محمد الدلال ـ فوضى سحب الجنسية !

• الملف يتم التعامل معه بصورة انتقائية، لا بصورة شاملة وجذرية.

«الحق قديم، والرجوع إلى الحق أولى من التمادي في الباطل». (عمر بن الخطاب)

الحكومات المتعاقبة تمسّكت بمبدأ السيادة فى التعامل مع ملف الجنسية، فلا يقترب منه احد ولا يناقشها فيه احد ولا يرد قرار منها من احد بما في ذلك القضاء، فأصبحت الحكومة المسؤولة الاولى عن فوضى هذا الملف. فعن طريق بوابة التجنيس «العشوائي» الكبير في الماضي ولاسباب اكثرها سياسي تغيرت سلبا الخريطة السكانية والسياسية في الكويت، وتطور الامر في ملف الجنسية ليكون، أحيانا ربما اداة للمنفعة وكسب الولاء لدى اطراف في السلطتين، فاعطيت لمن لا يستحقها وحرم مستحقون لها، كما تعززت فوضى الجنسية حين استخدمت كوسيلة اعلامية في الخصومة السياسية بالتعريض وربما الاساءة ببعض العوائل والطوائف والقبائل، ناهيك عن التعامل السلبي للحكومة مع ملف «البدون»، ولذا، يعتبر كرة ثلج تهدد الامن الاجتماعي، واخيرا سحبت الحكومة بعض جناسي المواطنين، وتحديداً ربما من بعض خصومها السياسيين.

وفي هذا الشأن، تتمثل الفوضى في غياب جدية تناول الحكومة لملف سحب الجناسي، فالملف في رأينا يتم التعامل معه غالباً بصورة انتقائية لا بصورة شاملة وجذرية، اضافة الى ان التناول يتم عن طريق سحب الجنسية من دون محاسبة الاطراف الحكومية التي تسببت في المنح ابتداءً، والتي تعتبر هي اساس البلاء والفوضى القائمة، والفوضى متحققة في غياب العدالة، فالجنسية تسحب بناء على توصية من وزارة الداخلية من دون علم المتضرر او التحقيق معه ولا يحق له بعد ذلك اللجوء الى القضاء!! والفوضى تمت بتجاوز الدستور الذي يعطي المتضرر ضمانات الدفاع، وهي غير متحققة في حال السحب، وخالفت الحكومة الدستور الذي يعتبر العقوبة شخصية، وبسحب الجنسية من ذوي واهالي المسحوبة جنسيته اصبحت العقوبة جماعية، واهالي المسحوبة جنسيته لا ذنب لهم.

واخيراً، فان الحكومة مطالبة بالرجوع عن فوضى سحب الجناسي، فالرجوع الى الحق فضيلة، والفضيلة بان تتصالح مع الدستور من خلال تعديل قانون الجنسية، باعطاء ضمانات حقوقية للمواطنين، ومن ذلك تمكين المواطنين المتضررين من حق اللجوء الى القضاء، واذا ارادت ان تحقق العدل فعليها ان تقوم بارجاع الجنسية الكويتية لمن سحبت جنسياتهم لاسباب سياسية، مع تعهد بان تتقدم خلال فترة معقولة لمجلس الامة بخطة عمل تتم من خلالها مراجعة ومعالجة اخفاقات ملف الجنسية ككل، وكذلك ايجاد حلول جذرية دستورية وانسانية لمشكلة «البدون».

والى ذلك الحين، فان كل من تورط في فوضى سحب الجناسي او صفق لهذه المخالفة اللادستورية شريك في المخالفة للشرع والدستور واتفاقيات حقوق الانسان.