أرغمت تفجيرات وتظاهرات احتجاج لانصار المرشد الايراني علي خامنئي، شهدتها العراق، صحيفة “الصباح الجديد” البغدادية اليومية على التوقف عن الصدور الثلاثاء لنشرها كاريكاتيرا لخامنئي اعتبروه مسيئا .. فيما قالت هيئات صحافية ان السلطات رفضت حماية مقر الصحيفة وهيئة تحريرها ودعت تلك الهيئات الى ملاحقة مفجري العبوات الناسفة ضدها وتوفير الحماية اللازمة لمقرها والعاملين فيها وطالبت سياسين بالتوقف عن التحريض ضد المؤسسات الإعلامية .
اعلنت صحيفة الصباح الجديد اليوم توقفها عن الصدور حماية لهيئة تحريرها التي تتعرض للتهديد والانتقام وخاصة رسامها احمد الربيعي الذي نفذ رسم كاريكاتير المرشد الايراني الاعلى علي خامنئي والذي يتلقى سيلا من التهديدات بالقتل. وشهدت بغداد تظاهرة احتجاج نظمتها قوى واحزاب شيعية امس ضد الصحيفة فيما انفجرت عبوة ناسفة حطمت واجهة مبناها . واحتج المتظاهرون خلال تجمعهم بساحة الفردوس وسط بغداد على ما اسموها تطاولات على رموز المرجعيات الدينية ورفعوا لافتات وشعارات لما قالوا انه تطاول من الجريدة على خامنئي مؤكدين ان المرجعيات خط احمر لا يمكن المساس به .
رفض عمليات الترهيب ضد المؤسسات الاعلامية
ومن جهته اكد مرصد الحريات الصحافية رفضه إستخدام وسائل الترهيب ضد المؤسسات الإعلامية أو التحريض الذي قاده سياسيون ضد الصحيفة ودعا السلطات العراقية الى حفظ هيبة الدولة وسيادتها وتوفير الحماية اللازمة للصحيفة والعاملين فيها وملاحقة الذين إستخدموا المواد المتفجرة وهاجموا مقرها بعبوات ناسفة ما أسفر عن أضرار مادية بالغة طالت مكاتب الصحيفة وسط بغداد . وققال مسؤول في غرفة أخبار الصحيفة إن مقر صحيفتهم تعرض لهجمات بأربع عبوات ناسفة إنفجرت منها إثنتان ما أدى الى تهديم الباب الرئيس للصحيفة وإلحاق أضرار بالغة بالمكاتب. وقال المسؤول الذي رفض الكشف عن إسمه لدواع أمنية إن إدارة الصحيفة أبلغت وزارة الداخلية قبل يوم بالتهديدات لكنها لم تتخذ الإجراءات الأمنية المناسبة لحماية الصحيفة موضحا إن “وكيل وزارة الداخلية أبلغهم مسبقاً بمظاهرة ستنطلق ضدهم “. واشار الى ان الموظفين والعاملين في الصحيفة غادروها خوفاً على حياتهم وإن الصحيفة احتجبت عن الصدور وستقرر مصيرها وإمكانية تغيير موقعها في وقت لاحق.
وقالت رئيس تحرير الصحيفة اسماعيل زاير الأحد إنها تعرض لحملة “تحريض” واسعة النطاق على خلفية نشرها ملحقا تضمن رسما تعبيريا عن شخصية دينية بارزة ضمن ملف تناولت فيه تاريخ الثورة الإيرانية في ذكراها الخامسة والثلاثين ويبدو أنه أسيئ فهم القصد من نشره. واضاف إن ادارة الصحيفة “أجرت إتصالات مكثفة وحميمة مع الأخوة في سفارة الجمهورية الإسلامية في بغداد وأوضحنا موقفنا وأبلغناهم أن الصحيفة لن تسمح بالإساءة لرموز الشعب الإيراني”.
ودعا مرصد الحريات الصحافية يدعو الحكومة العراقية الى ملاحقة المسلحين الذي فجروا العبوات الناسفة أمام مقر الصحيفة وتوفير الحماية اللازمة لمقرها والعاملين فيها .. كما طالب بعض السياسين بالتوقف عن التحريض “لأنه يعرض حياة العاملين فيها للخطروعدم قيادتهم لتظاهرات تدعو الى الكراهية وتحرض على العنف ضد المؤسسات الإعلامية العراقية”.
دعوة السلطات الى ردع المليشيات
أما جمعية الدفاع عن حرية الصحافة فقد اعتبرت الحملة التي تتعرض لها صحيفة “الصباح الجديد” وكادرها من قبل جماعات متطرفة ومليشيات محاولة لإرهاب الصحافيين وتخويفهم وفرض أجندة ولاية الفقيه عليهم . وعبرت عن استغربها الشديد لتغاضي الحكومة عن مظاهرات للجماعات المتطرفة والمليشيات تردد عبارات تهديد ووعيد وتطالب بـ”القصاص” من كادر الصحيفة وعموم الصحافيين الذين وصفتهم هذه الجماعات بـ”المرتدين والمارقين” لاسيما وان الخروج في مظاهرة معينة يحتاج إلى تراخيص وموافقات مسبقة قبل أسابيع .
واكد زاير تعرض رسام الكاريكاتير أحمد الربيعي الذي رسم “بورتريه” خامنئي إلى تهديدات من قبل جماعات مسلحة مشيراً إلى أن جميع كادر الصحيفة يشعر حاليا بالرعب والخوف لان الجميع بات مهدداً من قبل المسلحين ما يعني صعوبة أصدار الصحيفة خلال هذا الأسبوع . وشدد على ان
الصحيفة لم تقصد الاساءة لاي جهة والموضوع لايتعدى ان الصحيفة إعتادت على نشر مثل هذه البورتريهات الفنية في المناسبات السياسية لاسيما وان الموضوع كان يتحدث عن الثورة الأسلامية في ايران . وعبر زاير عن أستغرابه لما حدث وقال “كنا نعتقد أننا في بلد حر ويمكن ان يُحرم هذا العمل في ايران وليس في العراق”.
بدوره حملَ رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة عدي حاتم الحكومة وقواتها الامنية المسؤولية الكاملة لما تعرضت له “الصباح الجديد” وكادرها وطالبهم باتخاذ اجراءات حقيقية لردع المليشات من خلال ملاحقتها ومحاكمتها وفق قانون مكافحة الإرهاب. وعبر عن الغضب الشديد لمثل هذه الممارسات التي تعكس ليس الأستخفاف بالوسط الصحفي فقط وأنما بالعراق وشعبه ونظامه الديمقراطي، مؤكداً بالقول” أننا نحتاج إلى وقفة حقيقية ترتقي إلى مستوى الحدث وتوفر تضامن ومساندة حقيقية وحماية معنوية للزملاء في صحيفة الصباح الجديد وتجبر السلطة التنفيذية على التحرك الجدي لمنع تكرار مثل هذه المهازل” بحسب قوله.
كما حملت هيئة تحرير الصحيفة من اسمتهم بمتطرفين بشن حملة هجوم وتهديدات لكادرها الاعلامي وقدمت اعتذارا عن نشر الرسم مؤكدة رفضها لحملة التهديدات هذه او تخليها عن حرية الرأي والتعبير.
واكدت انها تتعرض لحملة تحريضية واسعة النطاق على خلفية نشرها بورتريه لخامنئي.
واشارت الى ان الصحيفة نشرت افتتاحية على صفحتها الأولى تؤكد فيها “موقفها القائم على المهنية والضوابط الأخلاقية التي تمنع الإساءة لأي فرد أو جماعة ناهيكم عن المساس بالمرجعيات الدينية”. وقالت ان”بعض الجماعات المتطرفة نشرت البيانات التحريضية على مواقع التواصل الاجتماعي وفي بعض الصحف ودعت إلى التظاهر ضد الصحيفة في ممارسة بغيضة تؤلب وتشجع على الأفعال العدوانية السافرة ضد الصحيفة والعاملين فيها”. وشددت على رفضها لتشويه ما نشرته موضحة أن”مثل هذه التصرفات غير المسؤولة تعيد إلى الأذهان تسيد الميليشيات لن تخيفنا ولن تدفعنا للتخلي عن حرية الرأي والتعبير التي هي من أبرز مكاسب التغيير الذي شهدته بلادنا بعد رحيل نظام البعث المقبور”.
المصدر: إيلاف