عبداللطيف الدعيج ـ الأمة مصدر الأزمات

من الغريب جدا ان المواطن الكويتي لسبب ما يحظى برعاية وربما مصالحة من قبل الجميع. ويسعى الكل الى تبرئته واعفاء مسؤوليته عن اي من المشاكل او الازمات التي يعاني منها بلده. يحرص الجميع، الفاسدون على قولة المعارضين، والمؤزمون على قولة من يُتهمون بالفساد، على تنزيه المواطن الكويتي واخلاء ذمته، وذلك بشكل غريب ومدهش لا يتوافق تماما والظواهر الواضحة والادلة البينة على مشاركة، او بالاحرى مساهمة المواطن الكويتي بشكل اساسي في الازمات والمشاكل التي يتعرض لها البلد.

الهدف من كل هذا واضح بالطبع، اذ ان الاقرار بان المواطن الكويتي ليس سبب او اصل الازمات يعني ان الحل والعلاج يجب ان يبقيا بعيدين عنه، ويجب الا يطولا ظروف معيشته واسلوب حياته، بل من المقزز ان البعض يتمادى مطالبا بتحميل الوافدين وحدهم عبء تصحيح الانحرافات، وتحميلهم وحدهم بالذات متاعب ومصاعب الترشيد في الاستهلاك والصرف. وكأن الوافدين هم «البطالية»، وهم من يجوب الشوارع بلا عمل، وهم من يبحث عن اي شيء لـ«يقزر» وقته.

المشكلة للمرة الالف ان المواطن الكويتي لا يعمل. ولا يتعب ولا يعرق، لهذا فان الفراغ الذي يعاني منه والوقت الوفير الذي يتوافر له، يخلقان الازمات وتتفرع عنهما ظواهر غير حضارية وغير مدنية تتحمل تكلفتها الميزانية العامة، وفي الغالب الصحة العامة ايضا. لو اشتغل المواطن الكويتي بشكل حقيقي وجدي لما توافر له الوقت للف والدوران وقضاء معظم وقته يبحث عن اي وسيلة تساعده على قتل الوقت. اي ان ليس اغلب بل كل الازمات التي نعاني منها سببها بالاساس التفرغ التام الذي يتمتع به المواطن الكويتي.

وطالما ان هناك اصرارا على ان المواطن ليس هو من «يخلق» المشاكل او يحدد الازمات، فان علاج هذه المشاكل سيكون مستحيلا وبعيد التحقيق. ويبدو ان الهدف الاساسي هنا من عدم تحميل المواطن الكويتي المسؤولية يعود الى ان احدا لا يريد له ان يتولى القيادة او ان يكون بالفعل مركز الفعل والعمل. هناك من يصر على ان يبقى المواطن الكويتي اتكاليا وبعيدا عن تحمل المسؤولية، حتى يبقى ايضا بعيدا عن صنع القرار او المساهمة الحقيقية في ادارة البلد، وهذا يتيح لكل الطامحين وكل المتسلقين وكل الحريصين على التفرد بالسلطة ان يبقوا الاوضاع على ما هي عليه، اي بيد الساسة وليست بيد المواطنين. بالعربي اذا أقررنا بان الامة هي مصدر الازمات فان ذلك يعني بشكل روتيني الاقرار بان الامة هي مصدر السلطات، اعفاء المواطن الكويتي من المسؤولية يعني وضعه على الرف، وهذا ما هو حادث حاليا.