غياب البديل ونمو أعمال الشركــــــــات يدعمان صعود الأسهم

خبراء: الاستثمار في الأسهم حالياً أفضل من التسابق بعد الطفرات السعرية

غياب البديل ونمو أعمال الشركــــــــات يدعمان صعود الأسهم

زيادة معدلات التداول والسيولة تدريجياً أفضل من تحقيق طفرة في التداولات نتيجة لمضاربات عشوائية.
زيادة معدلات التداول والسيولة تدريجياً أفضل من تحقيق طفرة في التداولات نتيجة لمضاربات عشوائية.

أجمع خبراء ماليون على أن الاستثمار حالياً في الأسهم، أفضل من التسابق على الاستثمار بعد تحقيق ارتفاعات سعرية كبيرة، لاسيما أن هناك مؤشرات أكيدة على بداية تعافي الأسواق، تتمثل في تحسن القطاع العقاري، وزيادة التدفقات النقدية من المؤسسات المالية الأجنبية، فضلاً عن إعلان مؤشرات اقتصادية كلية ايجابية، منها رفع صندوق النقد الدولي توقعاته السابقة لنمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي للإمارات للعام الجاري من 2.3 إلى 4٪، وتوقع دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للإمارة بنحو 3.9٪ خلال العام الجاري.

وأكد الخبراء أن ما يدعم التوقعات باستمرار صعود أسعار الأسهم وجود ثلاثة محفزات رئيسة للتعامل في أسواق الأسهم هي: المستويات السعرية المنخفضة، وعدم وجود استثمار بديل أفضل يحقق العائد ذاته، فضلاً عن توقع نمو نتائج أعمال الشركات عن الفترات المالية المقبلة.

وأكدوا أن انخفاض قيمة التداولات عند حدوث تصحيح في أسعار الأسهم، يظهر أن الحس «المضاربي» أصبح بعيداً نسبياً عن السوق، إضافة إلى أن طبيعة المتداولين حالياً هي المؤسسات المالية والمستثمرون الأفراد طويلو الأجل، وهي عناصر كانت غائبة عن التداول النشط طوال سنوات مضت.

مخاوف عالمية

وتفصيلاً، قالت رئيسة قسم البحوث والدراسات المالية في شركة «الفجر» للأوراق المالية، مها كنز، إن «الأسواق المحلية ظلت في الأسبوع الماضي حبيسة حالة الانتظار لنتائج الشركات عن الربع الثالث من العام الجاري، فباتت التذبذبات السعرية لمعظم الأسهم القيادية تتحرك في نطاق ضيق، وانخفضت أحجام التداولات بشكل ملموس»، مضيفة أن «حالة الثبات تلك عبرت عن حالة صراع بين توقعات المستثمرين المتفائلة لنتائج الشركات خصوصاً القطاع العقاري من جهة، وبين تخوفهم من تفاعل الأسواق المحلية مع ما يدور في الأسواق العالمية من أجواء سلبية نتيجة تقارير صادرة عن منظمات عالمية تشير إلى تراجع طفيف في توقعات النمو العالمي من جهة أخرى».

وأوضحت أن «الأجواء السلبية في البورصات العالمية تولدت بعد صدور نشرة صندوق النقد الدولي عن آفاق الاقتصاد العالمي، التي خفض فيها تنبؤاته، ويتوقع أن يصل معدل النمو العالمي إلى 3.3٪ في العام الجاري، ليصل في عام 2013 إلى معدل لايزال بطيئاً وقدره 3.6٪».

وذكرت أن «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، كشفت في أحدث تقرير شهري لها عن الاقتصاد العالمي، عن أن مؤشرها المجمع للدول الأعضاء الـ33 أظهر تراجعاً إلى 100.1 نقطة في أغسطس، من 100.2 نقطة في يوليو الذي سبقه، ما يشير إلى استمرار تباطؤ النمو»، لافتة إلى أن «مؤشر المنظمة لمنطقة اليورو تراجع إلى 99.4 نقطة من 99.5 نقطة، في حين تراجع مؤشر الدول الصناعية السبع الكبرى (فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، وبريطانيا والولايات المتحدة، وكندا) بمقدار نقطة كاملة إلىأ100.2».

وأشارت كنز إلى أن «صندوق النقد الدولي حث الدول الغربية مجدداً على اتخاذ إجراءات سريعة مع استمرار أزمة ديون اوروبا، وعبر عن إحباطه من رد أوروبا التدريجي على أزمة ديونها، وحذر من أن استقرار تكاليف الاقتراض لدول مثقلة بالدين مثل إسبانيا أخيراً، قد لا يستمر طويلاً ما لم يتوصل زعماء منطقة اليورو إلى خطة شاملة وجديرة بالثقة»، مذكرة بخفض مؤسسة (ستاندرد أند بورز) التصنيف الائتماني لإسبانيا، كما خفضت النظرة المستقبلية إلى سالب».

الوضع الإماراتي

وفي ما يتعلق بالشأن الإماراتي، أفادت كنز أن «صندوق النقد الدولي رفع توقعاته السابقة الصادرة في أبريل الماضي، لنمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي للإمارات للعام الجاري من 2.3 إلى 4٪، كما رفع تقديراته للنمو الاقتصادي للدولة في عام 2011 من 4.9٪ سابقاً إلى 5.2٪، ورجح أن يصل معدل النمو الاقتصادي للإمارات إلى نحو 2.9٪ في عام 2013 بدلاً من 2.8٪».

وأضافت أن «دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي أكدت من جانبها تحقيق اقتصاد الإمارة نمواً بنسبة 30٪ بالأسعار الجارية خلال عام ،2011 وتنبأت بنمو الناتج المحلى الإجمالي الحقيقي للإمارة بنحو 3.9٪ خلال العام الجاري، مع توقع استمراره في النمو التدريجي في السنوات اللاحقة ليحقق معدل نمو في المتوسط 5.7٪ خلال الفترة بين الأعوام 2013 و2016».

وقالت إن «من بين المؤشرات الاقتصادية الإيجابية مؤشر دورة الأعمال الذي تصدره دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي، ليقيس مدى التفاؤل والتشاؤم لدى رجال الاعمال في اقتصاد الإمارة، إذ أشار إلى استمرار تحسن أداء اقتصاد الإمارة خلال الربع الثاني من العام الجاري، بعد ارتفاعه بنحو 2.4 نقطة خلال الربع الثاني، مقارنة بالربع الأول من العام نفسه، ما يعد الارتفاع الخامس على التوالي للمؤشر منذ الربع الثاني من عام 2011».

وأضافت أن «الإمارات حلت في المرتبة الأولى إقليمياً، والرابعة عالمياً في مؤشر سهولة ممارسة الاعمال وفق تقرير (الكتاب السنوي للتنافسية) لعام ،2012 الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية، لتتفوق بذلك على الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا والصين، ما يدل على أهمية موقع الدولة الحيوي، مركزاً محورياً للأعمال في العالم من جهة، ومدى تطور العوامل الأساسية اللازمة لبناء بيئة ناجحة للأعمال».

نظرة تفاؤلية

من جهته، قال عضو الجمعية الأميركية للمحللين الفنيين، حسام الحسيني، إن «أداء أسواق الأسهم المحلية، عكس استمرار صعود الأسهم وقدرة الأسواق على المحافظة على الارتفاعات والصمود أمام عمليات جني الأرباح، ما زاد من النظرة التفاؤلية والتوقعات الإيجابية لأداء الأسواق لدى المستثمرين».

وأضاف أنه «على الرغم من أن تدني معدلات التداول قياساً الى الارتفاعات المحققة لايزال عنصراً يقلق الكثير من المتعاملين في السوق، فإن مقارنة معدلات التداول خلال الربع الثالث بالربع السابق، تظهر زيادة ملموسة في معدلات التداول وهو أمر إيجابي ومطلوب».

وأوضح أن «من العوامل التي أدت إلى عدم زيادة معدلات التداول، انخفاض قيمة التداولات عند حدوث تصحيح في أسعار الأسهم، ما يظهر أن الحس (المضاربي) أصبح بعيداً نسبياً عن السوق، إضافة إلى أن طبيعة المتداولين حالياً هي المؤسسات المالية والمستثمرون الأفراد طويلو الأجل، وهي عناصر كانت غائبة عن التداول النشط طوال سنوات مضت».

وذكر أن «من إيجابيات أسواق الأسهم أخيراً، زيادة التدفقات النقدية من مستثمرين أجانب، لتقود الارتفاعات، وتتحفز المؤسسات المحلية لاقتفاء أثر هذه التعاملات»، مؤكداً أهمية زيادة فاعلية المؤسسات المحلية، لاعباً رئيساً في السوق، خصوصاً أن أنشطة الاستثمار وإدارة الصناديق الاستثمارية لا تمثل جزءاً يذكر من طبيعة عمل البنوك المحلية على الرغم من توافر رؤوس الأموال والسيولة لديها».

وتوقع الحسيني أن تشهد الأسواق المحلية في الفترة المقبلة زيادة ملحوظة في تعاملات المؤسسات المحلية، تتبعها زيادة في تداولات المؤسسات المالية الخليجية، خصوصاً بعد أن أسهم بعضها في التداولات النشطة على عدد من الأسهم القيادية».

واختتم بالقول إنه «على الرغم من التحفظات حول عدم نشاط التداولات بالشكل المطلوب، فإنه يمكن القول إن الارتفاعات التي حدثت في أسعار الأسهم تعد (مريحة) ومنطقية للمحللين»، مسوغاً ذلك بأن «الارتفاعات المحققة نتجت عن محفزات حقيقة، وحدثت في أسهم قطاعات قيادية مثل العقارات في دبي، والبنوك في أبوظبي، وليس نتيجة مضاربات على أسهم غير قيادية كما كان يحدث سابقاً، ما ينبئ بأن ما يحدث من ارتفاعات يمثل ظاهرة (صحية) ستستمر فترة».

محفزات رئيسة

بدوره، أيد المدير المالي الأول في شركة «ضمان» للاستثمار، وليد الخطيب، ما ذكره نظيراه عن إيجابية أداء أسواق الأسهم المحلية، فقال إن «الأداء كان صحياً جداً، إذ جاءت الارتفاعات نتيجة لأسباب منطقية أهمها نتائج أعمال الشركات التي عززت من ارتفاعات الأسهم، وظهور مؤشرات أكيدة على تحسن القطاع العقاري».

وأضاف أن «انخفاض السيولة وتدني معدلات التداول نسبياً له ما يبرره، وهو رغبة المستثمرين في التأكد من استمرار تحسن الأداء فترة، وأن حركة السوق ستستمر، وعندها ستتدفق السيولة للسوق، ما يمنح الفرصة لانعكاس نتائج أعمال الشركات بشكل واضح على أسعار أسهمها».

وأكد الخطيب أن «ما يدعم التوقعات باستمرار صعود المؤشرات وأسعار الأسهم وجود ثلاثة محفزات رئيسة للتعامل في أسواق الأسهم هي: المستويات السعرية المنخفضة، ما يقلل المخاطرة الاستثمارية بشكل كبير، وعدم وجود استثمار بديل أفضل يحقق العائد ذاته، خصوصاً أن عائد السندات يبلغ نحو 4٪ والعائد على الودائع البنكية يبلغ 2٪ في حين أن متوسط العائد على الأسهم يقارب نحو 10٪»، مشيراً إلى أن «المحفز الثالث يتمثل في توقع نمو نتائج أعمال الشركات عن الفترات المالية المقبلة، ما يبشر بأن أسواق الأسهم لابد أن تصبح في وضع أفضل مما هي عليه الآن».

وأفاد بأن «زيادة معدلات التداول والسيولة تدريجياً تعد أفضل من تحقيق طفرة في التداولات نتيجة لمضاربات عشوائية تنتهي سريعاً»، لافتاً إلى أن «تراجع معدلات التداول في أوقات التصحيح في الأسعار وجني الأرباح يعد أمراً منطقياً».

وأشار إلى أن «دخول المستثمرين في الوقت الحالي يعد أفضل من تسابقهم على الاستثمار في الأسهم، بعد تحقيق ارتفاعات سعرية كبيرة، لاسيما أن هناك مؤشرات أكيدة على بداية تعافي الاسواق»، متوقعاً أن تواصل الأسواق صعودها على مدى المستقبل القريب.