«صهيل الطين» حصد أفضل سينوغرافيا ونص وثاني أفضل عرض مسرحي
لجان تحكيم «الخليج المسرحي» تدعم النصوص الشعـبية
حينما تبتعد عنهم جائزة أفضل عرض مسرحي، لا يمكن أن نجزم بأن هناك رضى تاماً من قبل أعضاء الوفد الإماراتي المشارك في فعاليات الدورة الـ12 من مهرجان المسرح الخليجي، التي اختتمت، مساء أول من أمس، في مدينة صلالة بسلطنة عمان، ليس اعتراضاً على قرارات لجنة التحكيم التي تُحترم قراراتها في كل الأحوال، لكن شغفاً، وربما اعتياداً لتصدر المشهد المسرحي الخليجي، على النحو الذي تكرر في معظم دورات المهرجان الأخيرة، وهذا تماماً ما كشفت عنه متابعة «الإمارات اليوم» لأبرز ردود الفعل الإماراتية القادمة من صلالة فور إعلان النتائج، التي توجت «البوشية» الكويتية بالجائزة الأهم وهي أفضل عمل متكامل، رغم حصول الإمارات على ثلاث جوائز مختلفة.
حسابات مختلفة
أكد الفنان محمد العامري قناعته الشديدة بكسر نمطية المواظبة على الاشتراك بأعمال تحتفي فقط بالبيئة الشعبية في مهرجان الخليج المسرحي، ووجوب المشاركة بأعمال ذات قوالب مسرحية أخرى، رغم صحة المؤشرات التي حذرت من أن «لجان التحكيم في (الخليج العربي) تنحاز بشكل أكبر لهذا النمط». وأضاف العامري: «قضيتنا في المسرح الإماراتي أبعد اختلافاً، فلدينا تراكم هائل من المسرحيات ذات اللون الشعبي، ولا يمكن أن نسير باتجاه مزيد من التكرار، ومن حق المبدع والمشاهد معاً الاستمتاع بجماليات التنويع بين الشعبي والمونودراما، الفصحى، وغير ذلك، وإن كان المقابل هو الزهد في الجوائز». الفنان اسماعيل عبدالله أيضاً كان شخصية حاصدة للجوائز، حاضرة في هذا المحفل الخليجي، إذ نال نصا اسماعيل عبدالله «البوشية» و«صهيل الطين»، جائزتين مختلفتين، الأولى لمصلحة الكويت ممثلة في الجائزة الكبرى، والثانية لمصلحة الإمارات بحصوله على جائزة أفضل سيناريو، وهي الجائزة ذاتها التي حصدها في الدورة السابقة. |
وحصلت الإمارات إلى جانب جائزة ثاني أفضل عرض مسرحي عن مسرحية صهيل الطين لمسرح الشارقة الوطني، تأليف إسماعيل عبدالله، وإخراج محمد العامري، على جائزة أفضل نص مسرحي لإسماعيل عبدالله، وجائزة أفضل سينوغرافيا لمحمد العامري، كما نالت الكويت جائزة العرض المسرحي المتكامل عن مسرحية البوشية لمسرح الخليج العربي، تأليف الإماراتي إسماعيل عبدالله.
الفنان الإماراتي محمد العامري، الذي مثلت رؤيته الإخراجية الإمارات في آخر ثلاث مشاركات خارجية في الدورات المتتالية لمهرجان المسرح الخليجي، رغم أنه كان منقطعاً تماماً عن التواصل الإعلامي بخلاف سائر أعضاء الوفد الإماراتي، تحدث هاتفياً مع «الإمارات اليوم»، وأعرب عن قناعته بأن لجنة التحكيم لاتزال تبحث عن الأعمال المسرحية ذات الطبيعة الشعبية، دون غيرها، مضيفاً «نحترم قرارات لجنة التحكيم، رغم أننا كنا نتوقع بكل تأكيد حضوراً أكبر على منصة التتويج، لكن في المشاركات المهرجانية يجب دائماً أن نرفع القبعة لخيارات لجنة التحكيم، وأن نطوي فوراً صفحة المشاركة بمجرد إعلان النتائج، من أجل التفكير في الخطوة المقبلة».
وأضاف العامري «أحد التفسيرات الوجيهة التي تفصح عنها النتائج، أن اللجنة لاتزال محتفية بالأعمال المسرحية ذات البيئة الشعبية، ونحن اعتمدنا على نص باللغة العربية الفصحى، وفي ظل هذه الرؤية جاءت الصدارة للمسرحية الكويتية (البوشية) التي نستثمر الفرصة لتهنئة نجومها بتحقيق هذا الإنجاز المهم للمسرح الكويتي».
رئيس الوفد الإماراتي د.حبيب غلوم أيضاً غلّفت تصريحاته قدراً غير خاف من الإحباط، رغم تأكيده أن خروج «صهيل الطين» وفي جعبتها ثلاث جوائز مختلفة يعد إنجازاً مسرحياً في ظل تقاسمها عدد الجوائز مع العمل الكويتي الذي حظي بجائزة أفضل عمل متكامل، لافتاً إلى أن هناك جملة من المكاسب التي حملتها المشاركة الإماراتية التي من دون شك كان يتوقع لها المتابعون ما هو أبعد من ذلك.
رغم ذلك نفى د.حبيب غلوم فكرة أن يكون غياب البيئة الشعبية على النحو الذي أصبح نمطياً في دورات المهرجان، هو العامل الحاسم وراء عدم حصول «صهيل الطين» على الجائزة الرئيسة، مضيفاً أن «لجنة التحكيم تبني قراراتها على معطيات فنية، في شتى نواحي الفنيات والتقنيات المسرحية، وليس اعتباراً لقالب العمل، أو نوعه، فضلاً عن أن النص مكتوب بحنكة وحس لغوي عاليين، سبق أن تطرقت لهما على نحو مفصل منذ العرض الأول له في الدورة الماضية من أيام الشارقة المسرحية التي أهلت (صهيل الطين) لهذه المشاركة الخليجية».
ولفت غلوم إلى أن واحدة من أبرز المكاسب التي تحققت أيضاً للعرض الإماراتي هي أن هناك احتفاء بالعمل أحيط به حتى قبل عرضه في افتتاحية العروض، ما يعني تحقق الأهم، وهو الوصول إلى صيت إيجابي يواكب المنجز والنشاط المسرحي الفعال الذي يتحقق على أرض الدولة.
وأشاد غلوم أيضاً بالتكاتف الذي أحاط به المسرحيون الإماراتيون «صهيل الطين»، لافتاً إلى كثافة الوجود الإماراتي أثناء عرض العمل، مضيفاً أن «وفد وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع الرسمي بلغ 40 شخصاً، وجمعية المسرحيين تكفلت بتحمل نفقات سفر 15 عضواً من أعضائها، فضلاً عن نحو 10 فنانين تحملوا نفقات السفر والإعاشة، ما يعني أن (صهيل الطين) عرضت بمساندة قوية من الفنانين الإماراتيين حتى من غير المشاركين فيها».
واتفق غلوم مع العامري على وجوب الالتفات إلى المشاركة الخليجية المقبلة التي تأكد أن تستضيفها العاصمة أبوظبي، مضيفاً «علينا أن نطوي مشاركة الدورة الـ،12 ونتطلع إلى المشاركة في الدورة المقبلة، لاسيما أنها ستكون شديدة الخصوصية باحتضان أبوظبي لها عام 2014».
الفنان سعيد سالم الذي تم اختياره ليكون شخصية المهرجان الإماراتية المكرمة عن هذه الدورة، من جانبه أبدى اعتزازه بقرار تكريمه، معتبراً أن هذا التكريم في هذا المقام هو تكريم لسائر جهود المنتمين والمساهمين في رقي وتميز المسرح الإماراتي، وأنه رسالة تقدير تدفع أي فنان لاستمرار عطائه، فيما أبدى في آرائه انسجاماً أيضاً مع ما ذهب إليه كل من العامر ي ود.حبيب غلوم، بأن «هامش توقع المتابعين للمهرجان اختلف كثيراً مع توقعات لجنة التحكيم، ليس في ما يتعلق بـ(صهيل الطين) الإماراتية فقط، لكن أيضاً في أكثر من مفصل من مفاصل الجائزة»، مستدركاً: «تلك هي طبيعة المهرجانات عموماً، يبقى دائماً للجان التحكيم رؤاهم الفنية التي تستحق في النهاية كل التقدير والاحترام، ويبقى معيار المشاركة والوجود الفعال في المنصات المهمة، هو الأهم من مادية الحصول على الجوائز».
يذكر أن جائزة أفضل إخراج ذهبت أيضاً إلى الكويتي عبدالله العابر عن مسرحية «البوشية»، وجائزة أفضل ممثلة دور أول لأحلام حسن عن العمل نفسه، بينما نالت البحرين جائزة أفضل ممثل دور أول، والسعودية جائزة أفضل ممثل دور ثان، وقطر جائزة أفضل ممثلة دور ثان، وخرجت سلطنة عمان، الدولة المضيفة، من دون أي رصيد من الجوائز.