منى العياف ـ ماذا يدبر بليل .. “للمغردين”!؟

ما الذي يدور خلف الكواليس؟
ما الذي يدبر بالليل؟ ماذا يدور في أذهان السلطتين في البلاد؟!
أتراهم مشغولين بعجلة الانتاج أم بدفع جهود التنمية أم باقرار أو بتفعيل القوانين الداعمة للاقتصاد؟ لا.. بل لبحث ما يدور على وسائل التواصل الاجتماعي!
فقد عقد وزير الاعلام ورئيس مجلس الأمة يوم الأربعاء الأول من اكتوبر اجتماعاً عنونت عليه صحيفة «النهار» قائلة انهما بحثا في ما يجري على مواقع التواصل الاجتماعي (تويتر) من فوضى.. ويقول المصدر الذي تحدث للصحيفة عن الاجتماع ان الوزير طلب من رئيس المجلس تزويده «بمرئيات» النواب تجاه وزارة الاعلام، وأبرزها ما يتعلق بمسألة تدارك ما يجري من فوضى واسفاف في وسائل التواصل قد تؤدي الى تمزيق وحدة المجتمع، حيث يرى الوزير ان الإقليم يمر بمرحلة حرجة وأن الملائم وجود تشريع واضح لتلك الوسائل ويضع حداً ويجرم الاساءات والتعديات ونشر الكراهية بين فئات المجتمع وحتى يعرف الجميع حدودهم.. الخ الخبر!
٭٭٭
ماذا يرجى بالضبط؟ وهل نحن بازاء مرحلة جديدة من اسكات الأصوات وتكميم الأفواه واخراس المعارضة؟ فالذي أعلن أمس ايضاً يراكم ويصب في هذا الاتجاه.. فقد نشرت الصحف الصادرة امس تأكيداً على لسان وزير الاعلام يقول ان قانون الاعلام الالكتروني في مراحله النهائية وسيتم تقديمه لمجلس الأمة قريباً!
ما شاء الله عليك يا وزير (عيني عليك باردة) ففي أقل من أسبوع اعددت وجهزت وانهيت مشروع القانون الذي سوف يوقف الفوضى الحادثة على «تويتر»!
ما شاء الله.. ما شاء الله.. جهد دؤوب ومضاعف ومشكور لتلبية طلبات دولة الرئيس، الذي فيما يبدو انه مستاء جداً من تواصل الناس على مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة موقع «تويتر» ويريد ان يقصف هذا التواصل بسرعة فهو لا يتحمل أي نقد يوجه له خاصة انه لا يتوانى لحظة عن رفع قضايا على أي مغرد او كاتب أو على صاحب حساب يسيء اليه.. يبدو بالفعل ان دولة الرئيس حانق بالفعل على المغردين.. ولا يتحمل رأياً للآخرين المخالفين له ويبدو من ظاهر الجلسات التي تعقد في العلن أو في الكواليس انه هو من يدفع وبقوة نحو اقرار قانون يكبح جماح المغردين!
٭٭٭
فما استجابة وزير الاعلام (…) الا تنفيذ لرغبته واشفاء لغليله وتنفيس عن سخط دولة الرئيس الذي لديه أكثر من 30 حسابا وهميا على «تويتر» يطلقون باستمرار تغريداته التي يوجههم اليها في وقت واحد والتي تحمل جملة واحدة تؤكد وتشيد بانجازاته العظيمة وخدماته الجليلة التي يقدمها للبلد!
ومن الغريب ان رئيس مجلس الأمة يقدم على مثل هذه الأمور، من رفض للنقد ومحاسبة منتقديه وملاحقتهم.. ويبدى كل الذين لا يملكون سلاحاً ولا قنابل ولا مولوتوفاً.. فما ضيره لو اتسع صدره وتقبل الرأي والراي الآخر؟! لماذا هذه السلاسل والقيود الحديدة وبأكثر مما هو موجود لدينا من قوانين.. نعم نؤمن بحرية الرأي من دون اسفاف ولدينا قضاء نعتبره الملجأ والملاذ لنا جميعاً، وهو من يحدد سقف الحرية المباحة، فالقانون هو المعيار المناسب الذي يحدد ما اذا كان هناك مساس بثوابت الدولة أو بالاخرين، فلماذا لا تحتكم الى هذا القانون؟ ولماذا تأتي لنا بقانون جديد وتدفع به بالقوة وتسهل اقراره للتضييق على المغردين؟ انها والله لمصيبة!!
٭٭٭
مجلس الأمة الذي يفترض به ان يعبر عن الشعب ويكون صوته ويدافع عن حريات الناس ومصالحهم يتحول عن هذا المبدأ ليصبح «مطية» في أيدي رئيسه ويتغير دوره فيصبح هو اليد التي تهوى على المواطن وتكبله، الا يكفينا القانون سيئ الذكر الخاص بالمرئي والمسموع، والذي تجرعنا جميعاً من سمومه، حتى تأتي انت اليوم لتصنع لنا قيوداً واصفاداً جديدة وتنشئ سجوناً أخرى تضعنا فيها؟ ألا يكفي هؤلاء الشباب الذين في السجون اليوم نتيجة تغريدات نشروها وكلفتهم حرياتهم، ألا يكفي؟ ألا يكفي تقارير بعض المؤسسات المختصة برصد مؤشر الحريات الاعلامية عنا والتي أظهرت تراجعنا في هذا المؤشر، مما ادى الى خفض مرتبة الكويت في مؤشر الحريات؟!
٭٭٭
نحن نؤمن بحرية الرأي ونحمد الله ان لدينا قضاءً لديه قدر من النزاهة وقدر من الفرز والحكمة لاصدار الأحكام المعبرة عن ضمير الشعب.. المحصنة للأمة ويستطيع ان يميز في أحكامه بين ادانة وتبرئة المتهمين عبر اجراء تحقيق عادل لتبيان ما اذا كانوا قد أساءوا الى أشخاص او مسؤولين في الدولة.. فالقضاء وحده هو من يستطيع فرز الأقوال المبهمة، وهناك قولاً والأخرى المباشرة والواقعة بين هذا وذاك تختلف وهكذا يجد لها التكييف القضائي المناسب!!
٭٭٭
ان كاتبة هذا المقال تعرضت لكثير من التشهير من جانب بعض المغردين لدرجة انهم زوجوني من أشخاص لا اعرفهم وشككوا في ذمتي المالية وغيرها من الأكاذيب والهرطقات، ولكن لم اهتم لها لانني متأكدة انها حسابات وهمية، فأنا اكتب وانتقد والاخرون لهم الحق في الرد علي بالحجة ودون تجريح، وسألجأ الى القضاء عندما اعلم يقيناً من هم أصحاب هذه الحسابات، لكن ان اوافق على سن قانون نعرف أهدافه على الرغم من تضرري منهم وبقوة.. فهذا غير ممكن وغير مقبول!!
يكفيك يا وزير الاعلام قانون الاعلام الموحد سيئ الذكر، والذي اجتمعت ضده كل الصحف وكذلك المجلس المبطل الثاني وتكونت ضده جبهة صلبة حتى تراجع رئيس الوزراء تماماً عن تقديمه!! ألا يكفي ذلك؟! ام انك ترى اليوم ان الوضع تغير وان رئاسة المجلس هي من تريد ذلك، ايضاً كما تريد انت؟ ولذلك فانها هي التي ستمهد الأرضية لإقراره!
٭٭٭
«بوصباح» أهمس في أذنك بألا تزيد صحيفتك العملية نقاطاً سوداء من أجل الآخرين ويجب ان تتأكد ان التاريخ لن يرحمك!.
يا دولة الرئيس.. يبدو ان الحسابات التي تتناول شخصك اتعبتك في نهاية المطاف.. لكن ماذا وهناك حسابات شخصية يتطاولون علينا من حسابات دائماً تشيد بك وبانجازاتك، فعليك ان تقف قليلاً وتتذكر كم استفدت انت شخصياً من الهجوم المباشر الموجه لخصومك، فهل كان التطاول على الآخرين آنذاك حلالاً مثلاً، اما اليوم فأصبح حراماً؟!
ألا يكفي ان كل الصحف والتلفزيونات معك «الله يتمم عليكم من فضله» فهل ضاقت بك الحال لسماع الرآي الآخر من مغردين بسطاء هي أداة لهم للتعبير، ولتعلم ان فرض الرقابة الالكترونية امر مسيء للبلد وتظهر رسمياً أننا بلد معادٍ للديموقراطية والحرية وأننا دولة نمارس تكميم الآفواه، وهذا ضد حقوق الانسان.. فضلاً عن ان المغردين في الآونة الأخيرة يحاسبون ويدفعون الغرامات!!
وأحياناً بقرارات مزاجية كما يحدث في مسألة «الجناسي» لذلك ادعوك الى التخلي عنها، اما اذا كنت ترى ان تكبيل المغردين سيكون احد انجازاتك، فتوكل على الله.
.. والعبرة لمن يتعظ!!