عبدالله محمد الصالح ـ شربت مع ملحد كويتي !

كنت أتبادل أطراف الحديث مع شخصية اعلامية مرموقة بحضرة ثلة من المختصين في الاعلام٬ فاذا بذاك الرجل بدين الهيئة٬ جهوري الصوت٬ حليق الذقن٬ ذي شارب بعرض رصيف الشارع٬ يدخل علينا حاملا «صوغه» هدية السفر الى الاعلامي٬ فردد الجميع: ادعو له بالهداية شيخ٬ فظننت أنها مزحة فبادرتهم بالقول: الله هاديه وهو شيخ أصلا٬ فضحكنا٬ وجلس مقابلي باسما.
ومع الأحاديث مع هذا وذاك٬ لاحظت عينه لا تفارقني وكأنه متعطش لحوار٬ فتحدثنا عن الأوضاع الاقليمية والحرب على داعش وأسبابها٬ وهل هم متطرفون فكريا أم أداة بيد الأمريكان٬ فشرقنا وغربنا٬ لكنه كان دائما يؤكد ان العلة في المتدينين٬ ويلمز الى قصور في الاسلام ذاته.فشدني حديثه وجرأته٬ وبادرته بأسئلة كالرصاص متتالية ودقيقة في أهدافها لأستوضح ان كانت خواطري صحيحة أم لا.وبالفعل حدث الذي لم أتخيله بسؤالي النهائي٬ هذا يعني أنك غير مسلم؟ فأجاب: نعم لست مسلما! عندما أعلن أنه غير مسلم أخذ الكل ينظر الى ردة فعلي كون كل من في المجلس يعرفون فكره ولم يتوقعوا ان يصرح بمثل هذا أمامي.فتمالكت أنفاسي وأعدت النظر الى حاله كونه قد ضل عن سبيل الله٬ والضال يحتاج منا الى عناية خاصة في عباراتنا وأفعالنا حتى نكسبه كأخ في الانسانية ومن ثم باذن الله كأخ في الاسلام.فليس من الحكمة ان أزبد وأرعد وأهدده بعذاب النار والفضيحة بين أهل المدينة فهذا كله غير مجد لاسيما في رجل بلغ من العمر عتيا٬ ومحصن بعلاقات نافذة مع أقطاب مؤثرة في البلاد.
ولهذا أخذت منحى التلميذ الذي يستمع الى معلمه٬ وتركته يتحدث عن فكره وبداية ردته والحاده٬ وما هي الأسباب وما الى ذلك من أشجان٬ فباح بما في خاطره٬ فقلت: لا أتصور أنك مقتنع تماما بما تتفوه به والدليل كثرة أسئلتك عن الحقيقة٬ فرد: أحسنت أنا أناقش وأسأل لشكي في شكي! وهنا مربط الفرس أعزائي القراء فهو يشك ولعدم يقينه بهذا الشك فهو يشكك في هذه القناعة فلا يمل من السؤال.
الخلاصة أنني شربت مع الملحد أكثر من استكانة شاي بدون كحول٬ لكنني سكرت في الحديث حتى الثمالة فكان ممتعا للغاية مع دعواتي له بالهداية٬ وعاهدت نفسي أنني لن أمل أو أكل من نصحه حتى يسلم مرة أخرى٬ وأحتفظ بتفاصيل شخصه الكريم..يا معود؟!