“منى العياف ـ “مرزوق” بين خطاب تعميق الشق .. و”شيلة النفس

أفي اليوم بوعدي الى قرائي الأعزاء، أستكمل حديثي معهم عما أحدثه خطاب رئيس مجلس «السنن الحميدة»، من صدمة عميقة لنا، بكل هذا الذي ألقى به في وجوهنا، أثناء افتتاح دور الانعقاد الجديد لمجلس الأمة، لما لهذا الخطاب من تأثير بالغ على الحاضر والمستقبل الراهن، وليس هذا وحسب، فقد أصبح أمرا مؤكداً أمام الجميع ان الكويت تفتقر الى الايدي الامينة التي ترعي مصالح الدولة، قبل ان ترعي مصالحها الشخصية.. ومما يؤسف له ان الامور الآن جاوزت كل مدى، فبدلا من ان يناقش الخصوم الافكار الواردة في المقال بالعقل، فانهم فقدوا كل عقولهم وطار كل صوابهم، وانهالوا علي وعلي شخصي بالتهديد والاساءات البالغة، من دون ان يخجلهم منطق بذاءاتهم، فيردعهم عن تشهيرهم الشخصي على حساب الحقائق الموضوعية!.
٭٭٭
بعيدا عن ضعاف النفوس هؤلاء، الذين ستسقطهم الكويت من حساباتها يوماً، مثلما أسقطتهم أنا من حساباتي، تماماً أعود فأقول لمن لا يعرف القراءة من هؤلاء انني افترضت الحصافة واللياقة واللباقة في شخص رئيس المجلس، ومستشاريه الذين اشاروا عليه بما ورد في خطابه أمام صاحب السمو وولي عهده، فقد هالني ان تكون الفجوة هائلة وعلى هذا الاتساع بين أمير الحكمة كما نعرفه والرئيس «المؤقت هذا»..! بين أمير «الانسانية» كما يلقبه العالم.. ورئيس مجلس «العصبية» والتوتر وضيقة الخلق.. فارق كبير بين ما ألقاه سمو أميرنا المفدى علينا من خطاب الحكمة والطمأنينة، خطاب الوحدة والتلاحم الانساني وما ألقاه علينا رئيس مجلس «السنن غير الحميدة» من خطاب انقسامي تحريضي تأمري في الحقيقة.. نعم افترضت اللياقة والحصافة في الكلمة التي سيلقيها ولم يدر بخلدي ان كلمات سمو الامير في مضمونها الابوي، ستتقاطع «مع رئيس مجلس الامه، وأين؟ في قاعة عبدالله السالم؟! وأمام من؟ الامير وولي عهده والوزراء والنواب وكاميرات العالم كله! سألت نفسي كيف يحدث ذلك؟ وما هي الرسالة التي ستصل الى الناس، حينما تتقاطع الكلمات يميناً ويساراً وتخرج لنا فيما بعد بشكل متنافر هنا.. السؤال الابرز هو كيف سيتلقاها الجميع؟ كيف سيقرأون الكلمة؟ فربان السفينة يدعو الى التلاحم والترابط، ورئيس المجلس تبدر منه اشارات عديدة في كلمته تدعو الى الفرقة وتدعو الى المزيد من الانقسام والتشرذم بين أبناء الوطن، فقد كان يوزع الاتهامات على الجميع يميناً ويسارا، وللأمانه كان أمينا جدا.. فلم ينس أحدا من خصومه مطلقاً.. كلهم تذكرهم وكلهم نالوا من التجريح الكثير وكأن الرجل لم يعد له من يسكته أو ينزله عن عليائه اذا تجاوز واشتط.. ولسان حاله يقول (أنا ومن بعدي الطوفان!!!).
٭٭٭
هل فقد الرجل اتزانه؟ هل يعقل ان يكون هذا خطابا لرجل دوله؟ بدلا من ان يكون خطابه لكل الشعب اذا به وكأنه يخاطب انصاره ويخاطب خصومه.. وباستغلال منصبه وموقعه البروتوكولي يوزع اتهاماته على الجميع يمينا ويسارا.. والحقيقة انني لم اكن وحدي التي شعرت بهذا في خطابه، فبعد ان تلقيت رسائل عدة، اذا بي اجد الشعب الكويتي الذي يتواصل معي بشتى سبل التواصل وفنونه، مصدوما مما جري مذهولا مما حدث، وعلى الرغم من ان كلمات رئيس السنن غير الحميدة كانت مليئة بالمفردات الادبية لكنك تشعر في ثناياها برائحة الانتقام ومع هذا كان مضحكا جدا بالنسبة لي ولعله من المضحكات المبكيات ان يقول في بداية كلمته: «ان المسؤولية والمناسبة والظروف تفرض علينا خطابا يتمرد على التقليد ويستجيب للمستجد ويؤسس صياغة صحيحة للقادم من امثاله»!!.
٭٭٭
عندما استمعنا الى هذه الجملة اعتقدنا للوهلة الأولى ان خطابه سيحمل فكرا جديدا ورؤية جديدة فيها تحدٍ للمستقبل وحلول للمشكلات واستقراء لمستقبل مشرق.. اعتقدت ان الجملة السابقة خرجت عن «بيل غيتس» وانه سيطرح علينا مشروعا وطنيا ذا دلالات تنم عن فكر متحضر، ولكن المفاجأة انه اعادنا وبسرعة في خطابه الى لغة لا يفهمها الا هو وانصاره وهي لغة المطارح (!!!).. واكتشفنا انه لا توجد هناك لا «رؤية» ولا «فكرة» ولا «دراسة» ولا «قدرة على تفكير» ولا «امكانية لطرح» من أي نوع، فقط هي عملية انتقام ومهاجمة.. فقط هي النغمة القديمة نفسها.. وشق الجيوب وضرب الخدود باتجاه الخصوم.. وبما هو يشق الوحدة الوطنية أكثر وبما هو يعمق «شيلة النفوس» أكثر وأكثر.
٭٭٭
لم تسلم المعارضة من الهجوم وهم المبتعدون عنه وعن مجلسه وعن المشهد السياسي برمته منذ ثلاث سنوات.. ومع هذا لم يتردد في غمزهم والهجوم عليهم حتى وهم مبتعدون عنه فيقول واصفا خطابهم بأنه يتمحور حول «الجدلية العبثية والى السعي الى الناطور بدلا من العنب»؟.
خطاب فج أليس كذلك؟ وأسوأ ما فيه ان أميرنا وقائدنا على الناحية الأخرى يرى ان الخطر قادم من الخارج.. وقد حدده سموه تماماً وبوضوح كما حدده في خطابات سابقة.. بينما راح هو يحاول ان يجير حديثه وأن يشده لخدمة أهداف ومآرب.. ويحاول ان يجيره للداخل وأن يوهم الناس بأن ما يقصده سموه هو تآمر داخلي ولكن الحقيقة هي أنك أردت تجييرها ضد مجموعة أنت الذي تختصمها!!.
٭٭٭
من المثير للدهشة ان أميرنا الغالي يبين كيف ان الشعوب تنهشها الصراعات، ونادى بأن نكون صفاً واحداً متعاونين شعارنا مصلحة الكويت فوق كل اعتبار، بينما يأتي رئيس السنن اللا حميدة لكي يقتص من زملائه المستقيلين الذين تركوا له (الجمل بما حمل) وتركوا مناصبهم التي لم يأخذوها بالتزوير أو بشراء الذمم والأصوات أو بالتآمر على الدولة ولكن بإيمان الناس بهم وحملهم الأمانة بالتمثيل!!.
ثم تكون المفاجأة المدهشة هي أنك تأتي بعد ذلك لكي تشكر النواب الحاليين الذين مارسوا كل مظاهر القمع والتسلط على زملائهم في المجلس ومارسوا التجني عليهم الى أبعد حد ممكن، وتلفظوا بأسوأ الألفاظ على زملائهم وتقول أنت إنهم (وقفوا بجرأة وبشجاعة أمام الممارسات التي أساءت عمداً استخدام الأدوات الرقابية وتعسفوا بها!!).
٭٭٭
وتستكمل أطروحاتك قائلاً بأن زملاءك قد (أعادوا الاعتبار للحقوق الدستورية التي شرعها المؤسسون الأوائل وساهموا في اصلاح الأعوجاج لأدوات الابتزاز والضغط السياسي!!!).
من صجك هذا الكلام؟!.
انه والله لأمر مخجل ان تعتبر وأنت رئيس لمجلس الأمة أن من يريد ان يمارس حقه الدستوري يجب ان تطلق عليه كل هذه العبارات (صدقني اذا قلت لك انك لست الا رئيسا موغور الصدر.. بل محروق!!).
ثم كيف تجرؤ على ان تقول ان هذا المجلس (رسخ مبادئ المشرعين الأوائل)؟!.
انها بالفعل مهزلة وأنا أشفق على النواب لدى سماعهم هذا الكلام الكبير!!.
أنت متأكد حقاً وصدقاً أسألك بصدق وأمانة هل انهم رسخوا المبادئ؟!.
٭٭٭
«الشكوى لله».. هذا أقل تعبير على هذه الجمل الرنانة وليتها رنانة وحسب بل انها تحمل معاني مضادة ومخالفة للمنطوق السامي لحضرة صاحب السمو!!.
الأسئلة التي تطرح نفسها الآن هي: هل تعتقد ان أعمال المجالس منفصلة عن بعضها.. حتى انك تباهي بأن المجلس اليوم يملك ترسانة من القوانين تحتاج الى التطبيق فقط، والحقيقة التي تتجاهلها هي ان أغلب القوانين دائماً ما تكون امتداداً لجهود وأعمال المجالس السابقة، لذلك فحينما تباهي هذه المباهاة بانجاز المجلس فهي غير مقنعة لأحد، ولن تغطي على الواقع المر الأليم وهو ان هذا المجلس وبفضلك أنت وبما اقترفته يداك قد وصم بالكثير من السخط بين الناس!!.
٭٭٭
السؤال الآخر الذي يطرح نفسه هو أين مجلسك هذا من «الرقابة» وهي القضية الأساسية في العمل البرلماني والتي جردت المجلس من كل أدواته الرقابية؟!.
أين حق الكويت في محاسبة من أسرع بليل أظلم ومن دون ان يسمع نصائح أحد ليدفع غرامة «الداو»؟!.
أين هذا الملف الذي طوي مع النسيان ودفنت الحقيقة معه؟ أين دور الحكومة والتي وعدت بتحويل هذا الملف الى النيابة أين؟! وماذا فعلتم أنتم يا مجلس «السنن»؟.
2 مليار دولار (يعلها زقوم!!!!) راحت ملح دون ان يحاسب أحد.. ذهبت من قوت عيالنا ومستقبل أجيالنا لكنني لا ألومك ولا ألوم وزير الدولة في شيء.. فعندما ترتبط السياسة بالتجارة يجب ان تتوقع كل شيء!!.
٭٭٭
وبالفعل كلنا تابعنا هذا الملف تحديداً.. لأنه أدمى قلوب كل الشرفاء والغيورين، ووجدنا أنه لم يلق من رقابة المجلس أي اهتمام أو دور، وكان هذا ومع سبق الاصرار والترصد!!.
دعني أسألك أيضاً أين أنت من فضيحة استاد جابر؟! أين رقابتكم كمجلس على مبنى مجلس الأمة نفسه الذي تم التلاعب به؟!!! أين أنتم من الرقابة على خطة التنمية التي أكد جميع المراقبين أنها فشلت!!.
اسمحلي أواجهك بحقيقة مجلسك بأنه (مجلس صوري) لايجرؤ ان يراقب واذا راقب فهو لا يعلم شيئاً عن الأولويات ولا يستوعب هموم الناس وكل ما اهتم به وقام فيه هو توزيع الأحلام على البائسين، وتوزيع المناصب والكوتا على النواب المحظوظين (!!!) أما واقع الحال فيقول ان هذا المجلس أصبح الوزير (السابع عشر) في حكومة سمو الرئيس (صحتين على قلبه) وقلب أتباعه!!.
٭٭٭
حدث هذا في الحقيقة عن عمد ومع سبق الاصرار..
نعم.. وليس هذا فحسب، فهذا المجلس الذي تباهي به يا رئيس «السنن اللاحميدة» شهد تكميماً للأفواه وضرباً للوحدة الوطنية وسحباً لجناسي وتشريدا لعوائل من دون ذنب وكما ان المال العام أصبح مطية لكل مرتزق وشبيح!!.
ودعني هنا وأنا أختتم مقالي ان أتذكر وأذكرك بحكمة نابليون التي تقول: «أني لا أنتظر فعل الشرير لكي أعرف أنه شرير، ولكني أقرأه في لحظة ومن أول نظره»!!.
٭٭٭
كلمة أخيرة..
دائماً كانت رؤيتي ان من يرتضي ان يكون المال معشوقه وسيده هو من أسفل خلق الله، وهذا ما يتجسد في كل من سّن علينا (نابه وبذاءاته)!!.
فبأم أعيننا رأينا كيف كان تأثير صرير قلم صادق نابع من مصلحة وطن، وكيف تجيش له (المشانق اللفظية) وتنبري حوله أصوات نعيق (البوم) وتلتف حوله الثعابين من كل حدبً وصوب!!!!
فما هو القصد من كل هذا؟؟؟؟
القصد هو اسكات وارهاب كل صوت ينطق بالحق،، فهم لا تكفيهم وسائل الأعلام كلها التي أصبحت رهينة لمخططاتهم وغاب عنها (الرأي الآخر) ولأنهم يعلمون جيداً بأنهم جميعاً مدفوعو الثمن، لذلك فان صرير هذا القلم قد فتح نافذة للقارئ بأن يكتشف مالا يريدون أو يعلمون ما هي أبعاد مخططاتهم فكل هذا المجهود الذي بذل مهدد بالنسف والطريق الذي رصف على مدى شهور مهدد بالاحتراق لذلك كان متوقعا منهم هذه الحملة المشينة والتي بدأت عليه منذ فجر الجمعة عبر تويتر،،، فلكل شيء ثمن!!.
.. والعبرة لمن يتعظ!!.