الكاتب محمد الرويحل ـ القبائل واللعبة السياسية !!

حين كان أبناء الحاضرة يلعبون دور المعارضة ويمارسون دورهم الوطني والسياسي للمحافظة على الدستور والمكتسبات الشعبية في بداية تكوين الدولة الحديثة اضطرت الحكومة للجوء لأبناء القبائل وشيوخها لكسب تأييدهم ومساندتهم في مواجهة قوى المعارضة آنذاك ..

واستمر هذا التحالف حتى عام 1986 حين علق الدستور وحل البرلمان، وكعادة الحكومة تتعامل مع حلفائها ومؤيديها معاملة تبادل المصالح الوقتية فمتى ما انتهت مصلحتها ركنت حلفاءها في طي النسيان وبدأت بتحالف جديد مع مكون آخر من مكونات المجتمع الأمر الذي جعل غالبية مكونات المجتمع لا تثق بتصرفاتها ..
ولذلك ومنذ ذلك الوقت بدأت الصحوة السياسية والدستورية لأبناء القبائل وتحديدا مع بدء عودة الحياة الديمقراطية والبرلمانية عام 1992م حين برز سقوط شيوخ القبائل في تزكيتهم ليمثلوا قبائلهم في البرلمان خصوصا بعد معرفة اللعبة السياسية التي تستخدمها الحكومة في تحالفاتها وبعد إهمالها لحلفائها من القبائل الذي ساندوها في الوقوف ضد من يعارضها وكانوا بمثابة العصا التي تضرب خصومها السياسيين ..
كما برز وقتها رموز قبلية شابة تطالب بالاندماج بالمجتمع والحفاظ على الدستور ودولة القانون والمكتسبات الشعبية الأمر الذي جعل غالبية أبناء القبائل تصطف خلف تلك القيادات لايمانهم بتلك المطالب ومساواتهم ببقية مكونات المجتمع ولمعرفتهم بحقوقهم وواجباتهم الوطنية والدستورية خصوصا في ظل وجود فساد مالي وإداري استشعروا خطورته على مستقبل وطنهم وأبنائهم وهو ما شاهدناه في الآونة الأخيرة من تصدر أبناء القبائل المشهد السياسي ولعب دور المعارضة الوطنية التي اضمحل دور من كان يتصدرها سابقا ..
لذلك اضطرت الحكومة مجددا لمغازلة القبائل وخصوصا ووجهائها الذين شعروا بإهمالها لهم وعدم الاكتراث بدورهم الاجتماعي الأمر الذي جعلهم يقفون مع المعارضة وأبناء قبائلهم في المشهد السياسي ونجحوا في كسب التأييد الشعبي خصوصا في الدور الذي لعبوه في مقاطعة الانتخابات الأخيرة لذلك رأت الحكومة ملزمة بأن تعود لمغازلتهم من جديد وكسب ودهم لعل وعسى أن تخترق هذا الاصطفاف الذي أحرجها في الآونة الأخيرة.
يعني بالعربي المشرمح لا يمكن للحكومة أن تنجح بكسب ود وتأييد أبناء القبائل مجددا عبر شيوخ تلك القبائل بعد ما حصل في الآونة الأخيرة من تعرض غير مسبوق لأبناء القبائل من شتم وضرب عبر أدوات كانت وما زالت تحظى بالحماية والرعاية ، كما لايمكن وفي هذا الوقت الذي أندمجت به القبائل مع بقية فئات المجتمع ببوتقة الوطن والدستور أن يؤثر على مواقف أبنائها السياسية شيخ قبيلة إلا اذا كانت تسعى لضرب المعارضة وتراهن على تفككها، لذا من المفترض ألا تمارس الحكومة هذا الدور وتعود للدستور الذي سيحميها من كل هذا العبث ويجعل الشعب بكل مكوناته يقف معها دون أي اعتبارات اجتماعية..