محمد السبتي ـ النقاب .. هل يقطع الانساب !!

لست هنا في طور النقاش الديني عن ما اذا كان النقاب واجباً على المرأة أو مستحباً أو كان بدعة في الدين أو حتى عادة اجتماعية أخذت الطابع الديني بسبب الممارسة الاجتماعية.. ليس هذا محل نقاشنا أبداً.. لكن ما نطرحه مسألة فكرية تحتاج الى التمعن لنعرف كيف ان كثيرا من الأفكار الدينية التي ينادي بها البعض دون أي تمحيص أو تدقيق تكاد تكون مما يفتن الناس بدينهم كما ذكرنا سلفاً عن الحجاب.
– لو سلمنا جدلاً – كما يرى البعض – ان النقاب واجب على المرأة أو أنه مستحب ومطلوب منها ان تغطي وجهها.. ولو فرضنا جدلاً أيضاً ان مجتمعاً من المجتمعات كله آمن بهذه الفكرة واقتنع بهذا الرأي الديني ورغب في تطبيقه التزاماً بأوامر الشرع – كما ينادي هؤلاء ويدعون – فان هذا يعني ان المرأة أو البنت ما ان تبلغ سن الحلم حتى تقوم بالالتزام باللباس الشرعي وتقوم تلقائياً بتغطية وجهها والالتزام بالنقاب الشرعي!! ومطلوب من كل البنات حال البلوغ ان يفعلن هذا!!
– ان لازم هذا ومؤداه والنتيجة المتحتمة بالضرورة واللزوم ان الشخص في هذا المجتمع الافتراضي الذي ينادون به لا يعرف بنات خالته ولا بنات عمه ولا يعرف زوجات اخوته ولا اخوات زوجته ولا أحداً من قريباته أبداً.. لا يعرف وجوههن ولا أشكالهن وملامحهن.. وبطبيعة الحال هو لا يعرف وجه أي امرأة في المجتمع ولا ملامح شكلها!! ولو حدث أي طارئ لأي امرأة من أقاربه فهو لا يعرفها ولا يفرق بينها وبين أي امرأة أخرى حتى لو كانت زوجة أخيه أو ابنة عمه أو خاله!!
– هل يعقل ان تكون هذه سمة المجتمع المسلم الذي ينادي به هؤلاء!! وهل يعقل ان تكون هذه طبيعة المجتمعات المسلمة في الزمن الأول أو الأزمان الذي تلته!! وهل يعقل ان يكون هذا مراد الشرع!!
– في ظل هذه الصيحات العقيمة والفقه الأعوج يدخل الرجل على أقاربه في زياراته الاجتماعية فتتنقب بنات عمه وخاله وزوجات أخيه واخوات زوجته وقد يتركن المكان على زعم ان هذا هو الدين!! بينما كان أهلنا الأولون وهم أقرب منا للاسلام وأكثر فهماً له والتزاماً به.. كانت المرأة ما ان ترى جارها حتى تبادره بالسلام والاطمئنان عليه وعلى أسرته ذلك فضلاً عن اقاربها وأقارب زوجها وتقوم بخدمة ضيوفها من أهلها وأهل زوجها بلطافة وأدب.. واليوم.. عند البعض.. ان دخلت للزيارة كأنما دخل وحش ضار على الأسرة!!
– النقاب بهذه الصورة التي تنادون بها وفتنتم بها المجتمعات ما هو الا «مقطع للانساب» عازل للاقارب.. تطبيقه لا معقول ولا مقبول.. ولا هو من مقاصد الدين في شيء.
– هذا الكلام ليس ضد الدين أو التدين.. انه محاولة لارشاد العقول الى الفهم الصحيح للدين.. محاولة للابتعاد عن الخلط الواضح بين عادات بعض الناس التي يرغبون بالتمسك بها وبين الدين.. اذ ان كثيرا من عاداتنا أصبحت تأخذ المنحى الديني عند بعضهم حين ادخلوها في الدين وصبغوا عليها صبغته!! محاولة لكسر حاجز الخوف عند الكثير من انتقاد مثل هذه المفاهيم خشية الهجوم غير الواعي.. لسنا ضد الدين والتدين.. لكن هذا ليس من الدين في شيء.