمنية في الأشهر الماضية عن تورط رؤوس أموال -كانت مستفيدة في عهد الرئيس المخلوع – في إحداث بلبلة وزعزعة الأمن العام والتخطيط للاغتيالات سياسية وإثارة النعرات القبلية والتحريض على المطلبية الاجتماعية.

كما يتحدث المراقبون في تونس عن عودة منظومة الفساد التي كانت تحكم سابقا وتسعى الى تعطيل عجلة الانتقال ويبرز بالأساس من خلال قطاع الاعلام والأمن والإدارة والقضاء الذين صنعوا في عهد المخلوع ‘ بن علي’ وعلى مقاسه وذوقه ، هذه الأطراف تتحالف اليوم من جديد وتنسق لإفشال كل عمليات البناء والانتقال في محاولة لتعطيل المحاسبة التي تهددهم، ثم أملا في مرحلة قادمة قد تغير الموازنات.

تشكيك
كما برزت قوى ثورية في الاشهر الاخيرة تشكك في كل شيء في تونس بما في ذلك شرعية المجلس التأسيسي الذي انتخب مباشرة من الشعب في 23 اكتوبر 2011 وكل المؤسسات التنفيذية المنبثقة عنه ويعتبرون التصدي للترويكا الحاكمة أمرا ضروريا لوأد دكتاتورية جديدة مازالت في مهدها ، وهذا التوجه صرح به اكثر من مرة قيادات من الجبهة الشعبية المحسوبة على اليسار التونسي ، ويدعون بصراحة إلى ديمقراطية تعيد لهم حقهم المغتصب بحسب قولهم ‘ ترفعهم وتنزل الآخرين ‘ في إشارة إلى حكام الترويكا الحاليين .

عنق الزجاجة
وأمام تشابك وتعقيد المسار الانتقالي وفي انتظار الانتخابات القادمة والتي اصبح الكثير يشكك في إمكانية مجيئها، فانه ليس من المرجح ان تتمكن تونس من الخروج بحل وسط يرضى الجميع. هنالك خلافات كبيرة في قراءة المرحلة والمرجعية الشرعية لكل طرف ، فالبعض يحتمي بالشرعية الانتخابية والآخر بالشرعية التوافقية وفريق ثالث بالشرعية التاريخية والمالية والثورية.

الحلول
الحكومة التي دخلت عمليات التفاوض حول تشكيل حكومي جديد في أول يوم من هذه السنة الجديدة أعلنت بعدها بساعات على ان هذه المفاوضات مفتوحة على كل الاحتمالات ولا تستثني أي طرف ممثل في المجلس الوطني التأسيسي بما يمكن ان يؤدي الى حكومة وفاق أو مصلحة وطنية أو تعديل وزاري جوهري، وأوضحت انه سيتم الاعلان عنها بمناسبة الذكري الثانية للثورة 14 يناير 2013.

ومع اعلان الحكومة اعرب جزء كبير من المعارضة عن تمسكه بحكومة تيكنوقراط (كفاءات) ، غير أن هنالك مخاوف من أن يكون من يطلق عليهم تيكنوقراط هم في الواقع تربية وتكوين عهد بن على والتجمع الذي كان حاكما في العقود السابقة وان يعود من خلالهم اقطاب التجمع السابقين.

مجموعة اخرى في المعارضة تطالب بحكومة تسيير اعمال يتم من خلالها تحييد وزراء السيادة عن أحزاب الترويكا وإسنادها إلى مستقلين في حكومة تعمل بالأساس الى الانتقال بتونس الى انتخابات قادمة وليست مطالبة بأي مشروع سياسي ولا تنموي وإنما المحافظة على الموجود الى ما بعد الانتخابات القادمة.

حكومة مصغرة فاعلة ، وهو مطلب رئيس الدولة محمد منصف المرزوقي الذي طالب في اكثر من خطاب له بحكومة اكثر فاعلية وبأقل وزراء وتستجيب لمطالب الثورة بتسريع المحاسبة وتحريك مجالات التنمية في المناطق الداخلية.

استقالة
وأمام تباين الآراء في قيادة المرحلة الانتقالية المتبقية فإن هنالك احتمال يلوح به البعض ويطرح في الكواليس بقوة وهو أن يعود رئيس الوزراء الحالي السيد حمادي الجبالي الى المجلس الوطني التأسيسي المنتخب ويقدم استقالته واستقالة حكومته، يتولى بعدها المجلس البحث عن حل توافقي جديد. هذا الحل نفسه لا يراه المراقبون حلا عمليا وواقعيا للمشكلة في ظل التركيبة الحالية للمجلس وانشغاله بكتابة الدستور ووضع التشريعات التي تقو