د. محمد الشيباني ـ نحن مع ولاة أمرنا .. ولكن!؟

«ولا نرى السيف على أحد من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- إلا من وجب عليه السيف، ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا، وإن جاروا، ولا ندعو عليهم، ولا ننزع يداً من طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله -عز وجل- فريضة، ما لم يأمروا بمعصية، وندعو لهم بالصلاح والمعافاة». (أبو جعفر الطحاوي).

 

تعليل ذلك ـ كما قال أهل العلم ـ أي لزوم طاعتهم وإن جاروا، فلأنه يترتب على الخروج من طاعتهم من المفاسد أضعاف ما يحصل من جورهم، وأكبر الدلائل وأوضحها الانقلابات التي وقعت منذ بداية الستينات في عالمنا العربي، إلى الربيع العربي، الذي تحوّل إلى أكبر مفسدة في تاريخ الدول والأمم، فإنه لم يأتِ بخير ولا فائدة مما كانت ترجوه الشعوب بعامة، كانت الانقلابات تقصي ظالماً وتأتي بآخر حتى حكم الظلمة حقباً كثيرة، فلا الشعوب نعمت من ذلك الظالم في العهود الملكية ومن على شاكلتهم، ولا هم في نعيم من منقلب جديد، وظلت الأمة أمة حكام تلعن من سبقها وبؤس الشعوب في انحدار وسفول، حتى قبلت بأحسن السيئ، فحكمها مدداً طويلة، وهذا التسليط ما أصابهم إلا لفساد الشعوب نفسها، فالجزاء من جنس العمل، ولا يعني ذلك أن يتوقف المصلحون، أيا كان وضعهم ومراكزهم وتأثيرهم، فولاة الأمور بشر يحتاجون إلى النصح والدعاء لهم، ومن تلك النصائح لمّ شمل المجتمع، وعدم تفريقه بالتمايز والتقريب والعطاء والآخر يراقب ويتابع ذلك.

أغلب المجتمعات العربية وغيرها تخشى خطر الإرهاب وانتشاره في داخلها أو تحريك الداخل بالمظالم التي تجري في داخله، فتركز على ذلك وتغذيه، فقمع الظلم في الداخل ومعاقبة المسيء وإعطاء كل ذي حق حقه والأخذ بعين الاعتبار نصائح وتوجيهات كل مواطن مخلص أو فئة من الفئات، لا شك يخرس كل من يحاول أن يحطم اللحمة الوطنية التي أقرنت ولاءها لولي الأمر من خلال الدين والالتزام به.

فلا يعلق المواطن كل الأخطاء على ولاة الأمر أو الحكومات، بل هو له نصيب من ذلك قد يصل إلى النصف، أي قسمة بينه وبين الحكومات.

فالحكومة، أي حكومة، لم تقل للمواطن اسرق، غش، اكسب بالكذب والحيلة والخيانة. ولم تقل له اكسب فوق راتبك رشوة، ولم تقل له خالف القوانين المرورية ولا تلتزم بها، وهي لم تقل له لا تصدق في وعودك وعقودك وعهودك التي تبرمها معها أو مع غيرها.

وإن كان ذلك كذلك، أي ان الحكومة هي التي تأمرك بكل تلك الموبقات، فأنت أين دينك من ذلك وضميرك ووطنيتك وأخلاقك؟!

كما للحكومة أخطاؤها فللمواطن نصيب، ونصيب لا يقل عنها في التقصير.. فمن يجلب المخدرات؟ ومن يتاجر بالإقامات؟ ومن يأتي بالمرضى والأمراض المزمنة؟ وغيرها أشياء وأشياء..

ومع ذلك لا نبرئ الحكومة من الأخطاء التي تقع ووزراءها والمسؤولين فيها، ولكن نحذر الطرفين من التجاوز، فنحن نعيش عصر الفتن التي قد تدخل علينا في أي لحظة كما دخلت على غيرنا بأساليب متنوعة وإغراءات لأجيالنا، تحول فيه أمننا وأماننا إلى خراب ودمار.

والله المستعان.

• يوم الحساب.

«أيها الإنسان راقب نفسك في كل صغيرة وكبيرة، وحاسب نفسك إن كنت تؤمن بيوم الحساب».. «وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ».