منى العياف ـ الشباب غاضب .. وإقصاؤه خطر !

عندما تم حل المجلس المبطل الأول، كنا أول من تصدى لـ«المعارضة».. الذين أرادوا الدخول بالكويت في مسارات مرفوضة أخلت بالنظام العام، ولا يقرها الشعب الكويتي فضلاً عن كونها ضد الدستور.
تصدينا لهذا لأننا كنا ندرك أن هناك طرقاً وأساليب عديدة يكفلها الدستور.. ويمكنها ان تحقق للمعارضة أهدافها خاصة أنها تمتلك الأغلبية.. كنا نريد للمعارضة ان تسعى لنيل ثقة الأغلبية وأن تسقط «الصوت الواحد» الذي ترفضه عبر الأداة الدستورية والأطر القانونية، خاصة وأن سمو الأمير أعلن آنذاك تقبله لكل نتائج الاحتكام للأدوات الدستورية.
٭٭٭
من سوء الحظ أن المعارضة أخذتها العزة بالإثم، وتعنتت في مطالبها.. ورفضت المشاركة في هذه العملية، وتتابعت الأحداث والمشاهد المؤسفة التي بدلاً من أن تؤدي بنا الى مسارات غير صحيحة وغير مقبولة من الشعب، كما كانت تريد المعارضة فانها أدخلتنا في النهاية الى كارثة.. بقيادة حكومة فاشلة ادارياً وفكرياً وسياسياً وتخطيطياً.. ولا علاقة لها من قريب أو من بعيد بتحقيق تنمية أو طموحات أمة.. فضلاً عن ذلك فان أسلوبها زاد من حالة الانقسام في المجتمع وزاد عليها حالة التهميش التي عانى منها قطاع عريض من المجتمع هو قطاع الشباب الذي بدا وكأنه وقود كل هذا الصراع.. وانه سيدفع الثمن بفعل الضغوط النفسية التي يمارسها.. والتي أدت الى دخول البعض الى السجن وتارة لأنه وجد نفسه فجأة بعد ذلك خارج إطار المشهد السياسي كله!.
٭٭٭
كان الشباب المحتج المعارض يبحث ولو مرة واحدة عن من يتفهمه داخل اروقة الحكم ودهاليز السلطة.. كان يريد من هؤلاء ان يتفهموا موقفه.. ولماذا كان رفضه ولماذا كان خروجه على قواعد اللعبة السياسية.. وكانت المفاجأة السارة لنا ان سمو الأمير حفظه الله، هو الذي كان يستشعر ما بداخل هؤلاء الشباب من صراع نفسي.. ومن رغبة في اثبات الذات ورغبة في المشاركة.. ورغبة في تفهم أسباب احتجاجه العنيف.. ولأن سمو الأمير ببصيرته الثاقبة أدرك ما يختلج بداخلهم، فإنه كلف الديوان الأميري بالقيام بمبادرة لاستيعاب الشباب الكويتي.. لكي يسمع الناس صوته.. بعد أن خرج بالآلاف وراء المعارضة من أجل هذه الغاية.
فما الذي حدث بعد ذلك؟ لقد رصدت ميزانية بملايين الدنانير ولكنها ضاعت.. مثلما ضاعت القضية الملحة لهؤلاء الشباب.. والتي أدركها صاحب السمو أمير البلاد.. بينما لم يدركها كالعادة القائمون على الأمور!.
٭٭٭
كانت فكرة «الكويت تسمع» ملهمة وضرورية.. بشرط ان يحسن استخدامها، ان تكون لكل الشباب الكويتيين.. وليس لفريق دون آخر.. وليس لانتقاء هؤلاء وأبعاد أولئك!!.
على الرغم من أهمية القضية، وعلى الرغم من ان الهدف كان «الكويت تسمع» إلا ان القضية ضاعت على الرغم من أن سموه سخّر لها كل شيء، لأنه وبكل أسف فإن من أشرفوا عليها هم الذين قاموا بوأدها!!.
أقصوهم عن طريق التواصل مع فئات أخرى.. فتركوا شباب الحراك يفترسهم الغضب مرتين مرة لأنهم في السابق دخل بعضهم السجون ثمناً لتأييد المعارضة ومرة لأنه عندما أرادوا أن تسمع الدولة صوتهم راحت تنصت لغيرهم.. فمزقهم رفض الدولة لهم.. وتجاهلها لوجودهم وأكلهم الحقد والغضب.. على الآخرين الذين ينعمون بكل شيء حتى صوتهم يسمع على الدوام!.
٭٭٭
لقد فشل القائمون على هذا المشروع فشلاً ذريعاً وأقولها بأعلى صوت، والشواهد كثيرة على ذلك، وسوف أبرزها في مقالاتي المقبلة، لكي أكشف لكم كيف أهدرت الملايين، وعلى ماذا أهدرت، وما الذي تحقق، ومن الذي استفاد ومن الذي أقصي وأبعد؟!.
هؤلاء الذين كلفهم سمو الأمير أن يسمعوا.. لم يسمعوا.. استلموا المقدرات ولم يهتموا.. بل اهتموا لأجل آخرين.. ولم يتوقفوا عن خطورة خروج شباب الحراك باعداد تصل الى الآلاف.. حيث عمدوا خلال خروجهم الى تحطيم وتخريب بعض منشآت وطنهم الجميل الذين نعلم يقيناً حبهم له.. لكنهم وجدوا مَن بعض مَن يديرونه جفاءً وتجاهلاً وجهلاً.. بل وقمعاً أحياناً!! كيف حدث هذا؟! أليس الكويت كانت تسمع أم ماذا؟!.
٭٭٭
الآن.. وبعد كل الخسائر والانقسامات بين الشعب ربما يبدو الوضع هادئاً امامكم!! هل تعتقدون يا حكومة انكم انتصرتم؟! أو ان الدولة انتصرت.. وان الكل خسر معاركه.. وأنكم حققتم كل النجاح الذي تريدونه.. باقصاء «المعارض» و«المعارضة»؟! هل تعتقدون أنكم حولتم غضب الشباب الى عمل وإنجاز وحب للدولة؟!.
أعتقد ان النار كامنة تحت الرماد، وفشل الحكومات المتعاقبة على الدولة انما يزيد من حالة الحنق والغضب لدى الشباب، وهم يرون ان من يمثلوهم لا يستطيعون محاسبة من يحولون الوطن الى سلعة يبيعونها ويشترونها بالأسعار المناسبة!.
وأي عاقل هذا الذي يتصور ان سيطرة تجار السياسة على كل المناقصات المتداولة، والتي بات معروفاً انها تقتصر على «عوائل» بعينها، دون باقي الشعب الكويتي، يمكن ان تمر هكذا من دون ان تشعل النار في الصدور وتحرق قلوب الشباب الغاضب أصلاً على الوطن.. ومن القائمين على الوطن الذين فشلوا في الإنجاز.. والادارة وكل شيء!!.
٭٭٭
لماذا لا نتعلم من تجارب الدول الأخرى ونتوقف عندها قليلاً لنرى كيف ان هذه الدول استطاعت ان تستوعب شبابها ومعارضيها ومخالفيها.
ان قوام الدول يجب ان يتشكل من الكل حتى لو كان فكراً أيديولوجياً فيجب استيعابه واعطاؤه المساحة للتعبير دون ان يمسّ بالأمن العام للدولة، ولكن ان تترك الأمور كما نعيشها في الكويت فهذا خطر داهم، لأن لحمتنا الداخلية هي عمودنا الفقري الذي نتمسك به في كل المحن.
وقد كان الغزو العراقي الغاشم شاهداً على ذلك.. ومن ثم وجب ان يتم استيعاب هؤلاء الشباب لكي يشعروا بانتمائهم الحقيقي للدولة في وجود الحريات والبعد عن المحسوبيات والحلول الأمنية في وجود نظام قضائي يشعر فيه الجميع بعدالته وأنهم في أمان تحت مظلته.
الأمثلة من حولنا عديدة.. للدول التي نجحت في تجاربها في استيعاب أطيافها السياسية المتنوعة واستيعاب أفكار التطرف الديني الايديولوجي عند الكثيرين، وغداً للحديث بقية.
.. والعبرة لمن يتعظ!!.