«إتش.إس.بي.سي» يرفع تقديره لنمو الناتج المحلي للإمارات إلى 3.7% العام الجاري

أكد نمو قطاعات السياحة والتجزئة والعقارات في دبي.. ووصف الموقف المالي لحكومة أبوظبي بأنه «قوي جداً»

«إتش.إس.بي.سي» يرفع تقديره لنمو الناتج المحلي للإمارات إلى 3.7% العام الجاري

البنك توقع نموا بنسبة 4 % لاقتصاد الدولة في 2013.
البنك توقع نموا بنسبة 4 % لاقتصاد الدولة في 2013.

أكد بنك «إتش.إس.بي.سي» أن اقتصاد الإمارات أظهر متانة ومرونة استثنائية على مدى الأرباع الثلاثة الأولى من العام الجاري، ما دفع البنك إلى زيادة تقديراته للنمو في عام 2012، وتوقعاته لعام 2013 بصورة تجعلها تقترب من المتوسط الإقليمي للنمو، متوقعاً أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي للإمارات نمواً بنسبة 3.7% في عام 2012، وأن ينمو بنسبة 4% في عام 2013.

ووصف البنك، خلال مؤتمر صحافي عقد في دبي، أمس، الموقف المالي لحكومة أبوظبي بأنه «قوي جداً»، لاسيما في ظل ارتفاع أسعار النفط، مرجحاً أن تستغل أبوظبي النمو في رصيدها من الأصول الأجنبية، والفائض في ميزانها التجاري، الذي يزيد على 40 مليار دولار، لمصلحة صناديقها السيادية.

وأوضح أن قطاعات السياحة والتجزئة والعقارات في دبي حققت جميعها نمواً سريعاً على مدى الأشهر الستة الماضية، مشيراً إلى أن معدلات إشغال الفنادق في دبي لاتزال عالية، حتى خلال أشهر الصيف لهذا العام، فضلاً عن زيادة حركة المسافرين عبر مطار دبي لتسجل أعلى مستوياتها، وواكبها ارتفاع حجم البضائع والسلع التي تم شحنها.

متانة الاقتصاد

«بيات شتوي»

أكد رئيس الوحدة الدولية للأبحاث الاقتصادية في بنك  «إتش.إس.بي.سي»، ستيفن كينغ، أن «الاقتصاد العالمي مازال يواجه العديد من التحديات، مثل ضعف الطلب العالمي، الذي تحوّل إلى نقص واضح في الطلب»، محذراً من أنه «كلما زادت فترة البيات الشتوي الاقتصادي التي تمر بها الدول الصناعية، تحوّلت الصعوبات التي تواجهها الاقتصادات الأوروبية إلى اختلالات هيكلية». وقال إن «من المشكلات الأخرى أن المستثمرين مازالوا لا يدركون بدقة أهمية السياسات النقدية في ما يتعلق بمشكلات جانب العرض، التي ستولد ضعف الطلب في سوق العمالة، وكذا المزيد من الأزمات المالية»، منبهاً إلى أنه «من الخطأ الاعتقاد بأن هذه المشكلات يمكن أن تحل ببساطة من خلال الحلول النقدية فقط».
وأكد رئيس قسم بحوث إدارة الأصول في «إتش.إس.بي.سي»، ديفيد بلوم، أن «الأزمة المالية العالمية دفعت دولاً عدة إلى تغيير مخططاتها لتحرير عملاتها»، لافتاً إلى أن «تركيز الدول أصبح حالياً منصباً على الحفاظ على استقرار سعر صرف عملاتها»

وتفصيلاً، أكد كبير المحللين الاقتصاديين في الشرق الأوسط لدى بنك «إتش.إس.بي.سي» سايمون ويليامز، أنه «على الرغم من أن الإمارات كانت أكثر عُرضة لتأثيرات التباطؤ الاقتصادي في منطقة اليورو أكثر من أي دولة خليجية أخرى، إلا أن اقتصادها  أظهر متانة ومرونة استثنائية على مدى الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2012»، موضحاً أن «هذه المؤشرات الإيجابية دفعت البنك لزيادة تقديراته للنمو في عام 2012، وتوقعاته لعام 2013، بصورة تجعلها تقترب من المتوسط الإقليمي للنمو».
ووفقاً لتقديرات البنك الجديدة، فإن الناتج المحلي الإجمالي للإمارات سينمو بنسبة 3.7% في عام 2012، ومن المتوقع أن ينمو بنسبة 4% في عام 2013. وقال إنه «مع عدم وجود أي حوافز نقدية أو مالية تقود النمو في دول الخليج الباقية، فإن الإمارات لاتزال تعتمد بشكل كبير على الطلب الخارجي».

أبوظبي
وأضاف ويليامز أن «أبوظبي تعتمد على نمو القطاع النفطي، إذ زاد إنتاج النفط الخام إلى متوسط 2.7 مليون برميل يومياً في يونيو عام 2012، مقابل متوسط 2.5 مليون برميل يومياً خلال عام 2011، ما أدى إلى زيادة حجم الصادرات النفطية للإمارة، التي تزامنت مع ارتفاع الأسعار العالمية للبترول»، لافتاً إلى أن «تلك الزيادة أسهمت في زيادة إيرادات الإمارة، ومن ثم في تعزيز الموقف المالي القوي جداً لحكومة أبوظبي».

وتساءل ويليامز عن أسباب عدم وجود مؤشرات على تصاعد الإنفاق الرأسمالي الذي لايزال أدنى من الحدود المتوقعة، على الرغم من أن أبوظبي تمتلك كثيراً من الوسائل لدفع عجلة النمو عن طريق زيادة الإنفاق، منبهاً إلى أن القطاعات غير النفطية لن تنمو بالمعدلات الكبيرة التي يحققها النمو في القطاع النفطي.

وأشار إلى أن «ارتفاع أسعار النفط سيؤدي إلى مزيد من النمو في رصيد أبوظبي من الأصول الأجنبية، كما يرجح أن يصب الفائض في الميزان التجاري مع دول العالم المختلفة، الذي يزيد على 40 مليار دولار، في مصلحة صناديق الثروة السيادية لأبوظبي».

وضع دبي
وفي ما يخص الأوضاع الاقتصادية لدبي، جدد ويليامز تأكيده أن «النسبة الأكبر من النمو المتوقع ستأتي من قطاع الخدمات، الذي شهد تحسناً قوياً، والذي لايزال بعيداً عن التباطؤ العالمي».

وأوضح أن «قطاعات السياحة والتجزئة والعقارات في دبي حققت جميعها نمواً سريعاً على مدى الأشهر الستة الماضية، فضلاً عن أن معدلات إشغال الفنادق لاتزال عالية حتى خلال أشهر الصيف هذا العام، وكذلك زادت حركة المسافرين عبر مطار دبي لتسجل أعلى مستوياتها، وواكبها ارتفاع في حجم البضائع والسلع التي تم شحنها».

وأضاف أنه «على الرغم من نجاح النموذج التنموي في دبي وأنه مازال صحياً، إلا أنه ينطوي على عدد من المخاطر التي تهدد بإمكانية تعرض هذا النموذج إلى التراجع، أهمها أن القطاع المصرفي لايزال متردداً في تقديم القروض مع اقتراب أسعار الفائدة من الصفر بالفعل، وأن الحكومة  لاتزال تبدو مترددة في زيادة الإنفاق»، لافتاً إلى أن «أي تراجع مالي في الطلب الخارجي يمكن أن يؤدي إلى تراجع تقديرات النمو المتوقع على نحو سريع».

دول الخليج
وعن أوضاع بعض الدول في المنطقة، أفاد ويليامز بأن «نظرة البنك إلى منطقة الخليج، ظلت إيجابية مع استقرار أسعار النفط عند حدود 90 دولاراً للبرميل».

وقال إنه «عند ارتفاع الأسعار إلى 110 دولارات للبرميل، فإن سياسات التحفيز المالي التي تم وضعها من قبل الحكومات كانت مدعومة بارتفاع إنتاج النفط، وزيادة الفوائض وتراكم الاحتياطي، وارتفاع مستويات ثقة القطاع الخاص على نحو متزايد».

وأوضح ويليامز أنه «على الرغم من الإيجابيات الكثيرة التي تشهدها منطقة الخليج، فإن عوامل القوة الحالية تبدو دورية بدلاً من كونها هيكلية، وهذه العوامل أكثر عُرضة للمخاطر السياسية»، محذراً من أن «المخاوف بشأن الأمن الإقليمي في المنطقة بسبب مسألة إيران يمكن أن تزداد في عام 2013، ما قد يؤثر في مستويات ثقة القطاع الخاص، وتالياً يكون له تأثير شديد في التوجهات والسيولة النقدية والتجارة والاستثمار، وقيم الأصول المالية والفعلية في منطقة دول الخليج».

الشرق الأوسط
وأكد ويليامز أنه «على الرغم من أن الاضطرابات السياسية السائدة أسهمت في إبعاد منطقة الشرق الأوسط عن الأسواق الناشئة سريعة النمو طوال فترة عام 2011 ومعظم عام 2012، إلا أن هناك مجموعة من العوامل أدت إلى تسارع وتيرة النمو في المنطقة في وقت تشهد بقية مناطق العالم تباطؤاً في نموها الاقتصادي»، محدداً هذه العوامل في «ارتفاع أسعار النفط وخطط التحفيز المالي، والاستقرار السياسي الذي حدث أخيراً».

وقال إن «المكاسب التي حققتها منطقة الشرق الأوسط تعد كبيرة ومهمة، وأن المخاطر على المدى القريب تبدو مرتفعة»، مضيفاً أنه «على المدى الطويل قد تكون الإنتاجية، وليست السياسة، هي التهديد الحقيقي للأداء الاقتصادي».

وأوضح أنه «على عكس التوقعات السائدة إلى حد ما، نجد أنفسنا أكثر إيجابيةً تجاه مستقبل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عما كنا عليه قبل مدة عامين على الأقل»، مبيناً أن «توقعات البنك للنمو الاقتصادي في المنطقة للعام الجاري والعام المقبل زادت، على الرغم من تباطؤ الاقتصاد العالمي، والاضطرابات السياسية الجارية في سورية، وتجدد المخاوف بشأن الصراع مع إيران»