محللون: تراجع الذهب يعزز فرص الأسهم المحلية في جذب سيولة جديدة

بسبب البيئة الاستثمارية المحفزة وقوة الاقتصاد الإماراتي

محللون: تراجع الذهب يعزز فرص الأسهم المحلية في جذب سيولة جديدة

 

سوق دبي احتل المرتبة الأولى خليجياً في نسبة الصعود.
سوق دبي احتل المرتبة الأولى خليجياً في نسبة الصعود.

قال محللون إنه في حال ما إذا أكدت الفترة المقبلة الاتجاه الهبوطي لسوق الذهب، فسيضطر مستثمرو المنتجات المتداولة في البورصة وصناديق التحوط للبحث عن بدائل، من بينها رفع مخصصاتها للاستثمار في أسواق المنطقة، سواء في الأسهم أو العقارات.

ولفتوا إلى أن قوة الاقتصاد المحلي وزيادة عدد التقارير الدولية التي تتوقع تحقيق معدلات نمو أعلى من المعدلات العالمية يزيد مــن فرص توجه المؤسسات المالية العالمية للاستثمار في أسواق الأسهم والعقــارات الإماراتية، لافتين إلى أن أوضاع البورصات العالمية، وتوافر القوانين المشجعة، والبيئة الاستثمارية التي تعمل وفق المعايير العالمية في الإمارات، تزيد من فرص استثمار تلك الجهات في أسواق الأسهم المحلية.

وأشاروا إلى أن الهبوط الحاد الذي حدث في أسعار الذهب يزيد من الاحتمالات بأن يكون عام ‬2013 هو عام التخارج الكبير من الاستثمارات في المعادن النفيسة والتوجه نحو الأسهم مرة أخرى.

وقالوا إن تسجيل المعدن الأصفر أكبر تراجع منذ ‬30 عاماً، بسبب ما ورد من معلومات عن سعي قبرص إلى بيع احتياطها من الذهب، وانتشــار المخـاوف من سعي بنوك مركزية أخرى في منطقه اليـورو للقيام بإجراء ممــاثل، دعى المضـاربين مثل صنـاديق التحوط المعروفين بميلهم إلى سرعة التصـرف عندما تلـوح التغييرات إلى أن يفقدوا الثقة بشـكل تدريجـي بسـوق الذهب.

تراجع عالمي

مؤشرات إيجابية

قالت المحللة المالية في شركة مباشر للخدمات المالية، ياسمين إبراهيم، إن «من الأخبار الإيجابية المحلية التي تم إعلانها في الأسبوع الماضي، إحصاءات دائرة الأراضي والأملاك في دبي، التي أظهرت أن تصرفات الوحدات السكنية في الإمارة خلال الربع الأول من عام ‬2013، حققت نمواً بنسبة ‬69.6 ٪، من حيث القيمة مقارنة بالربع الأول من عام ‬2012، مسجلة نحو ‬11.87 مليار درهم، عبر ‬8718 إجراء، واستحوذت نسبة البيع منها على ‬85٪»، مؤكدة أن «ذلك يعد مؤشراً إلى انتعاش القطاع العقاري، بعد عودة الثقة به، لاسيما في ظل ارتفاع العائد الاستثماري، واكتمال عدد من المشروعات العقارية، وإطلاق مشروعات جديدة».

وأشارت إلى أن «وكالة (موديز) للتصنيف الائتماني ذكرت أيضاً ان الانتعاش الاقتصادي في دبي سيحفز زيادة الإقراض المصرفي في جميع أنحاء الإمارات خلال العام الجاري، وأن نمو الائتمان في دبي قد تبلغ نسبته ما بين ‬5٪ و‬10٪»،لافتة إلى أنه «في ما يخص أخبار شركات أبو ظبي فقد أظهرت النتائج المالية لبنك الاتحاد الوطني خلال الربع الأول من العام الجاري زيادة أرباحه الصافية بنسبة ‬4.2٪، فضلاً عن سداده كامل قرض الدعم الحكومي بقيمة ‬3.2 مليارات درهم المستحق بنهاية عام ‬2016»، منوهة بأن «الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) أعلنت نتيجة المزايدة العالمية التي طرحتها لـ‬15 قطاعاً بالمياه العميقة بالبحر المتوسط، للبحث عن الغاز والبترول، حيث فاز عدد من الشركات، منها (دانا غاز الإماراتية)».

وتفصيلاً، قالت المحللة المالية في شركة مباشر للخدمات المالية، ياسمين إبراهيم، إن «مؤشر سوق أبوظبي أنهى تعاملات الأسبوع منخفضاً بنسبة ‬1.2٪، كما أنهى المؤشر العام لسوق دبي تعاملات الأسبوع منخفضاً بنسبة ‬1.4٪»، عازية انخفاض المؤشرات المحلية إلى اتجاه المستثمرين للبيع من أجل جني الأرباح في ظل التراجع الحاد لأسواق المال العالمية وأسواق السلع، إذ انخفض الذهب بشكل كبير خلال الأيام الأخيرة، مسجلاً أكبر تراجع منذ ‬30 عاماً».

وسوغت ذلك «بعوامل رئيسة في مقدمتها السياسات النقدية للولايات الأميركية، خصوصاً بعد صدور تصريح من البنك الفيدرالي، يفيد بأن الاقتصاد الأميركي يشهد حالياً نمواً، ولكنه ليس بالكبير، ولهذا لن تكون هناك حاجة إلى اتباع سياسات التيسير الكمي غير مغطاة بالذهب»، لافتة إلى أن «من العوامل الأخرى اتجاه قبرص لبيع احتياطي الذهب لمواجهة أزمتها الحالية، ما أدى إلى زيادة في المعروض من الذهب».

وذكرت إبراهيم، أن «أسواق الأسهم العالمية سجلت تراجعات حادة تأثراً ببيانات ضعيفة أثارت بواعث قلق بشأن توقعات الاقتصاد العالمي، من بينها تعثر التعافي الاقتصادي بالصين على نحو غير متوقع بالربع الأول من العام الجاري».

واستطردت: «هذا بالإضافة إلى انخفاض مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة الشهر الماضي على غير المتوقع، وكذا تباطؤ نمو الناتج الصناعي في الشهر نفسه والتراجع الحاد لثقة المستثمرين الألمان في ابريل الجاري»، مشيرة إلى أن «صندوق النقد الدولي قلص توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي خلال العامين الحالي والمقبل، بسبب الانخفاض الحاد في الإنفاق الحكومي في الولايات المتحدة، ومتاعب الاتحاد الأوروبي الذي يعاني الكساد».

ونبهت إبراهيم، إلى أن «أسواق الإمارات كانت قد شهدت موجة صعود منذ بداية العام الجاري، إذ ارتفع المؤشر الصادر عن هيئة الأوراق المالية منذ بداية العام حتى إغلاق يوم الخميس الماضي بنسبة ‬17.1٪، بينما احتل مؤشر سوق دبي المالي المرتبة الأولى في نسبة الارتفاع خلال هذا العام على مستوى أسواق الخليج بنسبة ‬21.7٪».

وقالت إن «سوق أبوظبي للأوراق المالية أعلن كذلك أن شركاته المدرجة وزعت ‬15 مليار درهم كأرباح نقدية عن عام ‬2012، وبزيادة قدرها ‬14٪ على العام الماضي»، معتبرة أن «تلك التوزيعات تعكس بشكل واضح قوة ومتانة الاقتصاد الوطني».

قوة الاقتصاد

من جهتها، قالت رئيسة قسم البحوث والدراسات المالية في شركة الفجر للأوراق المالية، مها كنز، إن «ما يشهده اقتصاد الإمارات من معدلات نمو تفوق متوسط معدلات النمو العالمي أصبح يلفت أنظار المستثمرين، لاسيما أن أساسيات الاقتصاد الكلي صارت أقوى مما كانت عليه منذ بداية الأزمة المالية العالمية»، مؤكدة أن «التوقعات تشير إلى امتلاك الاقتصاد المحلي مقومات المحافظة على القوى الدافعة للنمو، ومنها المشروعات الجديدة التي تعد أكثر طموحا عما كانت في الماضي ، والقدرة على استقطاب رؤوس الأموال للتمويل والاستثمار بطرق أيسر وأقل كلفة من أي وقت مضى».

وأضافت كنز، أن «ما يظهر قوة الاقتصاد أن الإمارات تصدرت أسواق الصكوك الخليجية خلال الربع الأول من العام الجاري بإصدارات بلغت قيمتها ‬13.5 مليار درهم (‬3.7 مليار دولار) وهو ما يمثل نسبة ‬40٪ من مبيعات الصكوك في الدول الخليجية».

وأشارت إلى أن «عائدات الصكوك في الإمارات تراجعت بنسب كبيرة على مدى العام الماضي، ما مكن حكومة دبي وكذا شركات وبنوك كبرى عدة من إعادة تمويل التزاماتها المالية بطروحات جديدة بأقل كلفة، ولاقت في الوقت ذاته إقبالاً كبيراً من قبل المستثمرين»، لافتة إلى أن «متوسط عائد الصكوك في الإمارات بلغ ‬3.43٪ في منتصف الشهر الجاري بانخفاض ‬72 نقطة أساس مقارنة بالتاريخ نفسه العام الماضي».

ونبهت كنز، إلى أن «من الأخبار الإيجابية كذلك الإحصاءات الصادرة عن المصرف المركزي الإماراتي خلال الأسبوع، والتي تفيد بأن ودائع غير المقيمين لدى البنوك العاملة في الدولة ارتفعت بمقدار ‬21.68 مليار درهم وبنسبة ‬19.3٪ خلال عام ‬2012»،معتبرة أن تلك الزيادة تعكس أن البنوك العاملة في الدولة استطاعت استقطاب تلك التدفقات المالية من الخارج بسبب تحسن مناخ الاستثمار وحالة الاستقرار التي تشهدها الدولة».

البورصة والذهب

وفي ما يخص أوضاع أسواق السلع العالمية وارتباطها بأداء البورصات العالمية ومن ثم أسواق الأسهم المحلية، قالت كنز: «سبق أن توقعنا أن يكون عام ‬2013 هو عام التخارج الكبير من الاستثمارات ذات الدخل الثابت والتوجه نحو الأسهم مرة أخرى، وهو ما تحقق هذا الأسبوع عبر الدعوة التي أطلقها العديد من المحللين للخروج من الاستثمار في المعادن النفيسة للتوجه صوب الأسهم، وذلك بعدما سجل الذهب أكبر هبوط سعري منذ ‬30 عاماً خلال جلستين من الأسبوع الماضي، خسر خلالهما اكثر من ‬10٪، وأصبح منخفضاً بنسبة ‬20٪ مقارنة بمستوياته السعرية في بداية العام الجاري».

وأضافت أن «هذا التدهور السعري في أسعار الذهب جاء بسبب ما ورد من معلومات عن سعي قبرص إلى بيع احتياطها، وانتشار المخاوف من سعي بنوك مركزية أخرى في منطقه اليورو للقيام بإجراء مماثل»، لافتة إلى أن «أسعار المعدن الأصفر شهدت ميلاً بطيئاً نحو الانخفاض منذ سبتمبر العام الماضي ، ما دعى المضاربين ـ مثل صناديق التحوط المعروفين بميلهم إلى سرعة التصرف عندما تلوح التغييرات ـ إلى أن يفقدوا الثقة بشكل تدريجي بسوق الذهب، حتى هزهم خبر احتمال بيع قبرص احتياطياتها من الذهب لتغطية خسائرها».

ونبهت كنز، إلى أنه «على الرغم من أن البيانات تشير إلى أن الطلب (القادم من الصين والهند) يستطيع استيعاب بيع احتياطيات قبرص من الذهب، إلا أن المخاوف انتشرت عن احتمالية اتخاذ بنوك مركزية أخرى في منطقة اليورو لإجراءات مماثلة لاسيما في ظل كبر حجم الموجودات الحالية التي تمتلكها دول مثل إسبانيا وإيطاليا».

وأكدت أنه في حال ما اذا أكدت الفترة المقبلة الاتجاه الهبوطي لسوق الذهب سيضطر مستثمرو المنتجات المتداولة في البورصة وصناديق التحوط للبحث عن بدائل من بينها رفع مخصصاتها للاستثمار في أسواق المنطقة سواء في الأسهم أو العقارات»، موضحة أنه في ظل القوانين المشجعة وتوافر البيئة الاستثمارية التي تعمل وفق المعايير العالمية تزداد فرص استثمار تلك الجهات في أسواق الأسهم المحلية، لاسيما في ظل النقلة النوعية التي أكدها تقرير التنافسية الآسيوي السنوي ‬2013، بتصنيف الإمارات في مرتبة ثالث أقوى اقتصاد في آسيا في ‬2012 بعد هونغ كونغ، وسنغافورة».

في مصلحة الأسهم

بدوره قال الخبير المالي سامي صيام، إن الذهب بدأ يفقد بريقة في الستة أشهر الماضية منذ أن بدأ التصحيح الفني في أسعاره مع ارتفاع سعر الدولار.

وأضاف أن من العوامل التي أسهمت في التراجع الكبير في أسعار الذهب خلال الأيام القليلة الماضية أن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عبرت للاتحاد الأوروبي عن غضب الشعب الألماني من استمرار تقديم المساعدات للغير، وهنا تمت مطالبة قبرص ببيع ما لديها من ذهب وهو في حدود ‬12 ـ ‬13 طناً».

وأشار إلى أن المشكلة لم تقف عند قبرص، وأصبح واضحاً أن الاقتصادات التي تعاني مشكلات وتفشل في الحصول على مساعدات لن تجد أمامها سوى التخلص من رصيد الذهب لدى بنوكها المركزية، وهو ما جعل الفجوة واسعة بين العرض والطلب»، موضحاً أن «فقدان المعدن الأصفــر عرشـه يصب في مصلحة الأسهم التي ستعود استثماراً مفضلاً للمستثمرين والمحافظ المالية، لاسيما في ظل التراجعات الكبيرة في أسعارها على مدار السنوات الماضية».