مشاري الحمد ـ المواطن الشريف .. ” سين ” !

لو تمعّنا جيدا لوجدنا أنه ليس هناك أصلا مشكلة، لكونها جميعها مرتبطة بالاساسيات الحياتية الطبيعية.

يا قارئين، يا كرام.. صلوا على خير الأنام، سأحكي لكم اليوم قصة «سين»..

«سين» قرر أن يكون همه الانشغال برزقه وتربية أولاده، وليس له لا بخلاف الساسة ولا بخلاف أهل الرياضة، وحتى مشاكل الفنانين «طارق وهيونة» لا يتابعها، بل شخص جميل النفس يخرج من بيته صباحا مستمعا لدعاء الصباح، ومن ثم يستمع لفيروز ويصل الى عمله، يشرب الشاي الأخضر، ويبدأ في خدمة المواطنين، مبتسماً حتى آخر ساعات العمل، يرجع «سين» من عمله يتناول وجبة الغداء، ينام قليلا ويصحى ليمارس رياضة المشي قليلا، بعد أن انتصف عمره بالاربعينات، وأحس انه يجب ان يهتم بصحته.

المواطن الشريف «سين» قرر يوماً كتابة مشاكله في ورقة، ووجد القائمة التالية، هو اليوم لا يملك منزلا بعد ثماني عشرة سنة من الزواج، وهو كل خمس سنوات تقريباً يقوم بتغيير منزله، ليسكن بالايجار، ووضع نجمة على هذه المشكلة، ليفسرها أسفل الورقة، وعند تفسيرها وجد حلها ليس بيده، وليس بيد ابن جيرانه، لكن بيد الحكومة التي لا تضع الثواب والعقاب لكل من يتأخر في حل مشكلة المواطن «سين» وأمثاله، أما المشكلة الثانية، فهي أن الكهرباء لا يستطيع دفعها لمنزل العائلة، لكونها تراكمت كثيرا، ووصلت الى مبلغ خيالي، ويعيش هاجس الخوف من أن تأتي ــ يوما ما ــ الحكومة وتقرر استقطاع مبلغ مالي من راتبه هو أساسا يحتاجه، لكون الراتب لا يكفي مستلزمات الاولاد والمنزل، وتمنى لو كانت الحكومة قد وضعت عدادات في المنازل تتم تعبئتها وتتم اعادة هيكلة فواتير الكهرباء من الصفر، المشكلة الثالثة التعليم، كتبها والدموع تغرق عينيه، فهو لم يتمنَّ يوما أن ينقل ابنه «صاد» الى مدرسة خاصة، ولكن كل ذلك بسبب مزاجية بعض المدرسين، التي وصلت بأحدهم أن يكتب رقم هاتفه النقال على اللوحة ليقول للتلاميذ «اللي عاوز أديله دروس خصوصية يخلي باباه يتصل فيني».. ماشي يا عم أرخميدس!

أشاهد مشاكل «سين» وأجدها بالأصل ليست مشاكل، أمور حلها بسيط، ولو جلست في أي دولة أقل منك موردا ماليا، وأكثر منك تعدادا، لوجدت أنها ليست مشاكل، والنظام يسير فيها بشكل محترم. فالتعليم جيد والمساكن متوافرة بأسعار معقولة، والكهرباء منتظمة لا تنقطع، والفواتير فوق ذلك مدفوعة.

ولو تمعنا جيدا فسنجد أنه ليس هناك أصلا مشكلة في ما قال «سين»، لكونها جميعها مرتبطة بالاساسيات الحياتية الطبيعية، لكن يبدو أن «سين» عليه الانتظار، لكون المسألة عايمة والحظ أوقعه في وقت «فيه الناس نفسها شويتين مسدودة عن العمل»!.. ودمتم.

• نكشة قلم

«سين» يحلم بأن يرى يوما ما مقاولاً لم يسلم مشروعه في وقته المحدد أن يعاقب، أو تجار اغذية فاسدة تم سجنهم.. أو على الأقل مدرس ابنه الذي يركض وراء الدروس الخصوصية، يتم تحويله إلى التحقيق !