صدام حسين خارج الذاكرة الكويتية

بالرغم من أن الصحافة الكويتية ظلت تحتفي لسنوات بإعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، الذي طلب من قواته العسكرية في آب (أغسطس) 1990 غزو الكويت، إلا أن الذكرى السابعة لشنقه في بغداد، في الثلاثين من كانون أول (ديسمبر) 2006 التي تصادف اليوم قد شهدت شبه تجاهل تام للذكرى، إذ أمكن تسجيل فارق كبير بين الإحتفاء الكويتي الكبير رسميا وشعبيا بشنق طاغية احتل الكويت لنحو سبعة أشهر، وبين مرور الذكرى اليوم بشكل عادي.

لا شماتة بالموت

تقول إيمان البحر، وهي سيدة أعمال كويتية: “معنى أن تتذكر أي ذكرى تخص الطاغية العراقي صدام حسين هو أن تستحضر كل المآسي والمناسبات الأليمة والدموع والشهداء ورفات الأسرى، وهي ذكريات إليمة جدًا، إستجلبها قرار الطاغية صدام حين أمر بإحتلال بلادي”.

وتؤكد البحر أن الصحافة الكويتية ومواقع التواصل الإجتماعي فعلت خيرًا حين تجاهلت سيرة الطاغية وذكرى شنقه، مؤكدة أنها لم تستطع أن تكتم فرحتها لحظة بث مقاطع إعدامه قبل سبع سنوات. لكنها اليوم تريد أن تتطلع الى الأمام، وتريد أن يلقى كل الطغاة في العالم نفس مصيره، وأن تطوي الشعوب المقهورة صفحات هؤلاء الطغاة، وأن تكون الذكرى للعظة والتأمل، وتدقيق الحسابات، لا للتشفي والشماتة.

ذكرى دائمة

من جهتها، تريد أسيل الملا، المعلمة في وزارة التربية والتعليم أن تحفظ بإستمرار هذه الذكرى الطيبة، “فهي إشارة من الله عز وجل لكل مؤمن من أي طاغية مهما اشتد جبروته وبطشه لا بد أن تطاله عدالة الله”، مؤكدة أنها كانت تتمنى أن يلقى صدام نفس النهاية البشعة للزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، الذي أمسك به شعبه المظلوم ولم يتركه إلا جثة هامدة.

وتلفت الملا الى أن صدام عكس القذافي مات برقي يحسده عليه كل الطغاة، بل وسُمِح له بالتبجح سياسيًا حتى اللحظات الأخيرة قبل أن يلفظ أنفاسه، داعية القيادات السياسية والبرلمانية والكويتية في الكويت إلى أن يُعظّموا هذه الذكرى الجليلة بدلًا من تناسيها، وأن يُخصّص هذا اليوم المجيد لزيارة قبور وعائلات شهداء الكويت الذين قتلهم صدام إثر تعذيب وحشي، وبدم بارد.

إهانة للكويت

ماجد العوضي لا يتردد في إعتبار ذكرى إعدام صدام بأنها إهانة لكل الكويتيين، لذلك هو لا يريد على المستوى الشخصي ن يتذكرها أو يحتفل بها، معتبرًا أن إيمانه تهاوى بكل القوى والمحافل السياسية العالمية حينما غضت النظر عن ضرورة محاكمة صدام حسين على أرض الكويت، وأمام محكمة كويتية، وأن يُشنق بحبل كويتي.

ويؤكد العوضي أن ما فعله صدام حسين وجنوده على أرض الكويت يفوق كل وصف، “وكان الأولى بحكومة الكويت وقت إعتقال الطاغية أن تتحرك سياسيًا ودبلوماسيًا للمطالبة بتسلمه وفق القانون الدولي كمرتكب جرائم حرب على أرض الكويت”، مؤكدًا أن إعتقاله أفرحه كثيرًا، لكن إعدامه بعيدًا عن أرض ومحاكم الكويت كان أشبه بالصدمة بالنسبة إليه، لافتا الى أنه يعتبر مرور الذكرى بمثابة إهانة للكويت والكويتيين، لذلك يتجاهلها.

واحد أو واحد واحد

وخالد البنوان محامٍ كويتي يقول إن الهموم كثرت على الكويتي أضعافًا مضاعفة منذ أن زال خطر النظام العراقي المخلوع بقيادة صدام حسين، “وحتى كانون أول (ديسمبر) 2003 ظل خطر صدام حسين على الكويت ماثلًا، علما أن صدام كنظام كان قد إنهار قبل ثمانية أشهر من وقت إعتقاله، وزوال الخطر الصدامي دفع بالكويتيين لنسيان وجود خطر دائم لا ينتهي على الحدود الشمالية أيا يكن النظام الحاكم”.

ويشير البنوان الى حالات سياسية غريبة بدأت تُسيطر على الكويت بعد زوال الخطر الصدامي، وصارت الهموم أكبر بكثير من أن يعودوا صفًا واحدًا لإستذكار مآسي الإحتلال، وأخذ العبر من يومياته وحوادثه وجرائمه على الشعب الكويتي المسالم.

ويلفت البنوان أن سنوات الخوف من أن يكرر صدام فعلته الشنيعة لم يكن هناك الفرز البغيض بين سني وشيعي، وحضري وبدوي، “ويجب أن يعود الكويتيون واحدًا كما كانوا، أو سيذهبون واحدًا واحدًا أمام أطماع لا تتوقف في هذا البلد المسالم”.

حبل صدام وقلم المالكي

في السنوات الأولى بعد شنق صدام حسين، ظل فيها الحدث الأبرز، بل أن شخصيات وفاعليات كويتية سافرت الى العراق لزيارة مكان شنقه وإلتقاط الصور، وفتح رجال أعمال كويتيون بارزون إتصالات مع شخصيات سياسية عراقية لعقد صفقات بمبالغ مالية ضخمة جدا لتملك حبل المشنقة الذي التف حول رقبة الرئيس العراقي السابق، وقلم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي وقع به أمر إعدام صدام.

إلا أن هذه الظاهرة سرعان ما خفتت في السنوات القليلة الماضية، حتى شهدت الذكرى السابعة العام الحالي شبه غياب تام للتفاعل السياسي والإعلامي.

 

 

 

المصدر: إيلاف