خبرة وتصنيف البنوك تحولان دبي مركـزاً عالمياً للصكوك

مصرفيون دعوا إلى إكمال البنية التشريعية.. وحددوا دور المصارف في التمويل والاستشارة والترويج

خبرة وتصنيف البنوك تحولان دبي مركـزاً عالمياً للصكوك

 

نجاح دبي مركزاً مالياً وسياحياً وتجارياً يؤهلها للعب دور محوري سوقاً لإصدارات الصكوك الإسلامية.
نجاح دبي مركزاً مالياً وسياحياً وتجارياً يؤهلها للعب دور محوري سوقاً لإصدارات الصكوك الإسلامية.

 

بدأت بنوك عاملة في الدولة إجراءات جادة لتفعيل مبادرة جعل دبي مركزاً عالمياً للصكوك، وذلك عبر وضع خطط وآليات عمل، منها تفعيل دور الإدارات المتخصصة في مجال تقديم الاستشارات والترويج للصكوك.

ووفقاً لمصرفيين، فإن البنوك المحلية تعد عنصراً رئيساً في إنجاح المبادرة عبر إقبالها على إصدار صكوك لتمويل خططها المستقبلية، وتقديمها الاستشارات اللازمة، والعمل مديراً لإصدار الصكوك والترويج لها في الداخل والخارج.

وقالوا إن وجود بنوك وشركات محلية لديها باع طويل وخبرة في مجال إصدار الصكوك والترويج لها سيضمن إنجاح المبادرة، لافتين إلى أن السمعة الجيدة والتصنيف الائتماني المرتفع للبنوك والشركات الحكومية المحلية سيزيد الإقبال على الصكوك التي تصدر من دبي، ما يمهد لتبوئها المركز الأول عالمياً من حيث حجم الصكوك المصدرة.

وأشار المصرفيون إلى أن ما يزيد من فرص نجاح البنوك المحلية التوقعات بأن تنمو سوق الإصدارات العالمية من الصكوك بنسبة ‬141.3٪ بحلول عام ‬2016.

ودعوا البنوك المحلية إلى التركيز على تطوير خبراتها في مجال إصدار السندات والصكوك، وأن تستفيد من وجود شركات محلية لديها تجارب ناجحة في إصدار الصكوك، لافتين إلى أن هناك خطوات عدة يجب البدء بها فوراً لتفعيل مبادرة «دبي مركزاً عالمياً للصكوك»، أهمها تبني وزارة المالية إصدار الصكوك السيادية، إضافة إلى سرعة صدور قوانين الإفلاس، والائتمان، وقانون الشركات، والعمل على تفعيل دور مكتب المعلومات الائتمانية حتى تكتمل البنية التشريعية التي تضمن استمرارية ونجاح سوق الصكوك.

وضع خطط

صكوك طويلة الأجل

قال المستشار والخبير المالي، صلاح الحليان، إن «إصدار صكوك سيادية طويلة الأجل، بمدد تصل إلى ‬30 عاماً، يعد ضرورة أيضاً لإيجاد مصدر جديد للتمويل طويل الأجل للمشروعات التنموية، فضلاً عن ضمان عائد مستقر للمستثمرين الأفراد».

وذكر أن «العالم في ظل الأزمة المالية العالمية أصبح يواجه مشكلة في تدبير السيولة النقدية، وهو ما يمكن توفيره عبر الصكوك الطويلة الأجل وبعيداً عن الإجراءات الحكومية للتقشف، التي قد تفيد في ترشيد النفقات، لكنها قد تؤثر في حركة النشاط والنمو الاقتصادي، التي تتطلب مزيداً من الإنفاق الحكومي».

https://i0.wp.com/media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2013/03/03897897897.jpg?resize=329%2C181


توقعات بقيادة سوق إصدارات الدين في الخليج

توقعت مؤسسة «ستاندرد آند بورز» أن تقود البنوك الإماراتية سوق إصدارات الدين في دول الخليج خلال العام الجاري، لاسيما في ظل سعيها المتواصل إلى تحسين كلفة التمويل.

وأكد التقرير أن البنوك الإماراتية استحوذت على ‬60٪ من الصكوك والسندات المصدرة من قبل البنوك الخليجية، خلال الفترة من عام ‬2007 وحتى نهاية عام ‬2012، لافتاً إلى أن البنوك الإماراتية استحوذت على قرابة نصف إصدارات البنوك الخليجية من الصكوك العام الماضي، والمقدرة بنحو ‬24.4 مليار درهم (‬6.64 مليارات دولار)، وذلك بعد إصدار خمسة بنوك إماراتية محلية ما يزيد على ‬11 مليار درهم (‬3.1 مليارات دولار) من الصكوك.

https://i0.wp.com/media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2013/03/564564564564.jpg?resize=330%2C186

وتفصيلاً، أكد مدير إدارة الأسهم في بنك أبوظبي الوطني، زياد الدباس، أن «البنوك يمكن أن تلعب دوراً رئيساً في إنجاح مبادرة جعل دبي مركزاً للصكوك، نظراً لخبرتها الطويلة في هذا المجال، عبر إسهامها في إصدارات عدة للصكوك فاق الإقبال عليها كل التوقعات».

وقال إنه «يمكن للبنوك مساعدة الشركات المختلفة على إصدار صكوك، أداة مهمة من أدوات التمويل الجديرة بالثقة، ما يوفر لها سيولة تمكنها من تنفيذ مخططاتها وتمويل توسعاتها بطريقة سهلة»، لافتاً إلى أن «الصكوك تعد البديل الأفضل للتمويل حالياً، خصوصاً في ظل تشدد البنوك في الإقراض، وفي توفير تمويل للشركات التجارية، لوجود ضوابط مشددة للإقراض، واشتراطات صارمة يحددها المصرف المركزي».

وأضاف أن «البنوك ـ فضلاً عن إصدارها الصكوك وسيلة لتمويل خططها المستقبلية ـ فإنها تقدم الاستشارات وتعمل مديراً لإصدار الصكوك».

وبين أن «البنوك تتولى عملية التقييم الائتماني للشركات التي ترغب في إصدار صكوك، ثم تحدد لها طريقة الإصدار وأجل الاستحقاق، فضلاً عن الترويج لتلك الصكوك في الداخل والخارج»، لافتاً إلى أن «عمل البنوك مديراً للإصدار يمنح المستثمرين في تلك الصكوك نوعاً من الثقة، نظراً لدراسة المختصين في تلك البنوك الشركات المصدرة جيداً، للتأكد من الوفاء بالتزاماتها في المواعيد المحددة».

وذكر أن «البنوك بدأت إجراءات جادة لتفعيل مبادرة جعل دبي مركزاً عالمياً للصكوك، وذلك عبر دراسة خطط وآلية عملها في المرحلة المقبلة، ومنها تفعيل دور الإدارات المتخصصة في مجال تقديم الاستشارات والترويج للصكوك».

وأشار إلى أن «وجود إصدارات ناجحة لشركات في دبي من قبل، جعل البنوك على دراية بتفاصيل عملية إصدار الصكوك، وعلى علم بأوضاع الأسواق العالمية لتحديد الوقت المناسب للإصدار»، لافتاً إلى أن «الصكوك تختلف عن السندات التقليدية في أنها تمثل نسبة في ملكية الشركة التي تصدر الصكوك، ولا تكون لها فائدة ثابتة مثل السندات، إذ يكون العائد عليها بنظام المرابحة، نسبة من الأرباح التي تحققها الشركة».

ونبه الدباس إلى أن «نجاح دبي مركزاً مالياً وسياحياً واستثمارياً ومحوراً عالمياً للتجارة والخدمات المالية خلال الأعوام الماضية، يؤهلها للعب دور محوري سوقاً لإصدارات الصكوك الإسلامية، لاسيما في ظل تبنيها أفضل السياسات والمعايير العالمية على الصعيدين المالي والاقتصادي».

محوران رئيسان

من جهته، أشار نائب الرئيس للتسويق والعلامة التجارية لمجموعة الإمارات دبي الوطني، سيف المنصوري، إلى أن «البنوك المحلية يمكنها أن تلعب دوراً محورياً في إنجاح المبادرة عبر محورين رئيسين، هما: أن تصدر صكوكاً لتمويل خططها المستقبلية، وأن تقدم بدورها الاستشارات، وتكون مديراً لإصدار الصكوك والترويج لها في الداخل والخارج»، مبيناً أن «ما يزيد من فرص نجاح البنوك المحلية، التوقعات بأن تنمو سوق الإصدارات العالمية من الصكوك بنسبة ‬141.3٪ بحلول عام ‬2016».

ونبه إلى أن «وجود بنوك محلية لديها باع طويل وخبرة وسابقة أعمال في مجال إصدار الصكوك والترويج لها سيضمن إنجاح المبادرة»، لافتاً إلى أن «السمعة الجيدة والتصنيف الائتماني المرتفع للبنوك والشركات الحكومية المحلية سيزيد من الإقبال على الصكوك التي تصدر في دبي، ما يمهد لتبوئها المركز الأول عالمياً من حيث حجم الصكوك المصدرة».

وأكد المنصوري أن «الإمارة قادرة على منافسة الدول المتقدمة في مجال إصدار الصكوك، مثل ماليزيا، لأن المقومات المتوافرة في هذه الدول متوافرة في دبي أيضا»، محدداً هذه المقومات في تنوع القطاعات الاقتصادية، ووجود الشركات والبنوك العالمية والمحلية القادرة على أداء هذا الدور بنجاح، فضلاً عن وجود بنية أساسية، وبيئة استثمارية محفزة كفيلة بإنجاح المبادرة».

وأوضح أن «تبني حكومة دبي لهذه المبادرة كفيل بإنجاحها، لاسيما أن تبني صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، المبادرة سيحفز المؤسسات المالية على التوجه نحو إصدار الصكوك»، مؤكداً أن «دبي فعلت الأصعب من ذلك، وتمكنت من أن تصبح نموذجاً للمنافسة على المستوى العالمي».

وذكر المنصوري أن «وجود تكامل بين البنوك والمؤسسات المالية والجهات الحكومية أهم ما يميز دبي، إذ تعمل جميع الأطراف ضمن فريق واحد من أجل دبي»، منبهاً إلى أن «البنوك بدأت فعلياً في دراسة الخطوات التي يمكن أن تنفذها، خصوصاً أنها أكثر الجهات قدرة على إدارة الإصدارات وترويجها، لاسيما في مجال شرح وتحفيز المؤسسات المالية على إصدار الصكوك، بدلاً من السندات التقليدية».

إجراءات مطلوبة

بدوره، دعا المستشار والخبير المالي، صلاح الحليان، البنوك المحلية إلى المبادرة باتخاذ إجراءات فاعلة للاستفادة من النمو المتوقع في سوق الصكوك عند تفعيل المبادرة، وذلك عبر تحديد الدور الذي يمكنها من أدائه، ووضع استراتيجية مستقبلية للاستفادة من هذه السوق، التي يتوقع أن تشهد نمواً كبيراً خلال السنوات المقبلة.

وقال إن «البنوك المحلية يجب أن تركز على تطوير خبراتها في مجال إصدار السندات والصكوك، وأن تستفيد من وجود الشركات المحلية التي لديها تجارب ناجحة في إصدار الصكوك مثل (نخيل) و(طيران الإمارات) وهيئة كهرباء ومياه دبي (ديوا)»، موضحاً أن «جهات عدة ستقوم بأدوار رئيسة في إنجاح مبادرة جعل دبي مركزاً عالمياً للصكوك، ومنها البنوك والمؤسسات المالية والاستشارية، وكذا الجهات الحكومية، مثل هيئة الأوراق المالية والسلع ووزارات المالية والاقتصاد والتجارة».

ونبه الحليان إلى أن «هناك خطوات عدة يجب البدء بها فوراً لتفعيل المبادرة، أهمها تبني وزارة المالية إصدار الصكوك السيادية، التي ستوفر طريقاً آخر للإقراض بعيداً عن الاقتراض المباشر من البنوك».

وأوضح أن «وجود هذه النوعية من الصكوك، التي تتسم بتصنيف مرتفع ومخاطر أقل وعائد جيد، سيوفر التمويل اللازم لتنفيذ مشروعات البنية التحتية في الإمارات، كما سيوجد سوقاً منظمة للصكوك، تعد ضرورة لتحقيق التوازن في الأسواق المالية وتنويع المحافظ الاستثمارية»، لافتاً إلى أهمية أن تتاح هذه النوعية من الصكوك للمستثمرين الأفراد وبمبالغ مقبولة، وألا تقتصر على المؤسسات المالية الكبيرة فقط.

وأكد أن «الخطوات المطلوبة تتضمن أيضاً ضرورة صدور قوانين الإفلاس، الائتمان وقانون الشركات، والعمل على تفعيل دور مكتب المعلومات الائتمانية حتى تكتمل البنية التشريعية التي تضمن استمرارية ونجاح سوق الصكوك».

وفي ما يخص المقومات التي تجعل دبي قادرة على منافسـة المراكز العالميـة المتخصصـة في الصكوك، أفاد الحليان، بأن «دبي موجودة بالفعل على الخارطة الاستثماريـة مركزاً مالياً عالمياً، ولديها من التسهيلات والبنيـة التحتيـة ما يميزها عن الآخرين»، موضحاً أن «النمو الاقتصادي وتعدد الأنشطة الاقتصاديـة والاستثماريـة سيوفران المزيد من الفرص لنجاح عمليـة إصدار وإدراج الصكوك في أسواق الأسهم المحلية».