«الجنائية الدولية» طريق مفتوحة أمام الثورة السورية

«الجنائية الدولية» طريق مفتوحة أمام الثورة السورية

 

المواجهة القانونية في المحكمة الدولية قد تشكل مخرجاً للأزمة.
المواجهة القانونية في المحكمة الدولية قد تشكل مخرجاً للأزمة.

 

استخدم أستاذ القانون الدولي، فرانسس بويل، الذي له باع وسجل طويل في الدفاع عن حق الفلسطينيين تعبير «انتفاضة قانونية» في وصفه مقاومة الاحتلال الاسرائيلي غير الشرعي، والاسباب التي تدعو الى هذا (اي المقاومة) شديدة الوضوح، وهي سبعة عقود من الجرائم الاسرائيلية ذات البعد الايديولوجي الصهيوني التي لا تحصى ضد المسلمين والمسيحيين.

وها هي سورية تتعرض حاليا لضغط دولي هائل ومتزايد من مرجعيات وجهات دولية سمحت لنفسها بالتدخل في شؤونها الداخلية، ويبدو ان هناك مشروعا تقوده فرنسا والولايات المتحدة لتغيير النظام في سورية من خلال معالجات قانونية لسلسلة من القضايا، وتشارك بريطانيا ودول غربية اخرى فرنسا واميركا في فرض واحدة من اقسى واشد العقوبات غير الشرعية على الشعب السوري، لتلحق به ضرراً مباشراً بصورة يومية.

وتبدي اوساط قانونية دولية شكوكاً قوية في ان استهداف المدنيين بالعقوبات الاقتصادية يحقق اهدافاً محددة او ملموسة مثل توليد شرارة ثورة شعبية ضد النظام السوري، بل تعتبرها خرقاً فاضحاً للقانون الدولي الذي تعمل على اساسه محكمة العدل الدولية. وثمة امر مهم تجب ملاحظته، وهو ان سورية لم تقبل بعد المادة ‬36 المتعلقة بالولاية القانونية الإلزامية من قانون المحكمة الدولية، الامر الذي سيرغم ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما على تقييم اي حملة دولية للتقدم بأي إجراء قانوني إلى المحكمة الدولية لإبداء الرأي فيه.

ويشارك محامون ورجال قانون وأكاديميون في القانون الدولي في العديد من الجامعات ومراكز البحث والخبرة القانونية في تقييم امكانية التقدم بطلب او مذكرة الى محكمة الجنايات الدولية لإبداء الرأي في مدى شرعية العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة ضد سوري، والتي عارضها عدد كبير من دول عدم الانحياز وجماعات ومنظمات عالمية للسلام وناشطون اجتماعيون وسياسيون ومدونون على الانترنت.

وفي ظل الشكوك الكبيرة التي تحيط بالطبيعة القانونية ومدى شرعية العقوبات واخلاقيتها ضد سورية، فإن من المتوقع ان تتحول سورية والأطراف المؤيدة لها من موقف الدفاع عن النفس إلى الهجوم، إذا ما وصل الامر الى المحكمة الجنائية الدولية التي قد تقضي ببطلان شرعية العقوبات وعدم اخلاقيتها. واستنادا الى عملية مسح للرأي شملت عدداً كبيراً من المحامين وخبراء القانون الدولي بين اكتوبر وديسمبر الماضيين، فإن الموقف السوري قوي ويستند إلى فهم حقيقي وواضح ان العقوبات المفروضة على دمشق تفتقد الشرعية والناحية الاخلاقية، وانها قادرة على اقناع المحكمة الدولية بسلامة موقفها وضرورة الحكم بإلغاء تلك العقوبات ورفعها. وقد تقول سورية في معرض شرحها موقفها امام الجنائية الدولية، ان العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة تخترق القانون الانساني الدولي، وتسبب اذى صحيا مباشرا على مجمل الشعب السوري، وتعتبر عقاباً جماعياً لهذا الشعب بما فيه شرائحة الاجتماعية والاقتصادية الضعيفة من نساء وأطفال عمال وفقراء ومرضى يعانون امراضاً مزمنة ومسنين.

وتواصل الولايات المتحدة واسرائيل وبعض حلفائهما توجيه التهديدات بين حين وآخر ضد سورية، باستخدام القوة العسكرية ضدها، ما يتعارض صراحة مع حكم سابق لمحكمة الجزاء الدولية بأن التهديد باستخدام القوة العسكرية مخالف للمادة «رقم ‬2» من الفقرة الرابعة من ميثاق الامم المتحدة. وما هو اهم من هذا كله هو ان العقوبات التي فرضت على سورية ليست مستندة الى الامم المتحدة او موافقتها، وانما على اساس العلاقات الثنائية وما يحكمها من اعتبارات سياسية وقدرة على التأثير في مواقف الدول الاخرى لتسايرها وتنضم إليها أو تعارضها، ما يعطي سورية الحق القانوني في الدفاع عن النفس باعتبارها فعلاً عدائياً تجاهها.