مبارك الدويلة ـ اللي هذا أوله .. !

ربّ ضارة نافعة…!

ولكن كيف للزلزال الذي أصاب خليجنا أن يكون نافعاً…؟!

كنت من أشد المطالبين بالاتحاد الخليجي.. وكتبت مقالات عدة في هذه الزاوية، مطالباً ومؤيداً وداعماً للوحدة الخليجية، وكنا نرد بعنف على القائلين بخطورة الاتحاد على الكويت وديموقراطيتها، وأن التوجهات التسلطية عند البعض ستطغى على أجواء الحريات المحدودة عندنا. وفجأة ومن دون سابق إنذار، يتبدد حلمنا الصغير الذي لم يسعفه الزمن كي يكبر معنا، حلم «خليجنا واحد وشعبنا واحد»! وتتحول الدول الصغيرة في حجمها إلى دول عظمى في تصفية الحسابات بينها، ويظهر حجم الخلاف العميق في قلوب بعضنا على بعض! وتسقط آخر ورقة توت عن جسد القمة الخليجية التي ملأت أسماعنا بعبارات السعي للوحدة والتوافق والتكامل!

عندما استمعت إلى بيان الدول الثلاث عن أسباب ومبررات سحب السفراء، لفت مسمعي تكرار عبارة مخالفة بنود الاتفاقية الأمنية، مما يوحي بأن قطر لم تلتزم بما توجبه بنود هذه الاتفاقية! ومع إدراكي لطبيعة الأوضاع في دول مجلس التعاون والأسلوب الأمني الذي تدار به الأمور في بعض دول الخليج بما فيها قطر، لذلك يحق لي أن أقول الحمد لله أن الكويت لم توقع على بنود الاتفاقية الأمنية، وإلا لكنا ربما مع قطر في هذه المقاطعة الأخوية الشقيقة! لأن اللي هذا أوله ينعاف تاليه!

* * *

سؤال للتفكير فقط:

أليست إحدى الدول الشقيقة هي التي دعمت إسقاط النظام الشرعي والمنتخب في مصر..؟!

أليست هي الدولة التي تورطت في دعم حركة التمرد في تركيا، وترتيب انقلاب عسكري هناك؟!

أليست هي التي كذلك تورطت في الانقلاب الفاشل في ليبيا..؟!

ألم يثبت تورط دولة شقيقة في دعم الحملة الفرنسية على جمهورية مالي..؟!

ألم يشتك متحدث تونسي من دخول أموال لدعم حالة اللااستقرار في تونس؟!

ألم يشتك شيخ حاشد أكبر قبائل اليمن من تجاهل بعض الدول الشقيقة له، ودعم البعض الآخر للحوثيين..؟!

أسئلة تحتاج إلى إجابة صادقة، حتى نعرف من الذي ورطنا مع العالمين العربي والإسلامي، ويستحق أن نعاقبه بسحب السفراء منه..؟!

* * *

عندما يحتضر الإنسان ويشعر بدنوّ أجله، يتذكر القبر وعذابه ويتذكر النار وأهوالها، ويندم على كل لحظة لم يستغلها في طاعة الله، ويتمنى لو يؤخره الله لأيام فقط، ليعمل الصالحات، ويلتزم بالطاعات، علّ وعسى أن يلقى الله وحسناته أكثر من سيئاته، فيدخل الجنة وينجو من النار، قال تعالى مجسداً هذه الصورة «حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ»، وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم تبعه ثلاثة أهله وماله وعمله، وإذا وضع في القبر رجع أهله وماله وبقي معه عمله»!

هكذا نفهم الحياة، وهكذا نفهم مصير الإنسان فيها وبعدها، وليس كما يفهمه من جعل الملل الأخرى قدوته في كل تفكيره!