د. أحمد الخطيب ـ في الذكرى الثانية والخمسين لدستور 62

من اللافت للنظر، الاهتمام الكبير والواسع هذا العام باحتفالية مولد دستور 1962، وهذا مؤشر واضح ومُبشِّر بوعي شعبي طال انتظاره لإدراك أهمية الدستور، والحاجة الماسة إليه لإنقاذ الوطن من «البلاوي» التي حلّت به، خصوصاً أننا نمر بحقبة تاريخية خطيرة وفريدة في طبيعتها، لم نشهدها من قبل، كما أننا في وضع مؤسف، تمزّقت فيه وحدتنا، التي أفقدتنا مناعتنا الموروثة في التغلب على الأزمات.
ويبدو أن هذه الذكرى قد أعادت إلى ذاكرتنا دور الدستور الحاسم في معالجة عدد من الأزمات، التي مررنا بها، فكان سلاحنا البتار والفاعل في تحرير الكويت، كما حسم النزاع على سدة الإمارة، الذي هدّد النظام والبلاد.
إن هذا الوعي فتح باب الأمل على مصراعيه لإصلاح حقيقي يضع الأمور في نصابها الصحيح، لنسترد عافيتنا ومناعتنا، فالدستور ينير أمامنا الطريق لمعرفة حقيقة الأزمة التي نعيشها، بعدما تعددت الاتجاهات والاجتهادات بسبب ضياع البوصلة الحقيقية، دستور 1962، فأخذ البعض عن جهل أو جهالة يحمّل الدستور المسؤولية.
كم كانت طلبات المشاركة في هذه النشاطات كثيرة ومفاجئة لي، وهي كذلك مُفرحة ومُبشِّرة بوعي جديد، إلا أن مشاكل صحية وأخرى عملية حالت دون ذلك، فأحزنتني وأقلقت ضميري، غير أن من واجبي المشاركة ولو بأضعف الإيمان، بإبداء وجهة نظري، لعلها تساعد في لمّ شملنا جميعاً، المؤمنين بالدستور، وضرورة العمل الجاد والمخلص من أجل تفعيله نصاً وروحاً، من خلال تبنيه كمنصة متينة ننطلق منها نحو استكمال شروط المشاركة الحقيقية كما حددها الدستور في مواده، وهو ما يوحِّدنا ويساعدنا في رسم خريطة طريق لعمل جدي سلمي، تلتف حوله غالبية الشعب.
إنني أرى وعياً شعبياً عاماً، متعطشاً إلى حراك مثل هذا، والذي سيكون مؤثراً فيه، فلا أحد يحب الكويت يرضى أن ينالها الدمار الشامل الذي نراه حولنا.