منى العياف ـ تعالوا .. نتحاسب !

يقول الله تعالى في محكم كتابه {..ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فانه آثم قلبه والله بما تعملون عليم} صدق الله العظيم (سورة البقرة).
في فبراير 2013 نظرت محكمة الجنايات في قضية أمن دولة أتهم فيها النائب السابق مسلم البراك بالاساءة للذات الأميرية.. وطلبت هيئة الدفاع عن «البراك» حضور رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك، للاستماع الى شهادته حيث قال «مسلم» كلاماً عن لسان (جابر المبارك) أنه قال له: «ليس بيدي أي شيء وعليكم ان تتوجهوا لسمو الأمير وأن مرسوم الصوت الواحد لصالح الشيخ ناصر المحمد وجاسم الخرافي».. كلام خطير ومفاجئ ولم يتم تكذيبه!.. ثم طالب الدفاع ايضاً بالاستماع الى شهادة عدد من النواب السابقين وهم جمعان الحربش وبدر الداهوم وعادل الدمخي، بهذا الشأن!!.
٭٭٭
وفي مارس 2013 عاد مسلم البراك لينقل كلاماً آخر على لسان رئيس الوزراء مرة اخرى، مؤكداً به ما سبق ان قاله له في فبراير وهو: «ان قانون الصوت الواحد ليس من مصلحته الشخصية ويعتبر دماراً للبلد»!!.
وفي ابريل 2014.. قال «البراك» أيضاً وهو خارج من قصر العدل رداً على سؤال حول سبب اشتراطه حضور رئيس الوزراء للشهادة، فقال: «لأن الشيخ جابر قال ألا شأن له بمرسوم الصوت الواحد وانه لا يؤيده وان اردتم فاذهبوا الى سمو الأمير».
٭٭٭
وفي الجلسة الأخيرة للمحكمة التي عقدت في مايو 2014 استمعت هيئة المحكمة للنواب السابقين «الداهوم» و«الحربش» و«الدمخي»، فأدلوا بشهادتهم وقالوا: «ان الكتلة قابلت سمو رئيس مجلس الوزراء خلال شهر رمضان 2012 حيث حذرته من تعديل النظام الانتخابي».. فرد قائلاً: «التعديل يضرني ولا أقبله وهو من مصلحة خصومي لأنهم سيدفعون أموالاً وينجحون نواباً يسيطرون على المجلس ويهاجمونني ويزيحونني»، وأضاف «الداهوم» في شهادته: «قلنا للمبارك أنت رئيس الحكومة والمسؤول عن تعديل النظام الانتخابي»، فرد: «لا أملك شيئاً فكل شيء بيد المراجع العليا»، وعليه قام «البراك» بتوجيه الخطاب لسمو الأمير!.
٭٭٭
انتهى الكلام.. أقصد رفعت الأقلام وجفت الصحف، اليوم «لابد من ان نتحاسب» فلن نقبل ان نكون كمن يصارع طواحين الهواء والأهواء، ففي ذلك التاريخ وعندما «كادت ان تضيع» كنا نحن مع المخلصين من أبناء هذا الوطن في المقدمة بأقلامنا وأعصابنا، وبجهودنا التي أستمرت وتواصلت ليل ونهار ندافع فيها عن وطن كان قاب قوسين او ادنى من الضياع!!.
كنا آنذاك «متشككين» في الحكومة، وقد كتبنا عدة مقالات في عام 2012، تساءلنا فيها، أين الحكومة وما موقفها من خطابات النواب السابقين؟ لم تكن هناك أصلاً حكومة برئاسة سمو الشيخ جابر المبارك، كانت حكومة اسمية.. شكلية فقط.. لا وجود لها في الواقع.. كانت حكومة تتفرج على هؤلاء وهم يتطاولون على المقام السامي!!.
من نلوم اليوم ومن هو المسؤول؟! هذا هو أخطر سؤال يجب ان نوجهه اليوم؟! ويجب ان نجد له اجابة!.
٭٭٭
بعد شهادة النواب السابقين وحلفهم اليمين أمام المحكمة وفضحهم لما دار من حديث مع رئيس الحكومة آنذاك، فانهم كشفوا لنا كم كنا «محقين» في «تخوفنا» و«تشككنا» بهذه الحكومة ورئيسها، كانوا في وادي وكنا في وادٍ آخر!! كنا نحن نتلقى الضربات من كل صوب، وكانوا في مأمن تام.. الرئيس وأركان حكومته ومعه جماعة التحالف «اللاوطني»، كانت القيادة العليا وأبناء الوطن المخلصين في جانب من المواجهة، بينما كان رئيس الحكومة وجماعته في الجانب الآخر ينتظرون حصد الغنائم وقد حصدوها بالفعل؟! من الذي نلوم اليوم؟ هل نلوم المعارضة بسبب ممارساتها الاقصائية في المجلس المبطل الأول؟ أو ان نلوم الحكومة بسبب أخطائها الاجرائية التي ارتكبتها، فقد ترتب على هذه الأخطاء «حل» المجلس، ثم تغيير الأربعة أصوات بمرسوم ضرورة الى صوت واحد على الرغم من قناعتنا بأنه كان الأسلم للعدالة في التمثيل ولمعالجة الكثير من الأمراض وأيضاً لأن الصوت الواحد يعبر عن الارادة الحقيقية للناخب.. ولكن كل هذا حدث في ظل وجود علاقة «خفية» بين رئيس الحكومة والمعارضة ونحن (يا غافلين لكم الله!!) وما عرفناه من خلال شهادات موثقة ومحكمة من أحاديث متوقعة الحدوث، جرت بين رئيس الحكومة وأقطاب المعارضة.. فبماذا نعزي أنفسنا اذا كانت تلك هي الحقيقة فنحن في جبهة وهم في جبهة اخرى.. نحن مع الوطن وهم مع غنائمهم وكراسيهم ومصالحهم! نحن نتلقى السهام الموجعة وهم يحصدون السلطة والمال ومقدرات البلد!.
٭٭٭
لتسمحوا لي حان الآن وقت الحساب.. «تعالوا لنتحاسب.. فبعد كل ما قيل أيهما نصدق؟ من حلف اليمين أمام القضاء وبشهود.. أم من قام بالسفر فجأة أثناء الشهادة، وقام بزيارة خاصة الى ألمانيا؟ ومن الغريب ان يتم الغاء الكثير من الترتيبات الرسمية نتيجة لسفره المفاجئ هذا.. ولا أدري ماذا نسميه.. ولكنه غادر يوم السبت بينما كانت شهادة الشهود تتم يوم الاثنين أمام الرأي العام فأي مصادفة غريبة هذه؟!.
الشق عود والكلام الذي ذكر يزيدنا تحسراً على صراع الكراسي بين (الشيخ ناصر والشيخ جابر) ومن يدورون في فلكهم.. والوطن يدفع الثمن!!.
٭٭٭
أعود الآن على سؤالي المستحق: من الذي نلوم الآن؟ هل نلوم خطاب المعارضة غير المقبول الذي تسبب آنذاك في كل ما ترتب عليه من تجاوز لخطوط حمراء وانشقاق وفرقة بين أبناء الشعب الواحد؟ أم نلوم هذين الشيخين المتصارعين منذ سنوات، أم نلوم تلك القوى الانتهازية التي ساعدت هذين الطرفين من أجل مكاسبهما الخاصة؟!.
ام نلوم أنفسنا لأننا كنا يوماً وما زلنا وقوداً لمعركة وطن.. كان فيها اطراف اكبر يستخدموننا لصالحهم؟ هل حقاً كنا ادوات تستخدم ويستغل عشقها لتراب الوطن؟!.
هل تستحق الكويت ان ندفع ثمن هذا الصراع بين قطبين لم يحققا أي تقدم لها، بل هما عنوانان للفشل والتراجع والاخفاق والتردي وعدم الانجاز والفساد ولا لن أقول الذمم.. وانما فساد الأنفس، وأستنزاف رصيد أسرة نكن لها الكثير من الحب والمصير المشترك؟! ألا يكفي هذا؟ ألا نجد من يعلق الجرس؟!.
أخيراً..
أن من دافعوا عن الوطن في السراء والضراء هم اليوم المتهمون بالتآمر عليه!! يا لسخرية القدر.. أعتقد يجب ان يلتف الشعب مع بعضه البعض ويواجه هؤلاء الذين عاثوا في الأرض فساداً.. فقد آن الآوان ان يقول الشعب كلمته!!.
.. والعبرة لمن يتعظ!!.