د. عبدالمحسن حمادة ـ عقوبة صاحب الشريط المفبرك

“>«وَمَنْ يَكْس.بْ خَط.يئَةً أَوْ إ.ثْمًا ثُمَّ يَرْم. ب.ه. بَر.يئًا فَقَد. احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإ.ثْمًا مُب.يناً» النساء 112.
من الجرائم الكبرى والمكروهة التي تعاقب عليها الديانات والقوانين وتنفر منها تلفيق التهم للأبرياء واختلاق أدلة كاذبة وتقديمها للمحاكم لإدانتهم. وتتعاظم عقوبة تلك الجريمة عندما تكون التهمة الموجهة لذلك البريء والأدلة المزورة ستفضي إلى حصول ذلك البريء على عقوبة مشددة كالسجن المؤبد أو الإعدام. كما يجب أن تتعاظم عقوبة تلك الجريمة عندما تكشف التحقيقات أن دوافع من اتهم الأبرياء وقدّم الأدلة المزوّرة كان يهدف من ورائها إلى خلق فتنة في الدولة التي لا يبالي بأمنها واستقرارها ومستقبل مواطنيها.
ضمن هذا السياق، سنحاول تفسير الدوافع التي دفعت صاحب الأدلة غير الحقيقية للإقدام على هذا العمل الشائن، وذلك وفق ما نملك من إمكانات متواضعة في تفسير السلوك البشري. قدّم صاحب الشريط المفبرك أدلة تبين عدم صحتها اتهم فيها جماعة بريئة عرفت بحب الكويت والإخلاص لنظام الحكم بالتآمر على الدولة والانقلاب على نظام الحكم والتعاون مع دولة أجنبية لتحقيق أهدافهم.. كما اتهمهم بدفع رشى من المال العام تقدر بمئات الملايين لنواب وقضاة مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة ليكسبوا دعمهم في تأييد مؤامرتهم، وأكد قبول النواب والقضاة لتلك الرشوة. وقدّم ما اعتبرها «أدلة» تؤكد مزاعمه. وهي عبارة عن أشرطة مسجّلة بالصوت والصورة والتواريخ تثبت مزاعمه.
وإذا كان ما يدعيه صحيحاً، فيجب أن يسأل كيف تمكن من الحصول على تلك الصور؟ لا بد أن يكون قد رشا بعض الخدم العاملين في تلك البيوت ليضعوا له أجهزة تنصت في تلك البيوت. وفي هذه الحال، سيكون ارتكب جريمة كبرى وهي التجسس وهو أمر تحرمه الديانات وتجرمه القوانين.
ولكن بعد أن تبين بعد فحص تلك الأشرطة من قبل الأدلة الجنائية أنها كانت مزوّرة، من هنا علينا أن نتساءل عن الأسباب التي دفعت هذا الإنسان ليقوم بهذا العمل، لا سيما إذا أثبتت الأحداث أن صاحب الشريط المفبرك قدّم تلك الأشرطة لجماعة تسمي نفسها بالأغلبية. وكانت جماعة الإخوان المرتبطة بالتنظيم الدولي هي التي تقود تلك المجموعة. وكان التنظيم الدولي للجماعة الذي كان في تلك الفترة يحكم مصر وتونس واليمن وله نفوذ واسع في السودان وليبيا، كان يخطط، باعتقاد الكثيرين، لابتلاع دول الخليج لضمها لدولة الخلافة التي يحلم بها لتستفيد دولة الخلافة من ثروات الخليج وموقعه. فإذا قدّم صاحب الشريط المزور تلك الأشرطة لتلك المجموعة، فسيكون بذلك أعطاهم مبرراً قوياً للنزول إلى الشارع وتثور ضد الدولة، وكانت تطالب بإسقاط الحكومة بزعم فسادها، وأنها تملك أدلة تثبت ذلك. لتدخل الدولة بنفق مظلم، نجونا منه بأعجوبة.