د. عبدالرحمن العوضي ـ لماذا نأخذ حقوق الكويتيين ونتصدق بها كهبة عليهم!؟

عجيب وضع الكويت، فالمعروف في الاقتصاد السليم لأي دولة أن هناك نسبة تضخم سنوي يحسب له حساب فيما تصرفه الدولة على موظفيها، حيث إن نسبة هذا التضخم تعادل ما تفقده العملة من قوة شرائية حسب تغيرات الوضع الاقتصادي في البلاد أي ان ما كان يشتريه الإنسان بدينار قبل خمس سنوات على سبيل المثال اكثر بكثير مما يمكن ان يشتريه الدينار في الوقت الحالي، وهذا أمر طبيعي لأي اقتصاد ويصبح من واجب الحكومة تعديل معاشات الموظفين على ضوء هذا التضخم وعلى ضوء فقدان القوة الشرائية للدينار، لأن مرتب الموظف في اغلب الأحوال يكون دخله الوحيد وحياته مرتبطة بهذا الراتب.

وهذا بطبيعة الحال من حق المواطن أن يعوض سنويا ويعدل راتبه بمعدل التضخم ولا يترك حتى يتلاءم هذا التضخم لسنوات، وتأتي الحكومة بعد ذلك وتتفضل عليهم بمنحة لا تعادل ما فقدته العملة من قوة شرائية، وما عشناه في السنوات الثلاث الأخيرة من تخبط في الكوادر الجديدة للموظفين وما ظهر في اللقاءات المختلفة على فقدان التوازن الحقيقي في وضع الاقتصاد في البلد.

لا يجوز أبدا أن نأخذ حقوق الناس وننسى أننا بهذا التصرف الذي تقوم به الحكومة حرمنا الموظف من حقه الطبيعي وأعطيناه له بعد عراك سياسي واجتماعي، وكأننا قد أعطيناه هبة من الدولة!

مثل هذا التصرف بطبيعة الحال يجعل الموظف لا يعمل بإخلاص للحكومة صاحبة العمل على اعتبار أن الحكومة مجبرة على توظيفه حسب فهم خاطئ لنص المادة (41) من الدستور «لكل كويتي الحق في العمل وفي اختيار نوعه.

والعمل واجب على كل مواطن تقتضيه الكرامة ويستوجبه الخير العام وتقوم الدولة على توفيره للمواطنين وعلى عدالة شروطه»، مع انه في حقيقة الأمر الحكومة مسؤولة عن توفير فرص العمل للموظف وليس توظيفه بشكل إلزامي.

مثل هذه التفسيرات والتبريرات كلها حرمت الموظف الكويتي من حقه في اي نظام اقتصادي بوضع حقوق الناس كلها في مجاله، والتضخم الاقتصادي يحصل في جميع الأنظمة ولكن الدول عادة تصدر قوانين تحافظ فيها على حق الموظف وتعوضه عما يفقده بسبب هذا التضخم.

يا ناس، لا تعودوا الناس على الشحاتة وتعتبروا حقهم المكتسب تكرّما وتفضّلا من اعضاء مجلس الأمة او الحكومة بل هو حق ملزم لا يجوز التقصير فيه.

يكفينا تعويد الناس على مثل هذه التصرفات التي نراها.

فعلى سبيل المثال: كل من طالب بالمظاهرات أو الإضرابات أو بالتحرك السياسي قد حصل على الزيادة ومبالغ أخرى أسكتته وأقنعته بأن يوقف مطالبه، في حين ان المتقاعدين، على سبيل المثال، لم يحصلوا على أي شيء رغم التضخم الاقتصادي، أي إن من يستلم معاشا تقاعديا منذ عشرين سنة لم يتغير هذا المعاش، مع أن القوة الشرائية لهذا المعاش قد تكون في بعض الأوقات لا تزيد على ربع ما كانت عليه عندما بدأ تسلمه لهذا المعاش التقاعدي.

فتعويض التضخم يجب ان يكون بتعويض المواطنين بنسبة هذا التضخم.

وهذا نوع من الغبن الذي يصيب الإنسان الكويتي بسبب عدم اتباع القواعد الاقتصادية السليمة في التعامل مع موارد الدولة ومصاريفها.

فقليل من الحكمة والرحمة والعدل والمساواة بين جميع الموظفين.

فلنعط كل موظف حقه ويجب الا نعتبر هذا الحق تفضلا من الدولة على هذا الموظف المسكين الذي بنى آماله وحياته على ما تصرفه الدولة له.

ولنغير مفهوم الوظيفة الحكومية كما عرفها اخواننا في مصر عندما قالو ان الوظيفة الحكومية هي الضمان الوحيد للمستقبل لدرجة ان عندهم قولا معروفا ومشهورا «ان فاتك الميري تمرغ في ترابه».

يا جماعة ترى الظلم شين، وكفوا عن ظلم الناس، واعطوا كل ذي حق حقه.