عبداللطيف الدعيج ـ المعارضة الرجعية

أمس انا كنت أكثر من غلطان. او بالكويتي كان «ما عندي سالفة بالمرة». فالادعاء كما جاء في عنوان مقال الامس ان المواطن الكويتي ينظر الى العمل كمصدر رزق خطأ في خطأ. لان الواقع، ان الامر هو كما جاء في المتن، المواطن الكويتي ينظر الى العمل على انه «ريشنة» او بطاقته التموينية للاستحواذ على نصيبه من الثروة الوطنية. فالمواطن الكويتي بصفة عامة لا يعمل، بل هو يتحصل على الوظيفة لاستلام المقسوم من دخل النفط.

ان من طبيعة العمل ان يتم ضم موظفين جدد في حال تطلبت مستلزمات الإنتاج ذلك. ومن طبيعة العمل أيضا الاستغناء عن الفائض من قوة العمل ان تدنى الإنتاج. في أحيان كثيرة يكون انهاء خدمات بعض العاملين مثل آخر الدواء.. الكي، القصد منه الحفاظ على سلامة واستمرار بقية الأعضاء. يعني حتى يفهم السادة المعترضون، لو لم يتم الاستغناء عن خدمات «ابجد»، لوجد «هوز وحطي كلمن» أنفسهم بلا عمل.

احدى مؤسساتنا الاجتماعية اصدرت يوم أمس بيانا شديد اللهجة ضد الشركة التي «اضطرت» الى انهاء خدمات بعض الموظفين الكويتيين. وهددت الجمعية «العملاقة» بمقاطعة الشركة بسبب فعلتها الشنيعة. انا لو كنت من بقية جميع مؤسساتنا الحرة ــ وشركات الاتصالات بالذات ــ لقمت بمقاطعة هذه الجمعية والامتناع عن خدمة ليس الجمعية ولا اعضاء مجلس ادارتها فقط. بل كل المساهمين فيها. ولقنتهم درسا عمليا في احترام وتقدير العمل الحر. يعني السادة متخذي القرار التعاوني الفذ يريدون ان يلزموا أنفسهم اليوم وفي الغد بمواصلة توظيف وتشغيل كل العاملين «الكويتيين» بغض النظر عن أدائهم، ورغما عن احتياجات العمل والإنتاج!

انا اعلم ان هناك الكثيرين من حسني النية، ممن أبدوا اعتراضهم او استياءهم على قرار الفصل. لكن بغض النظر عن الدافع والهدف يبقى ان هذا الاستنكار العنيف هو استنكار لنظام الخصخصة. وتصدٍ اناني لعمليات التطوير والتغيير، التي يجب ان تطول البنية الاقتصادية والاجتماعية في الكويت. وهو مع الأسف مثل كل الاعتراضات «الشعبية» في السنوات الأخيرة. همها الأساسي وقف عملية البناء والتنمية والإبقاء على «طمام المرحوم». وكل ذلك بالطبع تحت دعاوى الوطنية والإصلاح او مكافحة الفساد او سرقات المال المزعومة.