محللون: أداء أسواق الأسهم المحـلية لا يعكس النمو في أرباح الشركات وتحسّن الاقتــصاد

‬32.9 مليار درهم أرباح الشركات الوطنية خلال ‬9 أشهر بنمو نسبته ‬17.7٪

محللون: أداء أسواق الأسهم المحـلية لا يعكس النمو في أرباح الشركات وتحسّن الاقتــصاد

 

القطاع العقاري حقق نمواً فــــي الأرباح الصافية بنسبة ‬451.8٪ خلال ‬9 أشهر وكان الأفضل أداءً.
القطاع العقاري حقق نمواً فــــي الأرباح الصافية بنسبة ‬451.8٪ خلال ‬9 أشهر وكان الأفضل أداءً.

اتفق محللون ماليون على أن النتائج القوية التي حققتها الشركات المحلية خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، لم تنعكس بشكل واضح حتى الآن على صعود المؤشر العام للسوق المالي، أو على تحرك المؤشرات القياسية للقطاعات الرئيسة، مؤكدين أن هذا الوضع سيتغير مع استقرار الأوضاع العالمية والإقليمية، إذ سيعاود المستثمرون الاهتمام بالمؤشرات المحلية والأوضاع المالية للشركات، لاقتناص الجيد منها.

ودللوا على صحة حديثهم بأنه في حين سجلت شركات القطاع العقاري نمواً في الأرباح بنسبة ‬451.8٪، إلا أن نسبة الارتفاع لمؤشر القطاع منذ بداية العام بلغت ‬41٪ فقط، وكذلك الأمر بالنسبة لمؤشر قطاع الصناعة الذي نما بنسبة ‬1.7٪ منذ بداية العام الجاري، على الرغم من أن أرباح الشركات التابعة له قفزت بنسبة ‬60٪.

وأشاروا إلى أن الأزمة الحالية غيرت مفاهيم سائدة، وهي أن البورصة مرآة الاقتصاد، تتأثر به وتعكس ما بداخله، إلا أن أسواق الأسهم المحلية غير قادرة حالياً على عكس النمو الحادث في أرباح الشركات أو تحسن الأوضاع الاقتصادية عموماً، مشددين على ضرورة أن تصبح دول الخليج سوقاً إقليمياً لرأس المال لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لاسيما أن لديها قدراً كبيراً من العملات الأجنبية، بسبب صادرات النفط، في حين أن أسواق رأس المال في تلك الدول صغيرة وليس لها رسملة كافية في أسواق الأصول.

نمو الأرباح

سوق أبوظبي للأوراق المالية

قالت رئيسة قسم البحوث والدراسات المالية في شركة «الفجر» للأوراق المالية، مها كنز، إن «أرباح الشركات الوطنية المدرجة في سوق أبوظبي للأوراق المالية، للربع الثالث من العام الجاري، بلغت ‬7.62 مليارات درهم، بارتفاع نسبته ‬8.7٪، مقارنة بنحو ‬7.01 مليارات درهم في الربع الثالث من عام ‬2011، فيما نمت أرباح تلك الشركات للأشهر التسعة الأولى من ‬2012 بنسبة ‬10.3٪ إلى ‬24.09 مليار درهم، مقارنة بنحو ‬21.85 مليار درهم».


سوق دبي المالي

أفادت رئيسة قسم البحوث والدراسات المالية في شركة «الفجر» للأوراق المالية، مها كنز، أنه «في ما يتعلق بأرباح الشركات الوطنية المدرجة في سوق دبي المالي خلال الربع الثالث من العام الجاري، فقد بلغت ‬2.78 مليار درهم، تعادل خمسة أضعاف ما حققته تلك الشركات خلال الفترة ذاتها من عام ‬2011، التي بلغت ‬541.9 مليون درهم، فيما بلغت أرباح الشركات المدرجة في السوق خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري ‬8.85 مليارات درهم، مقارنة بأرباح قيمتها ‬6.14 مليارات درهم، بمعدل نمو بلغ ‬44.3٪».

https://i0.wp.com/media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2012/11/0211.jpg?resize=300%2C187

وتفصيلاً، أكدت رئيسة قسم البحوث والدراسات المالية في شركة «الفجر» للأوراق المالية، مها كنز، أن «النتائج القوية التي حققتها الشركات المحلية خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، لم تنعكس بشكل واضح حتى الآن على صعود المؤشر العام للسوق، أو على تحرك المؤشرات القياسية للقطاعات الرئيسة»، متوقعة أن يعاود المستثمرون الاهتمام بالمؤشرات المحلية والأوضاع المالية للشركات لاقتناص الجيد منها (خصوصاً التي شهدت تحسناً متميزاً في الأداء المالي)، وبحثاً عن فرص التوزيعات النقدية الجيدة، مع استقرار الأوضاع العالمية والإقليمية.

وقالت إن «الشركات الوطنية، إجمالاً، حققت أرباحاً بقيمة ‬10.4 مليارات درهم خلال الربع الثالث من العام الجاري، مقارنة بأرباح قيمتها ‬7.56 مليارات درهم في الفترة المماثلة من عام ‬2011، ما يعادل نمواً بنسبة ‬37.6٪ في الأرباح، فيما وصلت أرباح الشركات الوطنية المدرجة خلال الأشهر التسعة الأولى من عام ‬2012 إلى ‬32.94 مليار درهم، مقارنة بـ‬27.98 مليار درهم خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، بنمو نسبته ‬17.7٪».

وذكرت كنز أنه «عند مقارنة الأداء المالي على مستوى القطاعات الرئيسة لفترة الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، يظهر أن أفضل القطاعات أداء خلال الفترة هو القطاع العقاري الذي حقق نمواً في الأرباح الصافية للفترة بنسبة ‬451.8٪، وبقيمة ‬3.77 مليارات درهم، مقابل أرباح بقيمة ‬682.7 مليون درهم في الفترة المماثلة من عام ‬2011».

وأفادت بأن «قطاع النقل حلّ ثاني أفضل القطاعات من حيث الأداء، بعد أن نجحت الشركات الثلاث التابعة له وهي: (العربية للطيران)، و(أرامكس)، و(الخليج للملاحة) في تحقيق نمو في أرباحها بنسبة بلغت ‬67٪ إلى ‬338.5 مليون درهم، مقابل ‬191.6 مليون درهم خلال الفترة المقابلة من عام ‬2011».

وأشارت إلى أن «قطاع الصناعة، ويضم ‬15 شركة، جاء في المرتبة الثالثة في قائمة الأداء الأفضل، بنسبة نمو ‬60.5٪ لتحقق شركاته أرباحاً بقيمة ‬560.9 مليون درهم، مقابل ‬349.4 مليون درهم في الفترة المقابلة، فيما حلّ قطاع الاتصالات رابعاً، بنسبة نمو في أرباح الشركات التابعة له بلغت ‬18.7٪، تلاه قطاع البنوك بنسبة ‬3.1٪، ثم قطاع الاستثمار والخدمات المالية الذي نجح في التحول من الخسارة إلى الربحية».

تحرك المؤشرات

نبهت كنز إلى أنه «عند مراجعة مدى التحسن في الأداء المالي خلال الأشهر التسعة الأولى من عام ‬2012 للقطاعات الرئيسة المختلفة، وانعكاس هذا التحسن على تحرك المؤشرات القياسية للقطاعات، نجد أن هناك قطاعات عدة شهدت ارتفاعات جيدة في أدائها المالي، لكن ارتفاع مؤشراتها في الأسواق لا يوازي التحسن الكبير في الأداء المالي»، مدللة على ذلك بمؤشرات قطاعات العقار، والصناعة، والنقل، التي لم تعكس النمو الحادث في أرباح الشركات».

وأشارت إلى أنه «على الرغم من أن القطاع العقاري سجل نمواً في الأرباح بنسبة ‬451.8٪، فإن نسبة الارتفاع لمؤشر القطاع منذ بداية العام، بلغت ‬41٪ فقط»، لافتة إلى أن «الأمر ذاته انطبق على مؤشر قطاع الصناعة، الذي سجل نمواً في الأرباح بنسبة ‬60٪، ولم يحظ مؤشر القطاع إلا بنمو بنسبة ‬1.7٪ منذ بداية العام الجاري».

مرآة الاقتصاد

من جهته، اتفق المحلل المالي، مصطفى حسن، مع ما ذكرته كنز، على أن مؤشرات القطاعات الرئيسة في السوق لم تعكس حتى الآن النمو الذي حققته تلك الشركات في أرباحها، مرجعاً ذلك إلى أن الأوضاع العالمية من حيث الأزمات المالية المتعاقبة وانتقالها من دولة لأخرى، لا تحفز البورصات العالمية على الارتفاع، ما يحبط أي محاولات للتحسن في أداء أسواق الأسهم الإماراتية.

وأكد أن «الأزمة الحالية غيرت مفاهيم سائدة، وهي أن البورصة هي مرآة الاقتصاد، تتأثر به وتعكس ما بداخله، إذ إن أسواق الأسهم المحلية غير قادرة حالياً على أن تعكس النمو الحادث في أرباح الشركات، أو تحسن الأوضاع الاقتصادية عموماً».

سوق إقليمية

بدوره، أكد نائب العميد وأستاذ الاقتصاد في مدرسة لندن للأعمال، وزميل كلية أول في جامعة أكسفورد، آندرو سكوت، أن «الوضع الحالي يتطلب أن تصبح دول الخليج مركزاً لسوق رأسمال لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا». وشرح ذلك بالقول إن «دول مجلس التعاون الخليجي المصدرة للنفط لديها فائض كبير في الميزان التجاري، وتالياً تراكم لديها قدر كبير من العملات الأجنبية، ما جعل إدارة هذا الفائض من العملات الأجنبية تحدياً ملموساً لصناع القرار». وأضاف أن «تحويل هذه العملات إلى العملة المحلية، وصرفها محلياً سيؤدي إلى رفع قيمة سعر الصرف، وارتفاع معدل التضخم المحلي بالتبعية، في حين سيسهم إبقاء هذا الفائض من العملات الأجنبية وإداراتها عن طريق صندوق ثروة سيادية، في اختلال التوازنات العالمية، وإلى إيجاد (فقاعات) أينما تدفقت تلك الأموال مثل فقاعة العقارات في الولايات المتحدة»، لافتاً إلى أنه «على الرغم من أن هناك عدداً من الحلول لهذه الاختلالات في التوازنات العالمية، لكنها جميعا تشكل مشكلة بالنسبة إلى دول التعاون الخليجي المصدرة للنفط». وأشار إلى أنه «بسبب النفط، فإن دول الخليج لديها نزعة هيكلية نحو مستويات عالية من الادخار، لكن أسواق رأس المال في تلك الدول صغيرة وليس لها رسملة كافية في أسواق الأصول»، منبهاً إلى أن «المطلوب هو توافق أفضل بين مستويات الادخار العالية في المنطقة وقدرتها على إيجاد أصول مالية لاستيعاب هذه المدخرات، بمعنى أن تصبح دول الخليج مركزاً لسوق رأسمال لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تحتوي على مجموعة متنوعة من الدول، ما يوفر فرصاً استثمارية كبيرة طويلة الأمد».

واستطرد سكوت بالقول إن «عدد سكان دول الخليج قليل نسبياً، في حين تحوي سوق منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مئات الملايين من الناس، ولذلك يمكن أن يؤمن هذا التنوع في منطقة دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مكاسب كبيرة من التجارة عبر رأس المال».

وبين أن «السؤال الذي يطرح نفسه حالياً هو كيف سيكون شكل أسواق رأس المال في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأين سيكون مركزها؟»، موضحاً أن دول الخليج ستتنافس فيما بينها على السيطرة، لكنها في النهاية ستنزع نحو التخصص، إذ ستهيمن إحداها على أسواق الأسهم، وأخرى على تمويل السندات، وثالثة على حصص الملكية، وغير ذلك، في وقت ستكون فيه كلها نشطة في الإقراض المصرفي».

وأشار إلى أن «مزايا السوق الإقليمية أنها ستكون قوية جداً، إذ ستساعد العلاقات القوية بين الدول على حدوث تدفق قوي للمعلومات، يمكّن المنطقة من تطوير مبادرات صيرفة إسلامية أفضل لتعزيز التطور». وأكد أن «تطور منطقة رأسمال الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سيعزز من أهمية دول الخليج الإقليمية، كما سيساعد على تحفيز الإبداع والنمو في المؤسسات المالية في دول الخليج، إذ إن إقراض البنوك الخليجية للغرب يعطيها دوراً سلبياً، لكن الإقراض لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سيدفع بالإبداع ويطور ميزات نسبية»، لافتاً إلى أنه «يمكن لأسواق رأس المال الخليجية من تطوير دور مزدوج أولاً كقناة للاستثمار من دول الخليج إلى أسواق رأس المال الناضجة، وثانياً مركزاً إقليمياً مزدهراً».