رأي الوزير السابق أحمد المليفي بما طُرح بساحة الإرادة من مستندات

في التجمع الذي دعت له كتلة العمل الشعبي ( حشد ) واتفقت عليه مجموعة من القوى السياسية والذي تم مساء يوم الثلاثاء الموافق 10 / 6 / 2014 في ساحة الارادة والذي هدف الى الحديث عن قضايا ووقائع فساد ارتكبها مسئولين سابقين ومتورط فيها رجال قضاء حاليين كما اشارت مصادر هذا التجمع، وأنها تملك الأدلة بالمستندات والأسماء ستطرحها في هذا التجمع من خلال الناطق الرسمي لها وهو النائب السابق  مسلم البراك .

 

 
لا شك بأن ما تم تسريبه من معلومات قبل التجمع سواء ما تعلق منها  بضخامة المبالغ المتحدث عنها وأهمية  وخطورة أطرافها سواء من مسئولين سابقين أو رجال قضاة حاليين جعل الجميع يترقب ويتابع هذا اللقاء سواء بالحضور له أو بمتابعته عن طريق وسائل ووسائط الاعلام المختلفة .
 
وأنا كمتابع لما طرح في هذه الندوة فإن ما طرح فيها لم يكن يختلف عما كان يطرح بالسابق من ندوات وحديث عن الفساد والمفسدين دون الاشارة إلى أسماء محدده أو أدلة قاطعة وجازمة في هذا الشأن ، والأدهى من ذلك أن لا نتائج تترتب على ما يطرح في مثل هذه الندوات فبعد انتهاء اللقاء وتألم من يتألم وسعادة وانتشاء من ينتشي يذهب كلٌ لحالة انتظاراً لندوة قادمة. 
 
إلا أن الأمر في هذه المرة يجب أن يختلف في التعامل مع ما طرح لسببين :-
أولهما ان ما طرح قبل الندوة وبعدها قد أشار الى أسماء محدده وكشف أوراق يقول بأنها تمثل تحويلات بنكية مالية غير مشروعة دُفعت لتحقيق أهداف غير مشروعة من مسئولين سابقين إلى قضاة حاليين ذُكروا بالأسماء .
وثاني هذا الأمر فإننا اليوم أمام المرسوم بقانون رقم 24 لسنة 2012 بإنشاء “الهيئة العامة لمكافحة الفساد والأحكام الخاصة بالكشف عن الذمة المالية” وهو قانون مهم وخطير ويجب أن يُفعَّل للتعامل مع مثل هذه الوقائع والاتهامات .
 
كلنا يعلم أن وراء مثل هذه الاتهامات أهداف سياسية تسعى لتحريك الشارع والبقاء عليه في تفاعل مستمر مع القوى السياسية المعارضة – وهو حق مشروع لها – ومثل هذه القضايا واستمرارها معلقة تمثل اكسير الحياة لهم لذلك فإنه من غير المتوقع أن يقدم أي بلاغ للنائب العام حول هذه الاتهامات خاصة من طرف من يدعي ملكية المستندات وأي بلاغ سيقدم من أي طرف آخر سيُتهم بأنه يسعى الى حماية المتهمين .
إلا أن هذا الموضوع يجب أن لا يمر مرور الكرام على هيئة مكافحة الفساد لخطورته وأهمية ما طرح فيه خاصة وأن قانون الهيئة قد أسند لها مثل هذه القضايا والمواضيع .
 
حيث أن الفقرة الأخيرة من المادة 20 من قانون الهيئة المشار إليه تنص على أنه ( وتباشر الهيئة بالتنسيق مع الجهات المختصة التحقيق من جرائم الفساد المنصوص عليها في هذا القانون متى وصلت إلى علمها بأي طريقة ) .
 
كما تنص المادة 24 من قانون مكافحة الفساد على أن ( مع عدم الإخلال بأحكام القانون رقم 32 لسنة 1968 المشار إليه تقوم الهيئة فور علمها بوجود شبهة جريمة فساد بجمع المعلومات والأدلة ولها في سبيل ذلك الاطلاع على السجلات والمستندات والوثائق المتعلقة بالجريمة محل العلم وكذلك طلب موافاتها بأية بيانات أو معلومات أو وثائق متعلقة بها ولها أن تقرر احالتها الى الجهات القضائية المختصة )
وعلى ذلك فإن الهيئة الآن وبعد ما تم التحدث فيه وما نشر على مواقع التواصل الاجتماعي من معلومات ومستندات عن واقعة الفساد أصبح من واجبها التحرك للتحقيق في الموضوع من تلقاء نفسها وليس لها ان تنتظر بأن يُقدم لها بلاغ من طرف ما .
 
على هيئة مكافحة الفساد استدعاء النائب السابق مسلم البراك والاستماع إلى أقواله ورؤية ما لديه من مستندات وبيانات على ما يدعيه، ولا يملك النائب السابق مسلم البراك رفض هذا الاستدعاء وإلا أصبح مرتكباً لجريمة الامتناع عن تزويد الهيئة بالمعلومات المطلوبة للوصول إلى جريمة يدعي هو بوقوعها كما يقول بأن لديه المعلومات التفصيلية حولها وذلك وفقاً لنص المادة 25 من قانون مكافحة الفساد التي تنص على أن ( للهيئة الحق في خاطبة واستدعاء أي شخص له علاقة بجريمة فساد لسماع أقوالة بشأنها ) .
 
كما تنص المادة 26 من قانون مكافحة الفساد على ان ( لا يجوز للجهات التابعة للقطاع الحكومي أو الخاص أو أي شخص طبيعي أو معنوي القيام بأي من الافعال الآتية :-
1- الامتناع دون مبرر قانوني عن تزويد الهيئة بأية سجلات أو وثائق أو مستندات أو معلومات قد تكون مفيده في الكشف عن أفعال الفساد .
2- إعاقة عمل الهيئة أو الضغط عليها لعرقلة أدائها لواجباتها أو التدخل في اختصاصاتها بقصد التأثير عليها. 
 
وفي حالة عدم استجابة سواء النائب السابق مسلم البراك أو غيره من الأشخاص التي ترى الهيئة استدعائهم لسماع أقوالهم والاطلاع على ما يملكونه من مستندات في هذا الشأن  فإنهم يرتكبون جريمة الامتناع عن مساعدة الهيئة أو إعاقتها عن القيام بأعمالها وفقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 44 من قانون مكافحة الفساد والتي تنص على أن ( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ألفين دينار ولا تزيد على عشرة آلاف دينار أو بأحدى هاتين العقوبتين كل من يخالف أحكام المواد ( 15و16و26و28 ) من هذا القانون.
 
وعلى النائب السابق مسلم البراك أن يطمأن بأنه بلاغه للهيئة العامة لمكافحة الفساد لن يؤدي إلى مساسه بأي مكروه وفقاً للمادة 36 من القانون حيث تنص على أن ( الابلاغ عن جرائم الفساد واجب على كل شخص وحرية المُبَّلِغ وأمنهُ وسكينتهُ مكفولة وفقاً لأحكام هذا القانون أو أي قانون آخر يقرر ضمانات أخرى في هذا الخصوص ولا يجوز المساس بالمُبَّلِغ بأي شكل من الأشكال بسبب الابلاغ عن هذه الجرائم ) .
 
كما نصت الفقره 3 من المادة 40  من قانون مكافحة الفساد على أن تشمل الحماية ( توفير الحماية القانونية للمُبَّلِغ : وذلك بعدم الرجوع عليه جزائياً أو مدنياً أو تأديبياً متى استكمل البلاغ الشرط المبيَّن في المادة 37 من هذا القانون )؛ والمقصود بالشرط الوارد في الماد 37 هو أن تكون هناك دلائل جدية تبرر اعتقاده بصحة الواقعة المُبَّلغ عنها .
 
اذن على الهيئة العامة لمكافحة الفساد أن تتحرك من الآن ولا تتعذر بعدم وجود اللائحة الداخلية أو بعدم وجود عدد كافي من الموظفين فما طرح من قضايا فساد ان صحت تشكل أمر خطير لا يحتمل التأجيل والتسويف فإلتزام الهيئة بواجباتها التي فرضها القانون قائمة منذ تاريخ نشر هذا القانون وفقا للمادة 58 منه، وأنا على ثقة بأن الجميع وكل من يحب الكويت على انتظار لهذا التحرك وحسم الأمور وعدم تركها للقيل والقال .