عبداللطيف الدعيج ـ قضية سكنية أم استثمارية

نتائج استفتاء مكتب مجلس الامة المعلنة عن اولويات المواطنين الذين تم الاطلاع على آرائهم، او همومهم في هذه الحالة، تشير الى ان اولوية الاولويات هي القضية السكنية. انتخابات المجلس البلدي، التي تغيب عنها – بلا مبالغة – كل المواطنين، تشير الى عكس ذلك تماما. فالمعني بقضية السكن من المفروض ان يكون معنيا ايضا وبدرجة كبيرة بمن يخطط ويهندس لهذا السكن وهو المجلس البلدي المختص بتحديد نسب البناء ومواقعه وتوفير الخدمات للمناطق السكنية.

مع الاعتذار بشدة لكل الشباب الحالمين بالسكن النموذجي المنتظر، فان قضية الاسكان او الازمة مبالغ فيها بشكل كبير. فانا، وليسمح لي الشباب الذين شابوا وهم ينتظرون الدور، لا اعتقد بوجود مشكلة ملحة في السكن. فليس لدينا مدن صفيح وليس لدينا مواطنون ينامون في العراء والحكومة مع هذا تعوض من ينتظر ببدل ايجار!! صحيح ان هناك انتظارا غير طبيعي وغير ضروري في ظل الامكانات المادية المتوافرة بكثرة لدى الدولة، ولكن جزءا كبيرا من هذا هو من خلق المواطن، ونتيجة للذهنية الريعية المتسيدة حاليا بين المواطنين.

السكن الحكومي تحول هنا بدلا من تلبية لحاجة ضرورية الى استثمار واستنفاع مادي يحقق لمن يمتلكه الدخل الاضافي والربح العقاري المبالغ فيه. عند بدء «رش النفط» كان التثمين هو الاداة التي تحصل من خلالها اغلب المواطنين على نصيب من الثروة النفطية. حاليا بعد تثمين اغلب البيوت اصبح السكن او الحصول على البيت الحكومي شبه المجاني بديلا عن التثمين. الكويتي يتحصل على السكن ليس بهدف السكن فيه ولكن بهدف استثماره وتحقيق ثروة خيالية من خلاله. لهذا هناك اصرار على السكن الافقي، ولهذا هناك اصرار على السكن في المناطق القريبة، ولهذا اصلا هناك اصرار على الاستحواذ على السكن الحكومي.

ماذا لو تحول «المسكن» الى سكن، وليس الى وسيلة استثمارية، اي ان الدولة تمنحه للمواطن ليسكن فيه وليس ليستثمره. يعني لا يحق له امتلاكه او بيعه او حتى توريثه لابنائه، بل يستخدمه ملجأ وسكنا.. لو تبنينا هذه السياسة هل ستكون القضية الاسكانية بمثل اولويتها الحالية؟!! مرة ثانية مع الاعتذار لكل الحالمين بالثروة العقارية المنتظرة .