اللوحـة جـمال يواجــه العـنف

«علامات فارقة» يوثق محطات أساسية في مسيرة عبدالقادر الريس

اللوحـة جـمال يواجــه العـنف

اللوحـة جـمال يواجــه العـنف
اللوحـة جـمال يواجــه العـنف

بأعمال حروفية وأخرى تجريدية ولوحات انطباعية، عرض الفنان الإماراتي عبدالقادر الريس نحو 150 لوحة فنية ضمن معرض «علامات فارقة»، ويعد المعرض الاستعادي الثاني للفنان، إذ لم تغب اللوحة الكلاسيكية التي يجد فيها الفنان ضالته، إلا أنه زاوج في هذا المعرض بين ما أنتجه فنياً منذ مراحل دراسته وحتى آخر عمل نفذه قبل أسبوع من الآن.

العداد

عبر الفنان عبدالقادر الريس عن رفضه للعنف والقتل سواء المبرر أو غير المبرر، لاسيما ما يحصل حالياً في عدد من الدول العربية، إذ عبر عن هذا الرفض من خلال لوحة فنية ضخمة حملت اسم «لوحة العداد»، التي أظهرت مشاعر متضاربة من الحزن والأسى والغضب والمطالبة بالسلام.

ورسم في تلك اللوحة رؤوساً دعت للقتل وحملت السلاح كل بطريقته، فهنا صورة للزعيم الراحل معمر القذافي، ورسم لقناة تلفزيونية «كانت وراء اندلاع الفتة والشر»، ومشاهد للجثث ومن فوقها عداد يحسب عدد شهداء القتل، ولم يغفل الريس عن الجملة التي اشتهر بها القذافي أثناء الثورة الليبية «بيت بيت زنقة زنقة»، فقد خطها على زاوية لوحة العداد، كما رسم القصف بالطائرات والقنابل على الأبرياء.

افتتح سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي ولي العهد نائب حاكم الشارقة، أول من امس، في متحف الشارقة للفنون، فعاليات الدورة الثالثة لمعرض «علامات فارقة»، الذي يعد أحد أبرز المعارض الفنية التشكيلية التي ينظمها متحف الشارقة للفنون، ويحتفي من خلالها بالتجارب المحلية والعربية الفنية الكبرى، إذ تستعرض الدورة الحالية أعمالاً فنية خاصة بالفنان الإماراتي عبدالقادر الريس، كونه أحد المساهمين في النهوض بالحراك الفني التشكيلي الإماراتي.

ويحتوي المعرض المسيرة الفنية للريس، التي تؤرخ بداياته الفنية الممتدة لأكثر من أربعة عقود وحتى الوقت الحاضر، وتستعرض أساليبه الفنية في رسم اللوحات المائية والزيتية التي تجسد شغفه بالمناظر الطبيعية، وعشقه للتراث ومحاولاته ايجاد تلك العلامة الفارقة التي تميزه عن غيره من فناني الساحة، فزاوج بين التجريد والحروفيات ليبدع لوحات جدارية لا تقل روعة عن اللوحات الكلاسيكية التي يفضلها الفنان.

الاستعادي الثاني

اعتبر الفنان عبدالقادر الريس، أن «المعرض هو الاستعادي الثاني له الذي يختلف كثيرا عن الاستعادي الأول من حيث حجم الأعمال والمساحة المخصصة للعرض، إذ يتجاوز عدد اللوحات المعروضة نحو 150 لوحة تحمل في محتواها موضوعات متفرقة وحالة مختلفة، إذ تضم لوحات نفذتها منذ مرحلة الدراسة وصولاً إلى لوحات نفذتها قبل أسبوع من الآن».

وقال لـ«الإمارات اليوم»، ان «اللوحات التراثية أدخلتها في مرحلة التجريد مع الاحتفاظ بالطابع الكلاسيكي، ثم زاوجتها بالحروفيات، لتكون سمه مميزة للوحات التجريدية»، لافتاً إلى أن «الفن عادة ما يعتمد على اللون، واذا كان الفنان متمكناً من استخدام هذا اللون فإنه يستطيع توظيفه لما يخدم الفكرة الفنية».

ينقسم المعرض إلى مراحل فنية تدرج بها الفنان، منها مرحلة أيام الدراسة التي بدأ خلالها الريس يخط أولى لوحاته عبر «سكيتشات» يمكن اعتبارها محاولات أولية للرسم بالقلم الرصاص والألوان المائية، رسم خلالها وجوهاً وأجساداً وشخوصاً، إذ يمكن القول إنها لوحات تعج بالذكريات وحنين الماضي، وأخرى تعج بتفاصيل الحياة البسيطة في الثمانينات، فهنا زوارق تبحر وهناك أزياء قديمة وأحياء شعبية وأبراج وبراجيل تؤكد ارتباط الفنان العميق بالتراث.

ويتدرج الفنان عبر معرضه مراحل التطور في أعماله ليصل إلى اللوحات الانطباعية التي ركز فيها على الاحياء القديمة والأدوات التراثية والهندسة الاسلامية، والرسومات التي لا تتنصل من الواقع القديم، إذ جسد الخناجر وأشجار النخيل مستخدماً مواد مختلطة، وألواناً تنطق بالحياة وتفاصيل دقيقة بما تحتويه من ظلال وأصالة، لتجعل من تلك اللوحات جزءاً مقتطعاً من تلك الطبيعة الخلابة.

أبواب «الريس»

هي مجموعة مهمة من لوحات الفنان التي تُظهر من خلال رسم الأبواب القديمة عمق المكان وأصالة المنطقة، إذ تمكن من ايجاد ذلك الاختلاف والتباين بين الأبواب وتستر بداخلها من خصوصية المكان، لاسيما انه تعمد إظهار ذلك الاختلاف بحسب طبيعة كل بيت وبابه، ما يجعل من كل لوحة قطعة أثرية لا تموت.

أبواب الريس تبدو كأنها أبواب حقيقية لا يمر الزائر أمامها دون أن يتلمس تلك اللوحات التي تحتوي تفاصيل دقيقة للباب، إذ يبدو في تلك اللوحات أن الفنان استعان بقطع من الأبواب الحقيقية ووضعها بطريقة الكولاج على ذلك الكانفيس الضخم، إلا أن ما يملكه الريس من امكانات فنية وقدرة هائلة على استخدام الألوان عكس ذلك الانطباع، خصوصاً أنه لم يغفل عن أي تفصيلة صغيرة من تفاصيل الأبواب.

مناظر طبيعية

حملت لوحات المناظر الطبيعية تجسيدا للصحراء برمالها الذهبية وسمائها الزرقاء ونباتاتها وأعشابها البرية، وتلك التكوينات الصخرية في الجبال الشاهقة التي أكسبت اللوحة جماليات فاقت التصور، لاسيما أن الريس منحها المساحة المناسبة على «الكانفيس»، ما أعطاها روح وطبيعية المشهد الحقيقي، ومرة أخرى، يعود الريس إلى تجسيد التراثيات من خلال البراجيل والجرار الفخارية والفوانيس الضوئية والشبابيك.

أما التجريد في حياة الريس فلم يقتصر على التلاعب بالألوان والتكوينات اللونية، إنما استطاع إيجاد ميزة جديدة في تلك اللوحات، هي المزاوجة بينها وبين الحروفيات التي اقتصرت على حرف أو اثنين مع الاحتفاظ بخصوصية الحرف ورصانته.

مقتنيات

يضم المعرض عدداً من اللوحات الفنية التي هي في الأساس من مقتنيات شخصيات مهمة في الدولة، منها لوحات من مقتنيات وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع عبدالرحمن محمد العويس، ورئيس المجلس الوطني الاتحادي محمد أحمد المر، ومحافظ مركز دبي المالي العالمي أحمد الطاير، إضافة الى مقتنيات جمعيات مختلفة كمؤسسة «بارجيل» للفنون، ومؤسسة الشيخة سلامة بنت حمدان آل نهيان في أبوظبي.