مقتل القذافي نقطة تحول في حياة ليبيا.

تحديات صعبـة أمـام ليبيا بعد عـام مـن مـقـتــل القذافي

مقتل القذافي نقطة تحول في حياة ليبيا.
مقتل القذافي نقطة تحول في حياة ليبيا.

قبل عام من الآن احتفل الشعب الليبي بمقتل الديكتاتور الليبي معمر القذافي، وكتبت عندها انه على الرغم من جسامة التحديات، فإن مستقبل البلاد كان في الحقيقة جيداً. وكان الشعب الليبي الصغير العدد، الذي يتمتع بتعليم جيد نسبياً، ويملك ثروة ضخمة من النفط، متقدماً على جيرانه المصريين، الذين تعين عليهم انجاز مرحلتهم الانتقالية في ظل وضع اقتصادي صعب.

ولم يكن طريق ليبيا سهلاً، لكن مسارها منذ مقتل القذافي واجه اسوأ التحديات من الفوضى والحرب الأهلية. وأشرف المجلس الوطني الانتقالي، الذي يترأسه محمود جبريل، على المرحلة الانتقالية الأولى، التي كانت تهدف الى جمع كل الفرقاء الليبيين الى طاولة المفاوضات، وإصدار قانون انتخابي وعقد انتخابات ناجحة في السابع من يوليو. وعلى الرغم من الكثير من القلق الأمني تنافس نحو 3700 مرشح على 200 مقعد برلماني وسط بيئة تحفها ادنى معدلات العنف.

وكانت نسبة المشاركين في الانتخابات مرتفعة جدا وسط 18مليون ليبي كانوا مسجلين للتصويت في اول انتخابات من نوعها في ليبيا منذ عام .1965 وعلى الرغم من اكتساح الإسلاميين الانتخابات في كل من مصر وتونس، الا ان العلمانيين في ليبيا حققوا نتائج جيدة، حيث حقق ائتلاف القوى الوطنية 39 مقعداً من اصل المقاعد.

واصبحت هناك براعم مجتمع مدني في بلد لم يشهد ذلك منذ عقود عدة، في حين تشكلت العشرات من المنظمات الجديدة التي تركز على قضايا مثل بناء الديمقراطية، وحماية البيئة وحقوق المرأة خلال العام المنصرم. ولعبت بعض الجماعات دوراً مهماً في الدفاع عن حصة النساء في القانون الانتخابي. ونتيجة لذلك فازت النساء بـ33 من مجموع المقاعد البالغ 200 مقعد.

ويشارك الليبيون بآرائهم في مسودة الدستور من خلال موقع المجلس وخط هاتفي، ومن خلال الاعلام الاجتماعي. وانتقل الليبيون من حالة الحظر لممارسة اي نوع من النشاطات المنظمة خارج شبكة سلطة القذافي، الى تشكيل حوار مدني في غضون اشهر قليلة.

ولكن ليبيا تواجه تحديات عميقة، واكثرها وضوحاً الناجم عن الميليشيات المسلحة، التي لاتزال تسيطر على اجزاء من الدولة. وتتمسك بعض هذه الميلشيات بالأيديولوجيات الجهادية الراديكالية. ويعتبر الهجوم على القنصلية الأميركية في مدينة بنغازي حيث قتل اربعة من الأميركيين، بمن فيهم السفير كريس ستيفنز، شاهداً ساطعاً على الخطر الذي تشكله هذه الميليشيات المسلحة، اضافة الى المتطرفين. وأسهم عجز الحكومة عن جلب هذه الميليشيات تحت سيطرتها الى وجود هذه البيئة من انعدام القانون.

ويتم تأجيج العنف في ليبيا من قبل القبائل المتنافسة بشدة. وخلال الأسابيع القليلة الماضية تقاتلت الميليشيات المتنافسة للسيطرة على بلدة بني وليد من الموالين للقذافي وفي بعض الأماكن، ومنحت الميليشيات حرية التصرف من قبل الحكومة التي لا تستطيع فرض الأمن. ويبدو ان سيطرة الأسلحة، التي تم نهب بعضها من ترسانة القذافي، يجعل الأمور في حالة تدهور مستمرة.

وبعد وقوع هجوم بنغازي اعرب الآلاف من الليبيين عن احتجاجهم على بروز سلطة الميليشيات، مطالبين الحكومة بنزع اسلحتها. وبلا ريب انها نقطة مهمة في المرحلة الانتقالية في ليبيا، وهي اللحظة التي يجب على الحكومة خلالها السيطرة على الميليشيات والا ستزداد قوة بحيث يصعب استيعابها.

ومن الواضح ان التحدي التالي من حيث الخطورة الذي سيواجهه الليبيون الآن هو كتابة الدستور الجديد، الذي وضع له جدول زمني طموح، وربما يكون مستحيلاً، لإنجاز مسودته، تبلغ 60 يوماً منذ الاجتماع الأول للجنة الدستورية. وتحتاج الدولة الى الوقت من اجل مناقشة القضايا الكبيرة، وعلى رأسها المجتمع المدني. وكما هي الحال في مصر وتونس فإن الدين يظل هو القضية الأساسية في الدستور. وتقوم جماعات عدة الآن بالضغط لجعل الإسلام هو مصدر التشريع في الدولة، في حين ان اخرين يحاولون تحديد دور الدين.

وستكون قضية تقسيم السلطة بين الحكومة المركزية والمناطق قضية مهمة تحتاج الى حل، خصوصاً ان موارد نفطية مهمة اصبحت على المحك، ويخشى الليبيون سيناريو حرب اهلية، بين المناطق الأهلية في ليبيا، التي تذكر بمأساة العراق.