عبداللطيف الدعيج ـ من قال عندنا حكومة

أغلب من يعتقدون أنهم متابعون جيداً للوضع المحلي، ولديهم خبرة وسبرة لأوضاعه وشؤونه، يجزمون بأن الحكومة والمجلس منسجمان. أو أن المجلس الحالي بيد الحكومة، تستطيع أن تقنعه بما تشاء، أو أن تفرض عليه ما تتطلبه سياساتها من قوانين ومشاريع.

مع ان الواقع غير ذلك على الإطلاق، لأن هناك فرقاً كبيراً بين انتفاء أو تلاشي المعارضة وبين الموالاة أو الانسجام الكامل. ليس هناك معارضة «سياسية» للحكومة في المجلس الحالي، وليس هناك ايضا موالاة كاملة من اغلبية مريحة، تساند الحكومة وتفرض رؤاها الخاصة على المجلس. وذلك لسبب بسيط، من المفروض ان يكون بديهيا لكل من راقب وضع السلطة او الحكومة هنا. وهو ان الحكومة نفسها ليس بينها انسجام، او بتعبير اكثر وضوحا، ان الحكومة ليس لديها برنامج حقيقي متفق عليه ويسعى الى تحقيقه اغلبية وزرائها.

ليس لدى الحكومة برنامج او حتى نهج واضح. صحيح أن لدينا الآن خطوطاً عريضة لحلم تحويل الكويت الى مركز مالي، تشير اليه السياسات والخطب الحكومية الرسمية بين الحين والآخر. لكن ليس هناك مساع جادة لرسم سياسات وانتهاج برامج سياسية واقتصادية واجتماعية، تضع البلد في المضمار المعلن. وليس لدى الحكومة حتى برنامج محدد يقود المسار الحكومي، ويرسم خرائط مساره، لأن الحكومات في الكويت غالبا ما تشكل لتتبنى برامج وخطط الحكومات السابقة.. منذ الستينات وحتى الآن تتبنى الحكومات ووزراؤها خطط وبرامج ما سبقها من حكومات، منذ الستينات يهتدي الخلف بما سلف. هنا لدينا مجلس وزراء، ولكن ليس لدينا حكومة. وهنا تكمن المعضلة. الحكومة أو شبه الحكومة الوحيدة كانت في مجلس 1974.. ولكن لم تدم غير أربع سنوات حدثت الردة الكبرى بعدها.. وتم مسح وتغيير كل ما بنته حكومة 1970 ـــ 1974.

إن خفوت المعارضة أو غياب الزعيق والضجيج لا يعني أن الحكومة والمجلس لديهما الرؤى السياسية والاقتصادية ذاتها، بل الملاحظ بشكل جيد للحكومة وللمجلس بالذات يكتشف بلا عناء ان «الرؤى السياسية» او حتى الميل السياسي لا يتوفر لأي منهما.. أعضاء الحكومة يسيرون على البركة، وأعضاء المجلس يتبعون بشكل غريب في الاتجاه المعاكس.