‬53 ٪ من سكان الإمارات يخشون صعوبات مالية عند التقاعد

«إتش إس بي سي»: المقيمون يبدأون الادخار في سن الـ ‬30

‬53 ٪ من سكان الإمارات يخشون صعوبات مالية عند التقاعد

 

«إتش إس بي سي»: ‬93٪ من المقيمين لا يخططون لادخاراتهم بمساعدة مستشار مالي.
«إتش إس بي سي»: ‬93٪ من المقيمين لا يخططون لادخاراتهم بمساعدة مستشار مالي.

أكدت دراسة عالمية لبنك «إتش إس بي سي» حول مستقبل التقاعد، أنّ المقيمين في الإمارات غير جاهزين للتقاعد وبشكل يدعو إلى القلق، إذ إن ‬89٪ من الأشخاص الذين شملهم المسح غير قادرين على وصف ادخاراتهم الحالية بـ«أكثر من مناسبة» لمستقبلهم، وأكثر من النصف يقرون بأنّهم يخافون من مواجهة ضائقة مالية خلال فترة تقاعدهم.

ونبهت الدراسة إلى أن أكبر المخاوف المتوقعة للتقاعد هو الخوف من الصعوبات المالية في المستقبل (‬53٪)، يليه الخوف من عدم القدرة على تحمل تكاليف مرض أو حادث يحتاج إلى رعاية طبية (‬42٪)، مشيرة إلى احتلال المقيمين في الإمارات المرتبة الأولى عالمياً في تأجيل الادخار للتقاعد، إذ يبدأ الأفراد بالادخار بمعدّل عمر يبلغ الـ‬30 سنة، ويشكّل ذلك تناقضاً مع المملكة المتّحدة والولايات المتّحدة اللتين يبدأ الأفراد فيهما الادخار في منتصف العشرينات من العمر.

مدخرات لن تكفي

وتفصيلاً، أظهرت دراسة «إتش إس بي سي»، التي تم الكشف عن تفاصيلها خلال مؤتمر صحافي عقده البنك في دبي، أمس، أن أكبر المخاوف المتوقعة للتقاعد لدى المقيمين في الإمارات هو الخوف من الصعوبات المالية في المستقبل (‬53٪)، يليه الخوف من عدم القدرة على تحمل تكاليف مرض أو حادث يحتاج إلى رعاية طبية (‬42٪)».

وقالت الدراسة إن «‬89٪ من الأشخاص الذين شملهم المسح في الإمارات غير قادرين على وصف ادخاراتهم الحالية بأنها (أكثر من مناسبة) لمستقبلهم، ففي حين يتوقعون أن يدوم تقاعدهم مدة ‬15 عاماً في المتوسط، فإنهم يعتقدون أن مدخراتهم للتقاعد لن تكفي سوى تسع سنوات من هذه المدة»، موضحة أن «نسبة المقيمين في الإمارات الذين يرون أن ادخاراتهم كافية للمستقبل تتراجع من عام لتالٍ، إذ بلغت ‬51٪ في عام ‬2009، ثم تراجعت إلى ‬40٪ في عام ‬2011، لتنخفض إلى ‬29٪ فقط خلال العام الجاري».

عوائق

وكشفت الدراسة، التي شملت عينة من ‬1000 مقيم في الإمارات، أن «(‬46٪) من المقيمين لايزالون يجدون عوائق تمنعهم من الادخار بسبب عدم قدرتهم على التأقلم مع مصروفات المعيشة اليومية في الدولة، في حين ذكرت نسبة ‬24٪ أنهم لم يفكروا في موضوع التقاعد أساساً، وأفادت نسبة ‬21٪ بأنهم يدخرون بطريقتهم الخاصة، في حين عزت نسبة ‬20٪ من المقيمين في الدولة عدم ادخارها للتقاعد إلى أن جهة عملهم لا توفر خطط تقاعد للموظفين، وأكدت نسبة ‬18٪ أن المناخ الاقتصادي غير قابل للادخار».

وشملت العينة التي ضمت متعاملين مع «إتش إس بي سي» في الإمارات، نسبة ‬6٪ إماراتيين و‬11٪ وافدين غربيين، و‬56٪ وافدين آسيويين، و‬24٪ وافدين عرباً، و‬3٪ من جنسيات أخرى، ومثلت الفئة العمرية ‬25 إلى ‬34 عاماً نسبة ‬49٪ من حجم العينة، مقابل نسبة ‬32٪ للفئة العمرية بين ‬35 و‬44 عاماً.

تأجيل الادخار

وأشارت الدراسة إلى أن نسبة كبيرة من المشاركين من الإمارات عزت النقص في الادخار إلى أن «التقاعد لايزال بعيداً جداً للقلق حياله»، منبهة إلى أن «هذا المفهوم الخطأ يمكن تفسيره بسبب احتلال المقيمين في الإمارات المرتبة الأولى عالمياً في تأجيل الادخار للتقاعد، إذ يبدأ الأفراد الادخار بمعدّل عمر يبلغ ‬30 سنة، ويشكّل ذلك تناقضاً صارخاً مع المملكة المتّحدة والولايات المتّحدة، اللتين يبدأ الأفراد فيهما الادخار في منتصف العشرينات من العمر.

واعتبرت الدراسة أن «اعتقاد المقيمين في الإمارات أنّه بإمكانهم تأجيل البدء بالادخار إلى عمر ‬37، أمر يدعو للقلق، خصوصاً أنهم لايزالون يتوقّعون حفاظهم على مستوى أسلوب الحياة الذي يستمتعون به حالياً»، ودللت على أهمية الادخار مبكراً، فذكرت أن «الشخص البالغ من العمر ‬35 عاماً، الذي يبدأ استثمار ‬1250 دولار (نحو ‬4600 درهم) شهرياً مدة ‬25 عاماً، يمكنه أن يدخر ‬818.3 ألف دولار (ثلاثة ملايين درهم) إذا كانت الفائدة ‬7٪ سنوياً، في حين أن الشخص البالغ من العمر ‬45 عاماً، الذي يبدأ استثمار المبلغ ذاته شهرياً لحين التقاعد (سن الـ‬60)، يدخر ‬345.4 ألف دولار فقط (‬1.26 مليون درهم). ووفقاً للدراسة، فإن المقيمين في الإمارات يتأثّرون بشكل جدّي بـ«أحداث الحياة»، وهو مصطلح يُستخدم لوصف المواقف في حياة كلّ فرد، إذ يجب إنفاق مبلغ ملموس من المال أو حيث يُفقد مدخول معيّن، وتتفاوت هذه الأحداث بين شراء منزل (‬43٪)، وسداد نفقات تعليم الأطفال (‬34٪)، وهما عاملان يمكن إدارتهما والتحكّم فيهما من خلال التخطيط الحكيم، منوهة بأن من الأسباب الأخرى التي تعيق الادخار في الإمارات فقدان الوظيفة (‬23٪)، وكل من الديون والأزمة المالية العالمية (‬22٪)، وإنشاء عائلة (‬20٪).

الإنفاق ببذخ

من جهته، أكد رئيس الفروع والخدمات المالية الشخصية في الإمارات لدى بنك «إتش إس بي سي الشرق الأوسط»، مصطفى رمزي، أن «من أهم المشكلات التي بينتها الدراسة أن الأفراد في الإمارات لايزالون يتطلعون إلى الإنفاق ببذخ بعد التقاعد، إذ يرغب معظم المشاركين في المسح في إمضاء المزيد من الوقت مع الأصدقاء والعائلة (‬58٪)، وهي نتيجة متشابهة جداً بين معظم الدول»، موضحاً أن «المقيمين في الإمارات يتمتّعون برغبة أكبر لإنشاء مشروعات خاصة في السنوات اللاحقة، إذ إن تأسيس أعمالهم الخاصّة يشكّل ثاني أكبر طموح بين المقيمين في الدولة بـ‬51٪، مقارنة بـ‬7٪ فقط في المملكة المتّحدة، يليه قضاء الإجازات والرحلات (‬39٪)، وإجراء تعديلات على المنزل (‬38٪) ثم الأعمال الخيرية (‬37٪)».

وأضاف أن «الأمر المخيب للأمل أيضاً هو أن ‬93٪ من المشاركين في المسح لا يخططون لادخاراتهم بمساعدة مستشار مالي، وما يناهز النصف (‬44٪) يقرّون بأنّهم يعتمدون على أفكارهم وتقديراتهم للادخار، مقارنة بأقلّ من خُمس الأشخاص (‬18٪) في المملكة المتّحدة الذي يعتمدون هذه الطريقة»، مضيفاً أن «سكان الإمارات يعتمدون كثيراً على مدخراتهم النقدية عند التقاعد ولا يملكون استثمارات منوّعة كافية، إذ يعتبر ‬57٪ أن الادخارات النقدية هي المصدر الأساسي للدخل في تلك المرحلة من حياتهم، وتفضل نسبة (‬24٪) بيع مقتنياتهم الثمينة عوضاً عن المساومة على مستوى حياتهم الشخصية، والانتقال إلى منزل أصغر (‬18٪)».

وقال رئيس قسم تطوير الثروات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى «إتش إس بي سي»، غيفورد ناكاجيما، إن «اتّباع خطّة مالية والبدء بادّخار مبلغ ما مهما كان صغيراً، وفي أقرب وقت ممكن، يمكن أن يحقق فارقاً كبيراً في دخل التقاعد على الأمد الطويل»، موضحاً أنه «مع ازدياد متوسط العمر المتوقع، يجب على الأفراد أن يدركوا كم ستدوم أموالهم المدخرة حتى لا يقعوا في ضائقة مالية جدية، إذ لن تعود أموالهم كافية».