مبارك الدويلة ـ الإرهاب ليس له وجهان

عندما ترسل اميركا طيارة من دون طيار الى اقليم وزيرستان في شمال باكستان، وتقتل رجلا مصنفا عندها انه ارهابي، ويُقتل في التفجير عدد من الاطفال والنساء، فان هذا يسمى في المفهوم الاميركي انه دفاع عن النفس! وعندما يتواجد شيخ فاضل كالشيخ عجيل النشمي في ديوان تُجمع فيه التبرعات للاجئين السوريين في تركيا والاردن، لانقاذ النساء والاطفال من البرد والجوع والمرض، هنا يُنعت الشيخ بانه ارهابي! وليت الامر توقف عند هذا الحد، بل على الجميع ان يتعامل معه على هذا الاساس، فان كان موظفا عُزل من وظيفته، وان كان طالبا سُحبت منه البعثة، وان كان تاجرا وضع في القائمة السوداء!

عندما يدخل حزب طائفي الى سوريا، ليشترك في المعارك الدائرة هناك، فانه لا يصنف ضمن القائمة الخاصة بالمنظمات الارهابية، بل يدعم من ثلاث دول عربية، وتعلن المكافآت لمن يُقتل منهم بارض الشام، وتتكفل الدولة بضمان اعالة اهله من بعده! وعندما يدخل شباب متطوع الى سوريا للقتال بجانب الثوار السوريين الذين يقاتلون طاغية الشام، فانه يدرج ضمن قوائم الارهابيين، وتنتظره كتائب امن الدولة والاستخبارات في صالة القادمين بالمطار!

الارهاب ارهاب ايها السادة، فالقتل المتعمد للاطفال والنساء هو أشد انواع الارهاب بشاعة، ولا تبرره اهداف حملة جورج بوش التي بدأها قبل اكثر من ثلاثة عشر عاماً، قتل فيها من الابرياء المدنيين اضعاف ما قُتل في الحادي عشر من سبتمبر! حتى اصبح دم اليمني والافغاني والعراقي عندهم ارخص من الماء! والاشد وأنكى تلك الاوامر التي تُملى على القادة العرب والمسلمين لاتخاذ اجراءات احترازية للتوافق مع ما تراه اميركا بهذا الشأن! المسألة مسألة كرامة، وعلى حكوماتنا ان تبين للاميركان وغيرهم ان كرامة الانسان عندنا لها اولوية واعتبار، وان عهد التبعية والاصطفاف ولّى الى غير رجعة!

***

بعد كلمة وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل في احتفال لجنة الرحمة، التي اعلنت فيها براءة العمل الخيري بالكويت من التورط في دعم الارهاب أياً كان نوعه، فهل يكرمنا زملاؤنا الكتاب بالسكوت ولو لفترة وجيزة عن نعت هذا العمل الجبار بما ليس فيه، والتشكيك في نوايا القائمين عليه، ومطالبة وزارة الشؤون باغلاق لجانه العاملة؟! انا اعلم انهم لن يتوقفوا، لان استمرار العمل الخيري يفضحهم، ويكشف زيف دعاويهم، ويصبحون أقزاما عند عملاق!

***

نحن نعلم ان المسلم اليوم ما دام ملتزماً بدينه، ويفهم الاسلام بمفهومه الشامل، كما جاء به محمد (ص)، فانه تحت المراقبة المستمرة بانتظار ادراج اسمه ضمن قوائم الارهاب! اما المسلم الذي لايعرف من الاسلام الا اسمه، ومن القرآن الا رسمه، فانه مرضي عنه عند يهود العرب، ويهود الخليج! والتضييق على الملتزمين، وبالمقابل عدم محاسبة الفلتانين، سيؤدي الى انهيار المجتمع من الداخل، ونصبح نعيش في دولة من الكرتون، لا قيم ولا مبادئ ولا اخلاق!

وبالامس تم افتتاح محل تجاري بحضور مطرب مغربي، وشاهد الجميع ما حصل من فلتان اخلاقي غير مسبوق، خاصة من بعض الفتيات اللواتي لايعرفن اتجاه القبلة! خاصة ان هؤلاء وامثالهن تجدهن في كل شارع وسكة ومول تجاري، يتسكعن بلا حسيب ولا رقيب! أمثال هؤلاء لهن الرعاية والاهتمام والكلمة الطيبة، بينما لو قامت مدرسة بجمع تبرعات لاطفال سوريا في مدرستها، لقامت عليها القيامة، ولتمت مطالبة اصحابنا للحكومة بتشكيل لجنة تحقيق في جريمتها التي لا تغتفر، وبفصلها لتكون عبرة لمن يعتبر! واضافتها وجميع العاملين بالمدرسة الى قوائم الارهاب!

الارهاب ايها السادة اصبح اليوم مشجبا نعلق عليها كل مشاكلنا، الا ان اصحابنا في الخليج زادوها حبة، فتجد عندما تحدث جريمة، ويكتشفون ان فلانا هو الجاني، يصدر بيان يقول ان علان ارهابي!.