فلسطين تكسب «حـــــــــق العودة» إلى عضوية الأسرة الدولية

بعد ‬65 عاماً من تقسيمها.. ورغم المعارضة الأميركية

فلسطين تكسب «حـــــــــق العودة» إلى عضوية الأسرة الدولية

 

علم فلسطين خلف الوفد الفلسطيني بعد التصويت التاريخي في الأمم المتحدة.
علم فلسطين خلف الوفد الفلسطيني بعد التصويت التاريخي في الأمم المتحدة.

بعد التصويت بأغلبية ساحقة لمصلحتها على منصب دولة مراقبة غير عضو (‬138 صوتا مقابل تسعة أصوات ضد و‬41 ممتنعاً عن التصويت) عادت فلسطين أخيراً إلى موقعها في الاسرة الدولية، وبعد ‬65 عاماً من تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لمصلحة تقسيم فلسطين إلى دولتين (واحدة يهودية وأخرى عربية)، استطاعت فلسطين أن تحصل على منصب مراقب غير عضو في للأمم المتحدة، ما يؤكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واستقلاله في دولته على الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام ‬1967. هذا التصويت التاريخي يعترف بفلسطين دولة، ويعطي فلسطين الحق في الانضمام إلى منظمات الأمم المتحدة، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية، ويسمح لفلسطين برفع دعاوى ضد إسرائيل.

ووفقاً للفلسطينيين، فقد انتهكت إسرائيل القانون الدولي باستمرار عن طريق تنفيذ الاغتيالات المستهدفة، وهدم المنازل، وتوسيع بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية، والاستمرار في إحكام الحصار على قطاع غزة، في انتهاك صريح للمواد (‬33، ‬55، ‬56) من اتفاقية جنيف الرابعة، إذ يمنع القانون الدولي العقاب الجماعي، كما ينص القانون نفسه على أن تؤمن السلطة المحتلة وصول الإمدادات الغذائية والطبية إلى السكان الواقعين تحت الحصار (إسرائيل تسيطر على حدود غزة ومجالها الجوي وممراتها البحرية).

ورفضت الولايات المتحدة القرار الذي أصدرته الأمم المتحدة لمنح صفة المراقب غير العضو لفلسطين، بيد أن بعض الإسرائيليين البارزين، مثل رئيس الوزراء السابق، ايهود اولمرت، يفضل ذلك. ففي رسالة الى المساعد في شعبة إدارة الأعمال بالجامعة العبرية في القدس، أفيشاي برنار، التي نشرها بنفسه، كتب أولمرت: «أعتقد أن الطلب الفلسطيني للأمم المتحدة ينسجم مع المفهوم الأساسي لحل الدولتين. لذلك، لا أرى أي سبب لمعارضة هذا القرار، وبمجرد أن تضع الأمم المتحدة الأساس لهذه الفكرة، علينا في إسرائيل الانخراط بشكل جدي في عملية المفاوضات، من أجل الاتفاق على حدود معينة على أساس حدود عام ‬1967، وحل قضايا أخرى. لقد حان الوقت لنمد أيدينا، ونعمل على تشجيع القوى المعتدلة بين الفلسطينيين، فأبومازن وسلام فياض في حاجة ماسة إلى مساعدتنا، وحان الوقت لتقديم تلك المساعدة».

وعلى الرغم من العداء بين فتح وحماس، إلا أن عباس، بوصفه رئيس السلطة الفلسطينية ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية، ذهب إلى الأمم المتحدة بمباركة من حماس. وهذا من شأنه أن يضع ضغوطاً هائلة على الفلسطينيين لوقف المشاحنات الداخلية غير المجدية وتشكيل جبهة موحدة.

والإنكار بأن الفلسطينيين هم أقل اهتماماً بالسلام من الإسرائيليين فكرة قصيرة النظر للصراع، كما يعبر عن ذلك مدير مؤسسة كرييت ترست «خلق الثقة»، غراهام بيبلز، المعنية بحقوق الإنسان والتعليم، والتي تعمل من أجل الفئات المحرومة في العالم:

«إن شعب فلسطين في حاجة ماسة للسلام، ومما لا شك فيه أن معظم الإسرائيليين المحترمين يقدرون هذه الرغبة، فهل هناك إرادة لدى السياسيين الذين يعتمد عليهم الأبرياء، وهل لدى حلفاء اسرائيل الشجاعة الكافية لإعادة الحق الى نصابه؟ ولمراقبة وتنفيذ القانون الدولي، وسحب الدعم الدبلوماسي عن الاحتلال ووقف تمويله؟ هل هناك إرادة من أجل أن نتجاوز التفاهات ونعكف على الافعال؟ وكما قال رجل حكيم «لا شيء يحدث من تلقاء نفسه، وإنما ينبغي أن يتحرك الانسان وينفذ بمحض ارادته، اتركوا إرادة الشعب لكي تعمل من أجل السلام، من أجل إنهاء القتل والمعاناة، ومن أجل إيجاد فرصة للعيش معاً في جو خال من الخوف. ولتحقيق هذه الغاية يجب على الأطراف ان تعمل من الآن، دعوا أجواء الامل تنتشر من جديد، لان الشعب الفلسطيني قاسى ما فيه الكفاية من الألم والمعاناة، كفى للموت والحزن، كفى للغضب وانعدام الأمن الذي زرعه طموح القادة البغيض في الشعب الإسرائيلي».

احدى افتتاحيات صحيفة نيويورك تايمز قبل التصويت ذكرت أنه «حتى لو فاز الفلسطينيون بالأصوات، فان الثمن قد يكون باهظاً، فبعد أن حصلت فلسطين على عضوية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) في العام الماضي، حجبت إسرائيل ملايين الدولارات من أموال الضرائب المرسلة الى السلطة الفلسطينية، التي هي في ضائقة مالية، وأوقفت الولايات المتحدة تمويلها لـ«اليونسكو»، وحجبت ملايين الدولارات من المساعدات للشعب الفلسطيني»، وحيث ان مثل هذا الحجب للأموال من المرجح أن يحدث، فينبغي أن يكون مصدر قلق للمجتمع الدولي، لكن لا ينبغي أن يكون مبررا لاستمرار إنكار حق فلسطين في الوجود.

بعد ‬65 عاماً من إعلان الأمم المتحدة إنشاءها، كسبت فلسطين الاعتراف الذي كان من المفترض أن تستحقه من هذه المنظمة الدولية منذ فترة طويلة، فقد كان هناك طريق طويل وشاق، لكن في النهاية عادت فلسطين الى احضان الاسرة الدولية.