حسن العيسى ـ حقائق العميد

قرر مدير إدارة الجنسية والجوازات العميد مازن الجراح الحقيقة بشأن الضرب في المباحث الجنائية، وكان صريحاً في رأيه، ولم يمارس الرياء الدبلوماسي الكاذب. لم يأت العميد الجراح بجديد بتصريحه في واقع هذه الدولة القهرية، والتي حالها كحال بقية دول القمع للشقيقات العربيات، ومن في حكمها من دول التخلف في قضايا حقوق الإنسان، وإن تفاوتت فيما بينها في درجات تعذيب الجسد والروح الإنسانيين.
فرغم نصوص الدستور وقانون الجزاء والإجراءات الجزائية، لم يتوقف الضرب والتعذيب يوماً ما منذ لحظة ولادة الجهاز الأمني للدولة وحتى اليوم. “لا يوجد متهم يعترف بكلمتين”، كما قال العميد الجراح، هو أيضاً تقرير واقع، وأيضاً، من باب الواقع، أن يموت بعض المتهمين تحت وطأة التعذيب السادية، وقضية الميموني وقتله تحت التعذيب مازالت عالقة بذاكرة البشر الذين يكترثون لحقوق الإنسان.
الكويت ومن في حكمها، تقرر القاعدة الواقعية، وهي أن المتهم مدان حتى تثبت براءته، الإدانة هنا مفترضة قبل المحاكمة وقبل صدور الحكم، والإدانة المسبقة، إما أن تتمثل في مثل ما قرره العميد مازن، أو ممارسة التعسف في حالات الحبس الاحتياطي، حين يصبح هذا الأخير عقوبة للمتهم وليس إجراء احترازياً، كما تقرر نصوص القوانين المنسية، وأفضل أن أسميها القوانين الديكورية، بمعنى، التي تكون فيها الدساتير والقوانين الجزائية، بالأخص، مجرد استكمال “ديكوري” لشكل الدولة المعاصرة.
لا لوم على مازن الجراح فيما ذكره وشكل قناعاته الذاتية. كثيرون سواء أكانوا في وزارة الداخلية أم حتى خارجها يشاطرون الجراح عقيدته، وهذا ما يشكل الفارق بين دولة  المؤسسات ودولة الأشخاص، ولم يتزيد واضعو الدستور الأميركي، حين أكد أحدهم عبارة “نريد حكومة قانون وليس حكومة أفراد”.
المسألة يحكمها وعي الناس وثقافتهم، وهذا ما يشكل الفارق بين دول ذات حضارة أي حضارة الفكر، ودول تتصور أن الحضارة تتمثل في أعلى عمارة، أو أطول مدة عرض للألعاب النارية، تلك دول استعراضية طارئة لا أكثر، ولن يقيم لها التاريخ وزناً.