مبارك الدويلة ـ قلوب بلا رحمة

ابتداء نتمنى أن تكون زيارة سمو أمير البلاد – حفظه الله – إلى إيران قد تكللت بالنجاح كما كان يرجو سموه، وكما كان يتمنى معظم سكان الكويت والخليج الذين يسعون إلى رؤية خليج آمن ومستقر وخالٍ من خلايا التجسس ونوايا تصدير الثورات.

أقول: أتمنى ونتمنى، لأنني أظن أن «بو طبيع ما يخلي طبعه»، لكن السياسة لها مستلزماتها، وظروف المنطقة لها أحكامها. وهذه الزيارة الميمونة ذكّرتني بسياسة الرئيس المصري (السابق) محمد مرسي عندما قرر فتح صفحة حذرة وإنهاء القطيعة السياسية مع إيران، وكيف تم انتقاده من الطارئين على العمل السياسي، الذين رأوا في هذا الانفتاح الشكلي تشييعاً كاملاً للشعب المصري، مع أنه هو من ترضّى على الشيخين الجليلين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في طهران، وغفل هؤلاء أن السياسة أحياناً قد تستلزم انفتاحاً كلياً على إيران وتوقيع اتفاقيات وبروتوكولات.. هكذا هي السياسة التي يجهلها هؤلاء، صحيح أن تقارب دول الخليج مع إيران يزعج الكيان الصهيوني، لكن كما قال النائب الفاضل عبدالرحمن الجيران «هذا شأنهم ولا يعنينا»! نسأل الله الرشد والرشاد.

***

حادثة طرد خطيب جامع الخرينج أكدت خلو بعض القلوب من الرحمة والمشاعر الإنسانية!

إمام وخطيب مسجد كان يتحدث عن العدل في الإسلام، وحديث «قاضيان في النار وقاض في الجنة»، وضرب مثالا بتجاوز بعض القضاة في إحدى الدول التي تمت فيها انتخابات رئاسية، وكيف تم التزوير في نتائجها.

النتيجة حدوث ضجة من بعض المصلين، الذين تبين لاحقاً أن بعضهم عين للأمن المصري، وما إن خرج المصلون من المسجد حتى كانت الدوريات تطوق المسجد وتأخذ الخطيب إلى أقرب مخفر! وهذا أمر طبيعي، خصوصاً إذا عرفنا أن وزير الأوقاف هو نفسه وزير الداخلية!

حتى الآن الأمور طبيعية، لكن ما الذي حدث بعد ذلك؟!

قررت وزارة الأوقاف – وكان يوم عطلة رسمية – إنهاء خدمات الشيخ الخطيب، وقررت وزارة الداخلية في اليوم نفسه إبعاده عن البلاد خلال 48 ساعة!

تدخل بعض الشفعاء في هذه اللحظة، وطلبوا من وزارة الأوقاف تطبيق ميثاق المسجد على المخطئ، والذي فيه التدرج في العقوبة، فرفضت، ثم طلبوا الاكتفاء بإنهاء خدماته من دون إبعاده، فلم تقبل، ثم تدخلوا عند وزير الداخلية لتأجيل إبعاده حتى انتهاء أبنائه من أداء الامتحانات النهائية في مدارسهم، فرُفض الطلب، ثم كانت آخر المحاولات بالطلب من الداخلية الاكتفاء بترحيل الشيخ وتأجيل ترحيل الأبناء أسبوعاً واحداً فقط للانتهاء من الاختبارات حتى لا يضيع عليهم مجهود سنة دراسية كاملة، فرُفض الطلب!

وقبل اكتمال المدة المحددة، ومع إشراقة شمس يوم الأحد تم إخراجه من بيته وإبعاده إلى إحدى الدول العربية! ثم جاءت سيارة أمن أخرى إلى شقته وأخرجت زوجته وأولاده وأبعدتهم إلى القاهرة!

أي قلوب هذه التي تتعامل مع الناس من دون رحمة؟! أين الإنسانية التي نتشدق بها صباحاً ومساء «هذي الكويت صلّ على النبي»! ما هو مبرر السرعة في اتخاذ إجراءات الترحيل من دون تحقيق أو تطبيق للنظام المعمول به في مثل هذه الحالات؟!

الراحمون يرحمهم الله، ومن لا يرحم لا يُرحم!