الأخطار البيئية تهدّد الحوامل

الأخطار البيئية تهدّد الحوامل

 

المواد الكيماوية خطر على الحامل.
المواد الكيماوية خطر على الحامل.

عندما تجلس الطبيبة دراغ فلين مع مراجعاتها من النساء الحوامل، فإنها تلتزم بالنصائح الصحية، كأن تنصحهن مثلاً بعدم التدخين، او شرب الكحول، أو تناول الأطعمة المغذية والفيتامينات. كما تنصحهن أيضا بتجنب أبخرة البنزين والمبيدات الحشرية، وأنواع معينة من الأسماك وبعض المنظفات المنزلية ومستحضرات التجميل.

الا أن القليل جداً من اطباء الولادة يسلكون المسلك نفسه الذي تسلكه فلين، اذ اظهر مسح جديد على مستوى الولايات المتحدة، نظمته جامعة كاليفورنيا، وشمل ‬2600 طبيب ولادة، أن هؤلاء الاطباء لا ينصحون مراجعاتهم من النساء الحوامل بتجنب المواد الكيميائية في الأغذية والمنتجات الاستهلاكية أو البيئية التي يمكن أن تعرض الأجنة للخطر. وذكر أكثر من نصف من شملهم المسح انهم لا يحذرون الحوامل من خطر الزئبق، ونادراً ما يقدمون النصح بشأن الرصاص والمبيدات الحشرية، وتلوث الهواء، أو المواد الكيميائية أو مستحضرات التجميل، أو البلاستيك. الكثير من الأطباء يقولون ان أولويتهم تتمثل في حماية النساء الحوامل من الأخطار الأكثر إلحاحاً، ويعتقدون أن تحذيرهن بالمخاطر البيئية قد يخلق لديهن قلقاً لا مبرر له.

من الناحية الصحية، فإن جميع النساء الحوامل تقريباً لديهن مستويات من المواد الكيميائية في أجسادهن قد تضر بنمو الجنين. ومن خلال الرصد تم العثور على نحو ‬100 مادة كيميائية مختلفة، مع ‬43 مادة موجودة في جميع النساء، وذلك مثل الرصاص والزئبق والتولوين، بيركلورات، ثنائي الفينول أيه، ومثبطات اللهب، والمركبات المشبعة بالفلور، والمبيدات الحشرية الكلورية العضوية.

وتشير الدراسات إلى أن تعرض الرحم- حتى ولو على مستوى منخفض- لهذه المركبات قد يعرقل نمو الدماغ أو الجهاز التناسلي لدى الجنين. والبعض الآخر منها قد يزيد من مخاطر العيوب الخلقية للأجنة، أو اصابتها بالسرطان، أو مشكلات المناعة والربو وامراض الخصوبة أو اضطرابات أخرى في وقت لاحق في الحياة. وعلى الرغم من ذلك فإن بعض هذه المعلومات لا تصل إلى معظم النساء الحوامل.

جميع الأطباء الذين شملهم المسح ذكروا تقريباً انهم ناقشوا مرضاهم بشكل روتيني بشأن التدخين، والكحول، والنظام الغذائي وزيادة الوزن، وذكر ‬86٪ منهم إنهم ناقشوا مخاطر أماكن العمل، و‬68٪ حذروا من مخاطر التدخين السلبي. الا ان ‬19٪ منهم فقط حذروا النساء الحوامل من خطر المبيدات الحشرية، و‬12٪ حذروهن من تلوث الهواء، و‬44٪ من خطر الزئبق، و‬11٪ من خطر المركبات العضوية المتطايرة، وهي الأبخرة المنبعثة من مواد الطلاء والبنزين والمذيبات. القليل جداً من الاطباء حذروا الحوامل من نوعين من المواد الكيميائية في المنتجات الاستهلاكية التي غالبا ما تحملها الأخبار، مثل ثنائي الفينول، والفيثاليت. ‬8٪ من الأطباء حذروا الحوامل من مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور، والمركبات الصناعية التي غالبا ما توجد في الأسماك.

ويقول الباحث العلمي ببرنامج الصحة الانجابية والبيئة بجامعة كاليفورنيا، باتريس ساتون، إن النتائج تظهر عدم ارتباط بين البحوث الصحية والبيئية وما ينبغي وما لا ينبغي للأطباء القيام به حيال مراجعاتهم من النساء الحوامل. وتحاول هذه الدراسة، التي تم نقاشها في مؤتمر عقد أخيراً، ولكن لم تنشر نتائجه بعد، كسر الحواجز التي تحول دون تلقي النساء الحوامل مثل هذه الرسائل الصحية.

ومنذ عام ‬2004 حذرت هيئة حماية البيئة الأميركية وإدارة الغذاء والدواء النساء الحوامل من تناول الأسماك التي تحتوي على نسبة عالية من الزئبق مثل سمك أبوسيف وسمك القرش، والحد من استهلاك اسماك تونة البكورة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الكونغرس الأميركي اصدر العديد من البيانات لأعضائه بشأن ضرورة تجنب الزئبق في الأسماك. ويتعرض حتى الآن نحو ‬300 الف من الاطفال حديثي الولادة كل عام لمستويات من ميثيل الزئبق التي تتجاوز الحد المسموح به، وترتبط كمية الزئبق في الرحم بتراجع معدل الذكاء وغيرها من العوامل التي تؤثر في المخ بمرحلة النمو.