ناصر العمار ـ تقول .. إنها كويتية بطن وظهر !

في حلقة تلفزيونية بعنوان (لقاء الجمعة) للشيخ الأستاذ الدكتور محمد الطبطبائي تناول فيها موضوع منابع الأخلاق حيث قادني الى التمعن بمعاني الحلقة والموضوع ومطابقة ما شرحه الدكتور الطبطبائي، باحدى حلقات مسلسل كويتي عرض على قناة تلفزيون دولة الكويت ليلة الثلاثاء الماضي لأخرج بخلاصة مؤلمة قد يستفيد منها البعض: لاشك اننا في مأزق حول مفهوم الأخلاق قولاً وعملا من خلال ما نعيشه في هذه الحقبة من الزمن يستلزم معه المحافظة على ما تبقى من أخلاقياتنا وقيمنا.
في ذلك المشهد التلفزيوني غير المألوف تدخل سيارة الى احد مواقف السيارات التابعة لشارع الخليج العربي ليترجل منها شاب في مقتبل العمر تبدو عليه علامات الهم والكدر والنكد، يحاول على ما يبدو تبديدها على ضفاف الخليج، يجلس هذا الشاب على كرسي معد لمرتادي البحر ويتأمل جمال المنظر، محاولاً اطلاق العنان لتفكيره ونظراته الى البعيد ليبدد همومه، لحظات وتقترب منه فتاة لا تتعدى العقد الثاني من عمرها، لتجلس بجانبه بمنظر وشكل وبأسلوب غير مقبول ابداً، يوهم المشاهد للوهلة الاولى انهما (متواعدين) ويعرفان بعضهما، وسرعان ما يتبدد هذا الظن بعد ان تطلب منه هذه الفتاة التعرف اليه بقولها ما اسمك؟ وسط استنكار الشاب لهذا الطلب. يرفض هو بدوره الاستجابة وينهيها عن اتباع مثل هذا التصرف طالباً منها مغادرة الكرسي الذي جلس هو عليه فوراً والكف عن مثل هذا السلوك، تتمادى الفتاة في اتباع مثل هذا السلوك ويتطور الامر بينها الى ان تطلب هذه الفتاة من الشاب ان يوصلها الى شقتها بعد أن ركبت سيارته عنوةً ليجد نفسه مرغماً على ايصالها، ثم يحدث امر يعتبر بالنسبة لمجتمعنا المحافظ غريباً بكل المقاييس مستهجنا بكل الاعراف التي ننتمي اليها، وهو مشهد تدعو فيه هذه الفتاة الشاب لتناول العشاء كي (تدردش معه)!!!.
لم يكن الشاب راغبا بتقديم مثل هذه الخدمات للفتاة مستنكراً اياها اتباع مثل هذا التصرف الغريب عن مجتمعنا، تزداد حيرة هذا الشاب لتلك الدعوة الغريبة، ليسألها هل انتِ كويتية؟ فتجيبه بعبارة نعم (بطن وظهر) رفض الشاب دعوتها للعشاء تماما مثل ما رفض الاستجابة لطلبها اول مرة، لكنه على ما يبدو (كان مجبراً اخاك لا بطل)!! رجع هذا الشاب الى منزله بعد، وهو في حيرة من امره حول سلوك وتصرف هذه الفتاة!! خاصة بعد رفض الجلوس بجانبها والتعرف عليها عندما دعته في اول اللقاء، ثم نجحت في اخضاعه لتنفيذ طلبها ليسألها.. (انتي ما تخافين؟) حينها تلقى صفعة منها عندما اجابته (انت دياية ما تخَوف!!).
ليس لدي كمشاهد تفسير فيما رأيت من مشهد وسمعته من حوار الا ان اقول: قد نعاني جرفاً منظما لقيمنا وأخلاقياتنا وعاداتنا وتقاليدنا سببها قد يكون الانحدار المستمر في المفاهيم المغلوطة لبعض تلك القيم وتغير أنماط عدة من حياتنا الاجتماعية نتيجة التغيرات السريعة والهائلة لمناحٍ شتى من حياتنا ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
-1 ان البيت والأسرة والمدرسة والشارع هم احد اهم منابع الأخلاق، باعتبارهم البيئة الطبيعية لتعليم الاخلاق.. لذا يحتاج البعض الى تلقيم جديد والى مراجعة حتى يعووا لمكانتهم الطبيعية في تغذية (عيالهم) وتعليمهم السلوك القويم والصحيح من الأخلاق.
-2 الأب والأم بالدرجة الاولى، حيث التلقي الأول لكلمات العيب وتحشم الأخلاق، وكلمات الحلال والحرام، واعتقد ان البعض منهم قد رسب في سنة اولى أخلاق.
-3 الأستاذ المعلم والمربي والقدوة، فالمدرسة تعلم وتكمل اسس مبادئ الأخلاق من هذه الناحية.. المطلوب هو اضافة مادة الاخلاق والقيم ليس فقط في المناهج التربوية، ولكن للمدرسين (البعض)، وتأهيلهم كيف يكونون قدوة.
-4 الشارع السنة الثالثة أخلاق ثم يتطور الى ديوانية، بدل ان يكون الشارع للمعاكسات و(التسكع) وخروج الديوانية عن مسارها الاجتماعي والاخلاقي المرسوم لها، ان يكون تحت رقابة صارمة من الاهل وكبار الفريج لتصحيح الأخطاء التي يقع بها (عيالنا) بمستنقعات الرذيلة (دون ان نعلم) وماذا يتلقون من مفاهيم!.
-5 اما المجال الاجتماعي والأخلاقي فاننا نعاني ضياع الأمانة واضطراب المعايير الأخلاقية وفسادها من خلال واقعنا كما أسلفت وهذا يتطلب تشريعاً لوقف التدهور آنف الذكر.
لا يسع المجال لاستكمال ما اود اضافته لكنني اتمنى ان تكون حلقات المسلسل المتبقية تعالج سلوكا شديد الانحراف قد طل علينا من خلال تلك الحلقة عبَّر عن سلوك غريب وغير مألوف لأخلاقيات المجتمع الكويتي! ومراجعة المسؤولين نصوص جديد مسلسلاتنا الكويتية حتى لا يضيع ما تبقى لدينا من أخلاق وقيم!!.