فجر يعقوب ـ ضحكة مذيع ” آسيا “

https://i0.wp.com/alkhabarpress.com/wp-content/uploads/2014/09/%D8%A7%D9%85%D9%8A%D9%86-%D8%A3%D8%A8%D9%88-%D9%8A%D8%AD%D9%8A%D9%89.jpg?resize=349%2C256

ربما سيكون الإعلامي أمين أبو يحيى ممتناً للضحكة التي أطلقها وهو يقرأ خبراً لايمت للضحك بصلة. فهو وإن خبت نجوميته بعدما انتقل من فضائيات بارزة مثل «العربية» و«الجزيرة» ليعمل في فضائية أقل شهرة مثل «آسيا»، فإنه يعود من بوابة السخرية غير العادلة ليتصدر واجهة الأخبار.

لايبدو أن ثمة تحاملاً هنا على أبو يحيى، فالخبر المتعلق بـ «المحدلة» السورية أياً كانت صياغته التحريرية لايقدم الفرح والحبور لمشاهدين أقل مايقال عنهم إنهم منغمسون في أخبار الدم والقتل والذبح.

فضائية «آسيا» التي يطل عبرها أبو يحيى، ولدت قبل 3 سنوات على هامش ما يسمى «الربيع العربي» وفي جعابها الهجاء الذي لا يهدأ، وهو الأمر الذي جلب تهديدات الجماعات التكفيرية بإراقة دم المذيع الضاحك عبر مواقع التواصل الاجتماعي في أكثر من مناسبة كان يتصدر فيها المشهد العمومي المتأجج ضدها، وهو صاحب النظرية الصارمة بعدم استضافة أي نوع من الإرهابيين، لأن هذا لا يقع في خانة الرأي الآخر على الإطلاق.

تبدو نظرية أبو يحيى مقبولة ومنطقية من هذا الجانب، فلماذا تمنح هذه الجماعات التكفيرية المنابر مجاناً لتقول آراءَها الشاذة. بالتأكيد، كثر يوافقونه، وربما يحسدونه على جرأته في «السباحة» ضد تيار أصبح معلوماً للقاصي والداني، ولكن أن يقع أمين أبو يحيى في المحظور الأخلاقي؟ ثمة مايدعو لإعادة النظر في نوعية الشعارات التي ترفعها فضائية «آسيا» حول الجرأة والصدقية ومكافحة الفساد في العالم العربي على رغم تقوقعها في مكاتب محدودة بين بغداد وبيروت. تبدو هنا أن الفرصة لإعادة اكتشاف عوالم الفضاء العربي أكثر اثارة من بوابة تقويم معظم الشعارات التي انطلقت من خلالها، بخاصة تلك المتعلقة بالعمق والدقة والجرأة. وقد تغدو مراجعة هذه الشعارات البرّاقة مدخلاً ضامناً لقراءة جادة في هوية الإعلام الفضائي العربي، وقد تفسخت الكثير من معطياته الأخلاقية والاجتماعية باللهاث وراء تشويه الحقائق التي يتراكض كثر خلفها بهدف تحويلها إلى «بيزنس» خاضع للبيع والشراء من أجل الحصول على أعلى نسبة اعلانات ممكنة.

قد يقال إن ضحكة أمين أبويحيى وهو يقرأ خبراً متعلقاً بالقصف والقصف العنيف المضاد الذي تتعرض له أحياء كاملة في جوبر وفي دمشق لا يستأهل هذه المقدمة، فثمة أخطاء أكبر يقترفها مذيعو الفضائيات من باب ترجمتها الأخلاقية، وقد يكون هذا صحيحاً تماماً. لكن مايحدث على شاشة «آسيا»، وغيرها بخصوص الوضع السوري الدامي ليس نوعاً من الكاميرا الخفية التي تتوسل اضحاك المشاهدين. وبالتأكيد ليست محاولة زميلته انتشاله من الهنّة الأخلاقية هي مفتاح الخلاص، فلا يمكن أن تختتم العرس الدموي بابتسامة، ليس هناك ماهو أفضل منها.

المفتاح يكمن في القراءة الأخلاقية الجديدة لكوادر مايسمى الإعلام العربي الجديد، وهو يرسم منحنى لخريفين: الخريف العربي كما تراه «آسيا»، وخريف الإعلام العربي كما يرسمه أصحابه بجرأة.