صحيفة العرب القطرية: سجن زعيم المعارضة الكويتية يحرك الشارع ويهز البورصة

 
 
 
عاشت الكويت أمس يوما عصيبا ستزداد وتيرته ارتفاعا خلال الأيام المقبلة وسط أزمة سياسية حادة، وذلك بعد خروج أكثر من 10 آلاف شخص في مسيرة حاشدة احتجاجا على الحكم الصادر من قبل محكمة الجنايات بسجن زعيم المعارضة الكويتية النائب السابق مسلم محمد البراك 5 سنوات مع الشغل والنفاذ، بعد اتهامه بقضية أمن دولة وتوجيه عدة تهم له، من بينها المساس بالذات الأميرية والتدخل بصلاحيات الأمير والتطاول علنا على مسند الإمارة إثر خطابه الشهير في أكتوبر من العام الماضي بساحة الإرادة خلال ندوة «كفى عبثا»، وهو الخطاب الذي عرف بعبارة «لن نسمح لك»، حيث جاءت الندوة حينها ضمن حراك المعارضة احتجاجا على حكم المحكمة الدستورية بحل مجلس أمة 2012 المبطل والذي كان يضم الأغلبية من المعارضة، واحتجاجا على إقرار مرسوم الصوت الواحد، وقاطعت المعارضة الانتخابات في ما بعد.البراك: الحكم ظالم وباطل
وبدأ اليوم العصيب بالكويت صباح الاثنين بجلسة النطق بالحكم 5 سنوات، وهب مئات المواطنين حينها لديوان مسلم البراك تضامنا معه وعبروا عن صدمتهم من الحكم القاسي وفقا لوصفهم، واللافت للنظر أن مكونات أطياف المعارضة الكويتية والتي تضم ائتلاف المعارضة وتنسيقية الحراك والأغلبية تناسوا خلافاتهم الداخلية في ما بينهم، وتضامنوا جميعا مع مسلم البراك، ومنهم النائب السابق وليد الطبطبائي وهو من المحسوبين على السلف، حيث أبدى استنكاره للحكم وأكد في تصريح له بالديوان أن مطلب الحكومة المنتخبة أصبح مستحقا حاليا، وكذلك النائب السابق الدكتور جمعان الحربش وهو من الحركة الدستورية الإسلامية كان له رأي متضامن مع بقية زملائه بالمعارضة.
وبدوره، وصف البراك الحكم بالظالم والباطل لعدم توافر ضمانات العدالة خلال المحاكمة، ومنها انسحاب هيئة الدفاع عنه وعدم موافقة القاضي على إعادة المرافعة مجددا أو حتى إعادة توكيل محام جديد، وأبدى استعداده لتسليم نفسه إذا حضر منفذو الحكم التابعون لوزارة الداخلية مع كتاب رسمي يفيد بذلك، ونفى أنه أساء لأمير الكويت في خطابه، وأنه يحق له مخاطبة الأمير لأنه مواطن، على حد قوله.منفذو الحكم لم يكن بحوزتهم
كتاب رسمي
وازدادت وتيرة اليوم العصيب والاحتقان مع حضور مدير إدارة تنفيذ الأحكام التابع لوزارة الداخلية لديوان البراك لاعتقاله، إلا أن المسؤول الأمني لم يكن بحوزته أي كتاب رسمي لتنفيذ الحكم، وتذرع بوجود الحكم ونشره بالصحف والتويتر مما سبب حالة من السخرية في أوساط مواقع التواصل الاجتماعي بالكويت، ثم غادر المسؤول الأمني دون اعتقال البراك. وفي فترة المساء عقدت ندوة خطابية بديوان البراك قام فيها نواب سابقون ونشطاء بإعادة قراءة النص الكامل لخطاب مسلم البراك والذي تسبب بسجنه، معتبرين أن الخطاب يمثلهم بجميع مضامينه التي قضت بسجن البراك، وتم الاتفاق بين مكونات المعارضة على تخصيص ندوات يومية يتم فيها السماح لعدة مجاميع شبابية لإعادة قراءة خطاب البراك علنا على أن يتبع ذلك مسيرات واحتجاجات.
وقال رئيس المكتب الإعلامي لائتلاف المعارضة زايد الزيد إن حكم بسجن البراك سنواجه «السلطة الغاشمة» بالمسيرات والاحتجاجات، على حد وصفه.
وعقب انتهاء الندوة الخطابية، خرج الآلاف والذين قدرت أعدادهم بأكثر من 10 آلاف شخص بالخروج بمسيرة حاشدة من ديوان البراك بمنطقة الأندلس الواقعة شمال الكويت تجاه مبنى السجن المركزي، وسط غياب أمني كلي عن المسيرة.

مؤشر البورصة يهبط 90 نقطة
وعن تأثيرات حكم سجن البراك، هبط مؤشر بورصة الكويت للأسواق المالية لأكثر من 90 نقطة مع بداية الإعلان عن الحكم، وسارعت الحكومة ممثلة بالهيئة العامة للاستثمار وهو الصندوق السيادي للكويت بالتدخل من خلال ضخ الأموال عبر الشركات المتداولة بالبورصة.
ومتابعة لذلك، كشفت وكالة رويترز لاحقا، أن معظم بورصات دول الخليج العربي تراجعت يوم الاثنين، حيث دفعت خسائر أسواق الأسهم العالمية وأسعار السلع الأولية المستثمرين إلى البيع لجني الأرباح وهبطت سوق الكويت بعد الحكم على المعارض السياسي البارز مسلم البراك بالسجن خمس سنوات.
ومن جهتها، استنكرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان حكم سجن البراك وطالبت السلطات الكويتية بإسقاط الحكم الصادر بحقه لعدم توافر ضمانات المحاكمة العادلة.
وقالت الشبكة في بيان لها: إن الحكم الصادر بحق النائب السابق مسلم البراك بسجنه خمس سنوات مع الشغل والنفاذ يعد حكما سياسيا باﻷساس لعدم توافر المسوغات القانونية له، وانتكاسة جديدة لحرية الرأي والتعبير بالكويت، ويعد استمرارا لمسلسل الأحكام الصادرة بحق عدد من المدونين والنشطاء في الآونة الأخيرة.
وبدوره، علق علاء شلبي الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان والذي يقوم بزيارة للكويت حاليا، بأن الحكم القضائي ضد البراك يأتي ضمن عدد من الخطوات السلبية التي تبعث بالرسالة الخطأ، ولا تنطوي على حلول صحيحة للارتباك السياسي والدستوري الذي تعيشه الكويت خلال العام ونصف العام الأخير، داعيا السلطات للبحث عن خطوات أكثر جدية لمعالجة أسباب الأزمات بدلاً من الخطوات التي من شأنها تعميق الاحتقان السياسي.
يذكر أن الحكم الصادر بحق البراك هو حكم درجة أولى، وما زال يحق له استئناف الحكم، ومن ثم درجة التمييز وهي الدرجة الأخيرة النهائية للقضية.

 
المصدر: صحيفة العرب