جمال الجمل ـ خطاب ديكتاتوري رقم 1959

(هذا المقال تحية إعجاب لعصر الديموقراطية، ودولة القانون التي أنتجت لنا مرافعات أدبية بديعة لشرفاء الوطن: حسني العادلي، ومحمد حبيب مبارك، ولاتوجد أية اخطاء لغوية إلا في عيونكم وعقولكم، فالدنيا بيييس والثورة مستمرة، وانتو نور عينينا)

 

أما من قـيـادة

لتوقف هذا العبث؟!

***

في البدء كان الكلام

وكان الجلوس على العرش

في البدء كان الخطاب

سنمضى معا، جثة.. جثة

فى الطريق الطويل على لغة من صواب

وماذا لو ابتعد الفجر عنا، ثلاين عاما

وخمسين عاما.. ونام !

***

فى لغتي ما يدير شئون البلاد، ويكفى

ويكفى لنستورد الخبز

يكفى لنرفع سيف البطولة فوق السحاب .

وفى لغتي ما يعبر عن حاجة الشعب لاحتفال بهذا الخطاب

فلا تسرفوا في ابتكار الكثير من المفردات

وشدوا الحزام

***

ليس على ما أقول شهود

وليس على ما أريد قيود

***

وحيدًا أنا أيها الشعب، شعبي العزيز

ولكن قلبي عليك انفطر

وقلبك من فلز أو حجر

أضحى لأجلك، يا شعب،

إني سجينك منذ الصغر

ومنذ صباي المبكر أخطب فيكم

وأحكمكم واحدا واحدا

وفى كل يوم أعد لكم مؤتمر

فمن منكم يستطيع الجلوس ثلاثين

عاما على مقعد واحد

دو أن يتخشب؟

من منكم يستطيع السهر..

ثلاثين عاما

ليمنع شعبا من الذكريات وحب السفر؟

***

وحيد أنا أيها الشعب ..لا أستطيع الذهاب

إلى البحر

والمشي فوق الرصيف

ولا النوم تحت الشجر

ثقيل هو الحكم ..لا تحسدوا حاكما.

أي صدر تحمل ما يتحمل صدري

من الأوسمة ؟.

وأي فتى منكم يستطيع الوقوف ثلاثين عاما

على حافة الجمجمة

***

يخيل لي أيها الشعب ، يا صاحبى

أن حقي على الله أكبر من واجبى..

ولكنني لا أريد معارك أكبر منكم

كفانا الضجر

جرادا يحط على الوقت ، يمتص خضرة أيامنا

ومن واجبى أيها الشعب أن أتسلى قليلا

فمن يعيد إلى ساحة الموت أمجادها؟.

***

من الشعب يا شعب؟

هل كل كائن يسمى مواطن؟

ترى هل يليق بمن هو مثلى قيادة لص، وأعمى وجاهل؟

وهل تقبلون لسيدكم أن يساوى ما بينكم أيها النبلاء

وبين الرعاع ..اليتامى.. الأرامل؟!.

وهل يتساوى هنا الفيلسوف مع المتسول؟

هل يذهبان إلى الاقتراع معا

كى يقود العوام سياسة هذا الوطن؟

وهل أغلبيتكم أيها الشعب ،هم عدد لا لزوم له

***

إن أردتم نظاما جديدا لمنع المفتن!

إذن

سأختار أفراد شعبي

سأختاركم واحدا واحدا.

كى تكونوا جديرين بى.. وأكون جديرًا بكم.

سأمنحكم حق أن تخدمونى

وأن ترفعوا صورى فوق جدرانكم

وأن تشكروني لأنى رضيت بكم أمة لى..

***

لا تسمعوا ما يقول ملوك الطوائف عنى،

وإنى أحذركم من عذاب الحسد!

ولا تدخلوا فى السياسـة .إلا إذا صدر الأمر عني

لأن السياسة سجني

هنا الحكم شورى.. هنا الحكم شورى

أنا حاكم منتخب

وأنتم جماهير منتخبة

ومن واجبى أن أوافق

من واجبى أن أعارض

فالأمر أمرى

والعدل عدلي

والحق ملك يدى

***

حق الرضا لي

وحق الغضب

أنا الحاكم المنتخب!

وحق الهوى والطرب

لكم كلكم

فأنتم جماهير منتخبة!

***

إن لم تريدوا بقائى، لاسمح الله

إن شئتم أن يزول البلد

أعدت إلى الشعب ماهب أو دب من سابق الشعب

كى أملك الأكثرية

والأكثرية فوضى..

أترضى أخى الشعب!

ترضى بهذا المصير الحقير

أترضى؟.

***

سيروا إلى خدمتى آمنين.

أذنت لكم أن تخروا على قدمى ساجدين ..

فطوبى لكم .. ثم طوبى لنا أجمعين .

***

سيروا إلى يومكم آمنين .. وفق نظام كتابي

ولا تسألوا عن خطابي

سأمنحكم عطلة للنظر

بما يسر الله لى من خطاب الضجر

ضجر!

ضجر!

سلام علي ، سلام عليكم

سلام على أمة لا تمل الضجر! .

***

يا أيها الشعب

يا سيد المعجزات

وياباني الهرمين

أريدك أن ترتفع

إلى مستوى العصر.. صمتا وصمتا ..

لنسمع صوت خطانا على الأرض

ماذا دفعنا لكي نندفع

ثلاث حروب ـ وأرض أقل

وتأميم أفكار شعب يحب الحياة

ورقص أقل

فهل نستطيع المضي أماما

وهذا الأمام حطام؟

***

هنا لن تقوم لأى فئات يسارية قائمة

سأفرم لحم اليسار، وأحجب ضوء النهار.

عن الزمرة الناقمة

وفى السجن متسع للجميع

من الشيخ حتى الرضيع

***

ليست لنا غاية فى المسير

ولا هدف، غير أن تستقر الأمور

على ما استقرت عليه:

أمير على عرشه

وشعب على نعشه.

***

لاشيء بعدى

فمن تعبدون؟

وكيف تعيشون بعدى؟

ومن سوف ينقذكم من زمان الجنون

ومن سوف يحرس أبوابكم من جراد المطر

ومن سوف يحمل ريح الشمال إليكم

ويحميكم من ذئاب الشجر؟

***

لا تسمحوا للمعارضة المستبدة أن تتساءل

عما رفضت التساؤل فيه

أنا الموت .. والموت لا ريب فيه

أنا من أعد لكم أجلا لا مرد له فأعلموا

أن ما فوق أرضي يجري بأمري

فلا تهربوا من مشيئة قصري

***

أقول لكم ما يقول لى الحزب

والحزب فوق الجماعة

سنقفز فوق المراحل عصرا وعصرين

فى كل ساعة

لنبني جنة أحلامنا اليوم فى نمط من مجاعة

***

إذا الشعب يوما أراد

فلابد أن يستجيب الجراد.

فهيا بنا أيها الكادحون

وصناع تاريخنا الحر

هيا بنا

لنصنع من كل حبة رمل خليه

وننجز خطتنا المرحلية

سننتج في اليوم ألف شعار

حطوا الشعار وراء الشعار وراء الشعار

وهزوا الشعار، ليساقط الوعي فكره

تدير المصانع والثروة المستمرة

***

ويا شعب.. يا شعب حزبك،

شد الحزام

لتحمى النظام

***

ندرك الآن أن الطبيعة أفقر منا

وندرك أن السلع

دليل على النمط البرجوازي، فاجتنبوها

لننتج وعيًا جديدًا

وربوا الشعارات.. وادخروها

وإن صدئت طوروها

وإن جاع

أولادكم فاطبخوها

وان مسكم مرض.. علقوها

على موضع الداء فهى الدواء

***

أذكركم بنشيد الطلائع: نحن أتينا لكي

ننتصر

ولابد للقيد أن ينكسر

ولابد مما يدل على الفرق بين النظام الجديد

وبين النظام العميل

***

إن مات هذا الوطن

فقد عشت من أجل فكرة

فموتوا ، كما لم يمت أحد قبلكم

ولا تسألوا الحزب من أجل أية فكرة نموت؟

ومن أجل أية ثورة .. نموت؟

فمن كل فكرة

ستولد ثورة

ومن كل ثورة

ستولد فكرة

***

لماذا نخاف .. لماذا نخاف ؟.

فهل تستطيع الجرادة أن تأكل الفيل؟

أو تشرب النيل؟

***

كرهت جميع الطغـاة

لأن الطغـاة يسوسون شعبا من الجهلة

(هذا الهذيان مقتطفات مشوشة بغير ترتيب من خطب الديكتاتور الموزونة لمحمود درويش)