الخبير الاقتصادي جاسم السعدون ينتقد نظام الاستفتاء الذي اطلقه رئيس مجلس الامة

قال الخبير الاقتصادي جاسم السعدون، رئيس شركة الشال للاستشارات الاقتصادية ،  إن اعتماد نظام الاستفتاء في الكويت خاطئ، وفيه هروب من مواجهة أولويات مستحقة، وأهمها ضبط انفلات السياسة المالية ، “فأولويات الاستفتاء غير المحترف والقديم تضمنت إسقاط القروض وتحسين مستوى الرواتب، وهي مؤشرات مخيفة في زمن تبلغ فيه فاتورة الأجور المباشرة وغير المباشرة في القطاع العام نحو 10.5 مليارات دينار كويتي، ونحو 5 مليارات أخرى لدعم السلع والخدمات في الموازنة الحالية، وتكلفة صندوق الأسرة وحده أكثر من 700 مليون دينار كويتي، بينما كل نفقات الموازنة العامة في العام 2000 كانت 4 مليارات دينار كويتي”.

ورأى السعدون أن الأولويات، التي يجب على الحكومة ومجلس الأمة تبنيها، هي ما تتبناه خطة الدولة الخمسية، والمتمثلة في علاج الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد، مثل خفض هيمنة القطاع العام، وخفض اعتماد نسبة تمويل الموازنة العامة من إيراد النفط، وخفض عدد موظفي القطاع العام الكويتيين، “فذلك ليس خيارًا، إنما ضرورة، والفشل في تحقيقه يعني المراهنة على الوقت حتى يصيب الكويت ما أصاب دول الربيع العربي، لذلك فإن الأمر أكثر تعقيدًا وخطورة من إغراءات إجراء استفتاء”.

في ما يأتي تفاصيل الحوار:

معروف أن الاستفتاء طريقة حضارية لمعرفة رأي الشعب، لكن كيف سيتم التصرف في حال أظهرت النتائج أن أولويات المواطنين تتركز على المزيد من هدر المال العام؟
يتطلب إجراء الاستفتاء أن يكون منصوصًا عليه ضمن النظام الدستوري أو اتفاقية ما، كالسوق الأوروبية مثلًا، وأن يجري الاستفتاء حول قضية محددة ومؤثرة، لا تكفي القنوات الدستورية والقانونية لاحتمال نتائجها. ويتطلب إجراء استفتاء أن يكون عامًا أو تصويتًا على أمر ما يحتاج أغلبية محددة، مثل الاستفتاء على تغيير نظام السرية المصرفية في سويسرا مثلًا. كما يحتاج استفتاء العينة أو الاستفتاء البديل، قيام مؤسسات محترفة بتصميم العينة الممثلة ومشهود لها الحياد والكفاءة ويشهد لها تاريخ طويل بذلك. وأيضًا يحتاج نظامًا متوازنًا، بمعنى أن يكون حصيلة الإيرادات العامة مصدرها ضرائب يدفعها ناخبون آخرون حتى لا تتحوّل الاستفتاءات إلى أولويات للمطالبات بمزايا مجانية، وفي مجتمع انفصلت فيه تمامًا العلاقة بين الجهد والمكافأة. وعليه، أعتقد بأن اعتماد نظام الاستفتاء في الكويت خاطئ، وفيه هروب من مواجهة أولويات مستحقة، وأهمها ضبط انفلات السياسة المالية، ليس فقط لأنها هوت بتنافسية الاقتصاد وخربت نظام التعليم وإنتاجية رأس المال البشري، وإنما لأن الاستمرار فيها مستحيل مع أول ضعف لسوق النفط، ونتائج الاستفتاء قد تدفع إلى العكس.

الفشل والربيع العربي
ما هي توقعاتك للأولويات الثلاث التي سيسفر عنها الاستفتاء؟
لا أعرف، لكن أولويات استفتاء غير محترف وقديم، كان ضمنها إسقاط القروض وتحسين مستوى الرواتب، وهي مؤشرات مخيفة في زمن تبلغ فيه فاتورة الأجور المباشرة وغير المباشرة في القطاع العام نحو 10.5 مليارات دينار كويتي، ونحو 5 مليارات أخرى لدعم السلع والخدمات في الموازنة الحالية، وتكلفة صندوق الأسرة وحده أكثر من 700 مليون دينار كويتي، بينما كل نفقات الموازنة العامة في العام 2000 كانت أربعة مليارات دينار كويتي.

ما هي الأولويات التي ترى أن على الحكومة ومجلس الأمة تبنيها؟ 
لن أخترع العجل، فكل ما سوف أذكره تتبناه خطة الدولة الخمسية، والأولويات هي علاج الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد، مثل خفض الهيمنة بنحو الثلثين للقطاع العام إلى الثلث خلال عقد من الزمن، وخفض اعتماد تمويل الموازنة العامة من 92 % إيراد النفط حاليًا إلى النصف خلال الفترة نفسها، وخفض موظفي القطاع العام الكويتيين من 76 % حاليًا إلى النصف خلال الفترة نفسها بما يعنيه من استيعاب نحو 22 ألف قادم إلى سوق العمل كل سنة، ونحو 460 ألف قادم إلى سوق العمل بحلول العام 2030. وذلك لن يحدث إلا بالتزام وانضباط جناحي الإدارة العامة، الحكومة ومجلس الأمة، وذلك ليس خيار، وإنما ضرورة، الفشل في تحقيقه يعني المراهنة على الوقت حتى يصيب الكويت ما أصاب دول الربيع العربي، لذلك فإن الأمر أكثر تعقيدًا وخطورة من إغراءات إجراء استفتاء.

استفتاء الـ 15 يومًا
وكان رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم أعلن في تصريحه للصحافيين الأحد الماضي عن استبيان شعبي لأولويات المواطن لتكون خريطة طريق أمام السلطتين التشريعية والتنفيذية. وكشف عن نيته إجراء لقاءات تشاورية مع مختلف النواب فور عودتهم من إجازاتهم، بهدف ترتيب العمل والاتفاق على الأولويات. مؤكدًا أهمية العمل الجماعي في إنجاح دور الانعقاد. لكن مصادر اقتصادية حذرت في تصريحات لصحيفة القبس نشرتها اليوم من النتائج الأولية التي تسرّبت عن توجهات هذا الاستبيان حول الأولويات التي يراها المواطنون ضرورة بالنسبة إليهم.

ولفتت إلى أن حملة منظمة، أطلقت أمس، لتكون الأجوبة محددة، وفي مقدمها مطالب لإسقاط القروض وزيادة الرواتب. ويتلخص الاستفتاء، الذي انطلق الأربعاء، في أخذ رأي 300 مواطن يوميًا ولمدة 15 يومًا، ويتم التنفيذ على أكثر من مرحلة وطريقة، تقوم بها إحدى شركات القطاع الخاص بالتعاون مع إدارة المعلومات التابعة للمجلس، حيث يطلب منه التركيز في البداية على ثلاث أولويات رئيسة، ومن ثم يتحدث عن أكثر من هذا العدد، وليس التركيز على ثلاث أولويات فقط كما فهم البعض.

ويتم هذا الاستفتاء عبر أكثر من طريقة، منها الاتصال بالناخبين، عن طريق مراكز الاتصال أو من خلال مقابلات خاصة، تحت إشراف قطاع المعلومات في مجلس الأمة، الذي سيقوم بدوره بعملية فرز المعلومات والبيانات وتصنيفها والتعامل معها بشكل علمي لتوظيفها في أولويات السلطتين.

 

 

المصدر: إيلاف