الكاتب محمد الرويحل ـ العمل الانتخابي والعمل الوطني .. لا يجتمعان !!

نمر في فترة ارهاق سياسي منظم ومدروس وفقا لسياسة لاتؤمن بالحياة الديمقراطية، فما يحدث منذ فترة ليست بقصيرة من حل البرلمانات المتعاقبة ومن تعليق للدستور ومن سرقة وفساد منظم لا يمكن أن يكون محض صدفة، ولا يمكن لعاقل أن يبرر له خصوصا بعد أن بدت نتائجه معروفة لدى الجميع وباعتراف الحكومة والبرلمان والأمة بأسرها فالكل اليوم يعرف هذه الحالة العبثية والمتعمدة لكنه لا يستطيع أن يفسر أسبابها ونتائجها على الوطن والمواطن رغم أن هناك من صرح بها أكثر من مرة وهي عدم إيمان الحكومة والمتنفذين بالديمقراطية إلا أن الكثير يتجاهل ذلك ويذهب للهوامش الناتجة عن هذه النظرية ..

لقد نجحت الحكومة ومن خلفها المتنفذون وبجهل من المعارضة أن ترهق الشارع الكويتي وتجعله يكفر بالعمل الديمقراطي وييأس من العمل الوطني الذي طغى عليه العمل الانتخابي بسبب سلوك المعارضة المتمثلة بالأغلبية والتي تزعمت الحراك بعد أن أبطلت عضوية أعضائها..
وللإنصاف فإن مواقف الأغلبية المبطلة أثناء عضويتهم في البرلمان كانت مواقف مشرفة ولا غبار عليها إلا أنها أخفقت بعد إبطال عضويتهم ونزولهم للشارع حيث مزجوا مصالحهم الانتخابية بالعمل الوطني وخلطوا الحابل وبالنابل وتشعبوا بمطالبهم وجعلوا من قضية الصوت الواحد شعارا لهم الأمر الذي جعل الكثير من المؤيدين لهم يبتعدون عن الحراك نتيجة تلك الأخطاء الكارثية والتي يحصدون ونحصد ثمارها اليوم ..
ولأنهم يعلمون بعدم إيمان السلطة بالديمقراطية  كان الواجب عليهم ألا يجعلوا من العمل الانتخابي مكانا في مشروعهم ولايخضعوا لبعض المطالب التي يعرفون أنها لن تتحقق في الشارع والعمل الميداني وأن يتفهموا الاختلاف الجوهري بين ناخبيهم في كل دائرة على حده حيث لايتفق ناخبون الدائرة الأولى والثانية والثالثة مع ناخبي الرابعة والخامسة والعكس صحيح لذلك كان لزاماً على الأغلبية أن يبعدوا عن مشروعهم المصلحة الأنتخابية الا أنهم لم يفعلوا..
وبعد أن أبطل المجلس الأخير والذي أحبط ناخبوه المشاركون به عندما اكتشفوا أن كذبة الحكومة بأن المؤزمين هم سبب تعطيل التنمية وشل البلد وخلق الأزمات، فها هي الحكومة تتخلى عن مجلس كان بيدها وتحت تصرفها وتستطيع من خلاله أن تحرك عجلة التنمية وحل المشاكل التي يعاني منها المواطنون إلا أنها لم تفعل، الأمر الذي يثبت عدم إيمانها بأي مجلس معارض أو موال وأن مخططها هو إرهاق المواطن سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ليصل الى مرحلة الكفر بالديمقراطية وقد يصل الى حد المطالبة بإلغائها ..
يعني بالعربي المشرمح لا يمكن للعمل الانتخابي أن يجتمع مع العمل الوطني وعلى الأغلبية المبطلة أن تعي ذلك جيدا خصوصا بعد حكم المحكمة الدستورية وطالما قرروا مقاطعة الانتخابات عليهم أن يعقدوا مؤتمرا للمصالحة الوطنية فيما بينهم وبين بقية التيارات السياسية والناشطين على أن يكون الدستور هو من يجمعهم حيث لا يختلف عليه اثنان وأن يبدؤوا بمرحلة حراك جديدة ومختلفة لا يتخللها العمل الانتخابي، وإلا فأنهم شركاء للحكومة في مخطط إرهاق المواطنين وسبب في إحباطهم ويتحملون المسؤولية التاريخية في نتائج أخطائهم لهذه المرحلة .