الشيخ ناصر المحمد: لا يمكن أن يوجد وطن دون حريّة وديمقراطية

عند الساعة الثامنة صباحاً من يوم الأربعاء، بدا وكأن الكويت كلها كانت هنا، أي في ديوانية الشيخ ناصر المحمد، رئيس الوزراء الكويتي الأسبق، التي ورثها عن أبيه، مكاناً وزماناً، ولم يتغير موعدها منذ أربعين عاماً. يقول لي مطلع ضليع أن القهوة السوداء، الشماليّة، لم تتغير أيضاً، منذ عهد والده، الذي كان أول وزير للدفاع في البلاد.


في الديوانية الأسبوعية التي تحتضنها قاعة أنيقة، من قاعات قصر الشويخ، ستجد الجميع من كافة أطياف في المجتمع الكويتي، بدءاً من رجالات القبائل، ومرورا برجال الاقتصاد، وليس انتهاء بالديبلوماسيين، ورجال الكتابة والصحافة. والمثير للاهتمام، أن هذا الشيخ الحداثي الحديثي، يعرف معظمهم بالاسم، والصفة.

خلال حديث ودي مختصر حضرته “إيلاف” رفقة كتّاب أربع صحف خليجية، باح رئيس الوزراء الكويتي الأسبق الشيخ ناصر المحمد بالكثير، موثرا الابتعاد عن الرسمية، عند الحديث عن الكويت ومستقبلها، ومسيرة التعاون الخليجية، ثم طوفان واسع حول التاريخ الدولي، الذي كان الشيخ المُضيف يعرف عنه الأكثر والكثير، والأجزل والجزيل. رحلة عن التاريخ، وحركة الشعوب، وكيف تجنب الاستعمار الجزيرة العربية، بسبب ظروفها الطبيعية القاسية.

بعد أن دارت كؤوس الشاي الصغيرة، ورائحة البخور لا تزال تعبق في قاعة الاستقبال الأنيقة، بدأ الحديث عن الخليج، وعن الحرية، والديمقراطية في الكويت، برفقة الزملاء أحمد عبد الملك، وسعيد حارب، وحسن مدن، وأحمد باثميره.

وفي البداية، أكد لنا الشيخ المحمد بشكل قاطع: “لا يمكن أن يكون هنالك وطن دون حريّة وديمقراطية، وكذلك الأسس التي لا بد أن تسير عليها الحياة السياسية في أي دولة، بدونها ندخل في الفوضى”.

وعن التعاون الخليجي، يقول الشيخ الذي تحتضن بلاده القمة الخليجية بعد أيام: “يجب أن نشبه أنفسنا بالاتحاد الأوروبي رغم اننا نحتاج الى الوقت لنكون مثله. نحن ست دول قمنا بعدة خطوات جيدة، ونحن لدينا ميزة ان الاستعمار لم يصل إلينا، ولم يشتتنا، ولدينا عدة روابط مشتركة، لذلك أنا متفائل بالمستقبل الخليجي”.

ويضيف بكل صراحة: “إنني أتفهم الحسد والحقد الذي ينصب علينا نحن الخليجيون، وذلك لأن الله أنعم علينا بثروات ضخمة جدا، واستقرار سياسي. هناك دول أغنى منّا بالثروات لكن فقدان الاستقرار السياسي أفقدها القدرة على الحياة والتأثير الإيجابي في شعوبها، وبناء بلدانها”.

وبالحديث عن الكويت وما إذا كانت الديمقراطية تسير بدون أساس، قال المحمد: “الأساس هو الدستور لازم نحترم الدستور، والكل ابناءنا، لابد أن نتحاور، لا يوجد لدينا تحت الطاولة او خلف الكواليس، الان لابد من الحوار، إما أن تقنعني او أقنعك، لا يوجد أي بديل لذلك. أنا والله أحب الجميع، وأتطلع إلى تعاون الجميع من أجل مصلحة البلاد”.

ويستذكر المحمد كيف أنه خلال رئاسته للوزارة تقرر إزالة كافة الدواوين المخالفة، التي بنيت على أرض حكومية، وكيف أن أمير البلاد الشيخ صباح، أمره بأن يطبق القانون على الجميع.

يقول:” قلت إنه لابد من العدالة عند تنفيذ أي قرار، لذلك بدأت قرارات الإزالة من دواوين أفراد الآسرة الحاكمة الذين لديهم دواوين مخالفة، ثم جميع الشخصيات المتنفذة، إلى أن وصلنا أن طبقناه على الجميع. بدون عدالة لا يمكن أن يكون هنالك نهضة وطنية”.

وقال المحمد عن الحركة الثقافية في الخليج، ودور الإسلام في صياغة هذه أسس هذه الحركة: “الدين الإسلامي دين حنيف يحترم الأديان، والقرآن حفظ الدين واللغة، نحن الإسلام يرتكز على الاحترام، وهذا جزء من عاداتنا وتقاليدنا. أنا أساند وأشجع الندوات والثقافة والعلم، لأنك اليوم نعيش في زمن مختلف متطور، كل يوم يفاجئك بفكرة واختراع جديد”.

 

 

المصدر: إيلاف