منى العياف ـ الخطأ والمكابرة .. عنوان المرحلة !

يوماً بعد يوم، تثبت رئاسة المجلس لكل الكويتيين، مدى فداحة الثمن الذي تكبدوه، تراجع على صعيد التنمية، وعلى صعيد مكانة وسمعة الكويت البرلمانية، سلسلة من التراجع تسببت في سخط شعبي غير مسبوق، ونقد يومي ملحوظ للمشهد السياسي «المزري» الذي نعيشه وزاد الطين بله، حينما وقعت فضيحة «الحوار التلفزيوني» الأخير الذي تبثه قناة المجلس والذي تكابر الحكومة برفضها الاعتذار عن مجرياته وتصحيح الآثار السيئة المترتبة عليه، وفي نفس الوقت اطلاق العنان للمستفيدين من هذه القناة، والذين يستغلونها لضرب خصومهم السياسيين، وتلميع رئيس المجلس مع شخصيات منتقاه تمهيداً للانتخابات المقبلة، وكسب ولاءات مجموعة من المستفيدين من هذا الوضع!!.
٭٭٭
نحن أمام مشهد سياسي فردي.. بل رديء.. وعنوانه الخطأ.. والمكابرة عن تصحيحه والاعتذار عنه، على الرغم من انه أحرج الدولة كلها أمام أشقائها الاماراتيين، والذي عكسته صحف اماراتية ووسائل تواصل اجتماعي، ومع أننا حاولنا ان نبين لهم الطريق الصحيح، وأن ندفعهم الى الاعتذار وعدم المكابرة، الا انهم تحولوا عن هذا واتهمونا فقط «بالشخصانية» في النقد والافتراء عليهم متناسين ان ما كتبناه ليس لنا، وليس لهم، وانما للكويت!.
وينهض دليلاً على (غيهّم) محاولة أمانة المجلس الفاشلة الى «التنصل» من مسؤوليتها، بقولها ان «المسؤولية تقع فقط على الضيف»، وحاولت بهذا التبرؤ من أي مسؤولية وأنبرت فقط للهجوم على جريدة «الوطن» ولعله من المفارقات المضحكة ان تكون العبارات الواردة في بيان الأمانة، هي نفسها العبارات التي يرددها ويكررها دائماً رئيس المجلس في لقاءاته وتصريحاته عن جريدة «الوطن»، فعل هذا وكأن الأمر الذي ارتكب سيمر على الامارات مرور الكرام ولم يشعروا بالكارثة والفضيحة، الا عندما ظهر علناً رد الفعل الاماراتي!!.
٭٭٭
هنا.. وهنا فقط، حاول رئيس المجلس «لملمة» الازمة.. وعرف ان (الله حق) وخرج ببيان يعتذر فيه، زاعماً ان الوضع خارج تماماً عن ارادته! -مأساة حقيقية- ان تكون كل سنن الرئيس غير حميدة على هذا النحو، فلا يبالي بأي ردود أفعال نهائياً، بينما الحكومة تلوذ دائماً «بالصمت» وكأنها لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم ولا تعلم، لكن عندما تطورت الأمور كان لابد وأن يتنازل وينزل الرئيس من «برجه العاجي» ويعتذر.. لكن ما يثير الضحك هو جملته الواردة في بيانه والتي قال فيها: «الكويتيون من جميع الأطياف والمستويات تكفلوا خلال اليومين الماضيين عناء الرد نيابة عنكم وبالاعراب عن رفضهم لكل اساءة عابرة تمسكم»!!.
٭٭٭
نعم.. نعم بالفعل لن نقبل ككويتيين ان تسيئ الى أهلنا وأشقائنا، وصاحبة هذا القلم كانت أول من أثارت هذا الموضوع، وخلال ساعات الليل فقط قبل النهار من نشر المقال كنت قد تلقيت على حسابي «بالتويتر» أكثر من 300 رسالة من «البوتات» المحسوبة على رئيس المجلس وهي رسائل مليئة بالسباب.. وبأقذع الألفاظ، لأنني أثرت هذه القضية!.
ولعلم رئيس مجلس السسن اللاحميدة فان هذه الأفعال لا تخيفنا أو تردعنا وأنما تزيدنا اصراراً بأننا على طريق الحق.. وبالنهاية لتعلم ان خطابك هذا لا يعني شيئاً سوى انك عرفت «الحجم الحقيقي لعليائك»!!.
٭٭٭
الآن أيضاً عرفت الحجم الحقيقي لتصرفاتك المليئة بالتناقضات الرهيبة.. فلعلك تذكر انه أحد نواب المجلس تحدث عن حكام البحرين بحديث شبيه لحديث «الدويلة» عن ولي عهد الامارات، وارتكب نفس الفعل، وأنت لم تعلق على ما قاله وظللت أياماً صامتاً، ولكن عندما تم احراجك أمام الاعلام وسؤالك عن هذا الأمر قلت «هذا رأيه الشخصي» وسعيت داخل المجلس بعدم رفع الحصانة عنه!!.
ومع ان الفعل واحد لكنك لم تعتذر للبحرين أيضاً أو حتى تدين أو ترفض كلام النائب!! لذا فان هذا الموقف فضح خطابك المتناقض تماماً لأنه من غير المعقول ان تقبل بالتطاول على حكام البحرين وترى انه رأي شخصي، بينما تنتفض لحكام الامارات رافضاً تجريجهم وتعتبره كارثة ورأي لا يمكن قبوله!!.
٭٭٭
أنت أذن عندما يخطئ النائب تجامله وتعتبر رأيه شخصياً لأن «المصلحة» هي التي تحكمك.. وهي التي تراها مع هذا العضو على الرغم من ان ما قاله أدين بسببه من قبل النيابة العامة! وهو لا يختلف عما تفوه به «الدويلة» ولكن هذا هو «ديدنك».. المصالح ثم المصالح حتى لو ضربت المبادئ والمصداقية ليس مهماً.. رغم ان المبادئ لا يمكن ان تتجزأ!.
ثم تتحفنا بقولك في بيانك انك سوف تتخذ الاجراءات القانونية؟ أي اجراءات قانونية تلك التي ستتخذها؟ هل تعتقد انك تمتلك القناة قانوناً؟ كيف ستتخذ هذه الاجراءات؟ كيف والقناة في النهاية تابعة للدولة ممثلة في وزارة الاعلام التي صمتت ووضعت أذناً من «طين» وأخرى من «عجين»!!.
كما ان وزارة الخارجية هي التي ستقوم باتخاذ هذه الاجراءات ايضاً!! ومع ان المعنية بالأمر هي وزارة الاعلام التي «كأن على رأسها الطير»، لكن السؤال هو ضد من ستتخذ هذه الاجراءات؟ أهي ضد «الدويلة» فقط؟ أم – كما هو معمول بقوانين الدولة – فان كل الأطراف بما فيها مدير القناة (الناطق الرسمي للحكومة) سوف يتحمل المسؤولية؟.. هذا هو المفروض شأنها مثل أي قناة.. فقناة «المجلس» ليست فوق الجميع، تفعل ما تريد دون حسيب أو رقيب!!.
فقد قلت منذ البداية ان القناة ليس لها سند قانوني، وأن خطابها الشعبي (الصادر عن النواب) يختلف عن الخطاب الرسمي للدولة الصادر عن الحكومة، مما ينبئ عن أن حالات من التخبط والاحتقان الشعبي قادمة وفي الطريق منها المزيد، وسيؤثر كل هذا في العلاقات الخارجية، فضلاً عما فيه من اهدار للمال العام الذي لا ندري كم تكبد الى الآن دون مردود يذكر! فهل من عاقل في هذه الحكومة ليوقف هذا الخطأ؟! وللعلم فان الرجوع عن الخطأ فضيلة!!.
.. والعبرة لمن يتعظ!!.