د. مبارك البغيلي ـ الإنتقائية في سحب الجنسية

فاجأتنا حكومتنا في العشر الاواخر من الشهر الفضيل وهي أيام مغفرة ورحمة بفاجعة سحب جناسي عائلة البرغش التي ينتمي لها عضو مجلس الامة السابق عبدالله البرغش المصنف سياسيا ضمن المعارضة، واحمد الجبر صاحب ترخيص قناة اليوم التي كانت الواجهة الاعلامية الداعمة لوجهة نظر المعارضة وذلك تطبيقا للمادة 21 مكرر من قانون الجنسية والتي تنص على انه «تسحب الجنسية الكويتية اذا تبين أنها اعطيت بغير حق بناء على غش أو أقوال كاذبة أو شهادات غير صحيحة».. وهل عائلة البرغش واحمد الجبر هما فقط من تنطبق عليهما المادة 21 مكرر من قانون الجنسية؟ وهل الحكومة درست جميع ملفات الجنسية ليتضح لها ان هاتين الحالتين فقط هما اللتان تنطبق عليهما المادة 21 مكرر؟ أم ان الانتقائية في اختيار عبدالله البرغش بسبب كونه عضوا سابقا واحمد الجبر لكونه يرأس جهازا اعلاميا مناهضا لتوجهات الحكومة هما السبب ولكن وبكل الاحوال فانه ليس أسوأ من عدم تطبيق القانون الا الانتقائية في تطبيق القانون.
سيف القانون يجب ان يكون مسلط على كل خارج على القانون وفي جميع الاوقات أما تسليط هذا السيف على ناس وترك ناس وتسليطه في الاوقات التي نريد وتركه في الاوقات التي نريد فهذا ليس قانونا بل هو سيف قطاع طرق لتغليب فئة ضد أخرى ولا يصلح ان يستخدمه رجال الدولة، لحفظ أمن البلاد والعباد وبناء الدولة.
ولعل ما حدث من استخدام لسيف القانون بسحب جناسي البرغش والجبر هو كسيف قطاع الطرق ولم يراع هذا القرار أمن البلاد والعباد وبناء الدولة، بل كان همهم هو محاولة تغليب فئة ضد أخرى من أبناء الشعب فالانتقائية في اختيار البرغش والجبر لسحب الجناسي واضح وضوح الشمس في كبد السماء ولعل رد النائب السابق عبدالله البرغش على من تشمت في سحب الجناسي هو اكبر بكثير منهم ومن حقدهم ونظرتهم الضيقة ضد أبناء وطنهم عندما قال «الكويت في عيوننا اذا كنا نحمل جنسيتها او لم نحمل جنسيتها وسنكون اول المدافعين عنها بصدورنا لو حصل لها شيء لا سمح الله» ونحن نقول لك يا عبدالله ان الكويت التي تحملها في عيونك يقول لك أبناؤها المخلصون انهم يحملونك في قلوبهم ويعتبرونك أخاهم في الدين والمواطنة حتى لو لم تحمل جنسيتها أما من يتشمت في سحب جناسيهم فنقول له ان الشماتة لا يحملها الا سقط من الناس وأشباه الرجال فالشماتة ليست في قواميسنا فصبرا جميل فالفرج قريب والارزاق بيد مجري الافلاك ولا تكرهوا شيئا وهو خير لكم.
الجميع يعلم بأن ملف الجنسية ملف شائك والعبث فيه بدأ منذ بداية الستينيات عندما بدأ التجنيس السياسي في ذلك الوقت وان هذا الملف فيه الكثير من التزوير والتلاعب حتى خلال السنوات الاخيرة عندما استغل بعض النواب فتح باب التجنيس لتجنيس من لا يستحق وترك من يستحق بسبب بعض المصالح الانتخابية وفي كل الاحوال فالحكومة هي شريك في التزوير والتلاعب في هذا الملف والحكومة نفسها لو نظرت حولها لوجدت الكثير من مرافقيهم تحوم حولهم الشكوك في حصولهم على الجنسية بل ان هناك من يحمل الجنسية وهو غير مقيم أصلا في الكويت ولا يعتبر الكويت الا مصدر رزق فقط لاغير فكيف تسحب الجنسية من نائب سابق كان يشرع للامة في يوم من الايام ورئيس جهاز اعلامي مؤثر بالساحة السياسية وترك من يعيش خارج البلاد ولا يعرف الكويت الا وقت جلب الارزاق؟ وكان بودنا ان تكون معالجة الحكومة لهذا الملف معالجة رجال دولة تضع مصلحة الدولة العليا قبل اي شيء آخر وليست معالجة قطاع طرق حتى يكون هناك سيف قانون مسلطا على الجميع وعلى مسافة واحدة من الجميع وذلك بأن يكون هناك اعلان رسمي من مجلس الوزراء في البدء بمراجعة جميع ملفات الكويتيين واعطاء مهلة ثلاثة شهور لمن في ملفه شبهة التقدم لتعديل وضعه حتى لا يكون تحت طائلة القانون بعدها تشكل لجنة أو لجان من ذوي الامانة والخبرة لمراجعة الملفات ومعالجة من يحمل الازدواجية بتخييره باحدى الجنسيتين فنحن نعلم ان من ابناء الاسرة والتجار وعلية القوم من يحمل جناسي اخرى غير الجنسية الكويتية اما من حصل عليها عن طريق التزوير والغش فيعاقب من قام بهذا الفعل ومن ساعده وسهل له هذا التزوير والتلاعب بدون الاضرار باستقرار العوائل التي اصبحت جزء من الدولة والمجتمع اما ما يصعب حله في هذا الملف فتحويله للقضاء ليقول كلمته الفصل فيه أما القيام باختيار ملفات بعينها لتطبيق القانون عليها فهو الظلم بعينه وهو غياب الدولة وحضور العصابة والله المستعان والحافظ ياكويت.