د. حسن جوهر ـ حلاتكم ساكتين !

قانون اتحاد الطلبة الجديد جعل الحريات هي الاستثناء، أما القاعدة العامة فهي «المنع» و«الحظر» «ولا يسمح» بالإضافة إلى فرض عقوبة الحبس والغرامات المالية الضخمة، والمستهدف من ذلك الشباب الجامعيون الدارسون في الكويت وخارجها.

اقتراح بقانون جديد يقدمه بعض أعضاء مجلس الأمة ليضيف “سواد وجه” آخر إلى هذا المجلس في التضييق على الحريات وتحجيم العمل النقابي وكسر مجاديف الشباب، ولا أدري هل بالفعل أصحاب اقتراح تنظيم الاتحادات الطلابية يمثلون الأمة ويبرون بالقسم النيابي الذي يفرد عبارة “وأذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله”؟ أم أنهم ما زالوا يعيشون عقدة النقص وروح الانتقام من الناس من باب الفجور بالخصومة.
قانون اتحاد الطلبة الجديد جعل الحريات هي الاستثناء، أما القاعدة العامة فهي “المنع” و”الحظر” “ولا يسمح” بالإضافة إلى فرض عقوبة الحبس والغرامات المالية الضخمة، والمستهدف من ذلك الشباب الجامعيون الدارسون في الكويت وخارجها، ويبدو أن الشخصانية طغت على فكرة القانون، كما أن ضحالة الخبرة التشريعية أوقعت مقترحي القانون في تناقضات دستورية أساسية، فقد اعتبروا الاتحادات الطلابية بمنزلة جمعية نفع عام تتبع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ثم منعوها من حق التمويل عبر الهبات والتبرعات والمساهمات أسوة بجميع الجمعيات التي تتبع هذه الوزارة، علاوة على أن هذا النوع من الدعم المالي كفلته قوانين جامعة الكويت والجامعات الخاصة بدولة الكويت!
القانون البدعة يحظر على الشباب الجامعيين الخوض في السياسة وهذه آخر نكتة لنوابنا الجدد، كما يعطي صلاحيات واسعة لوزارة الشؤون للتحكم في الاتحادات الطلابية وصولاً إلى حلها بقرار إداري، وعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء! ولا “نتبلي” على مقدمي الاقتراح بالشخصانية، فأرشيف المجلس يحتوي على اقتراحات سابقة تمت مناقشتها في اللجان ومع ممثلي الحركة الطلابية والحكومة، وكان يمكن الرجوع إليها والاستفادة منها في المقترح الجديد وذلك أضعف الإيمان.
الميزة الوحيدة للاقتراح البدعة أنه سينظم صفوف الشباب الجامعيين في الداخل والخارج ويوّحد الاختلافات الفكرية والأيديولوجية والانتماءات المختلفة لطلبتنا، وسيوجه هذا الاتفاق التلقائي الشبابي صفعة قوية إلى القانون، وإذا ما أدرج للنقاش فمن غير المستبعد أن يهرب النواب من الباب الخلفي لقاعة عبدالله السالم.
اللوم الأكبر يقع على النواب ذوي الخلفية الأكاديمية، حيث يفترض أنهم أبرز المناصرين للحركة الشبابية الطلابية وعلى تواصل معها وتبني أفكارها ومقترحاتها، لا التصدي لها بمثل هذه المواجهة، ويبدو من ترتيب الأسماء أن الأعضاء العلميين قد “تلزقوا” بالاقتراح أو استدرجوا من باب “الميانة” أو تكملة العدد فوقعوا في خطيئة، وأتمنى ألا تأخذهم العزة بالإثم والمكابرة في المبادرة فوراً بسحب أسمائهم والتبرؤ من هذا المشروع المسيء للديمقراطية ومبدأ الحريات والأهم من ذلك النشاط الشبابي الذي يعد أملنا الأخير، بعد أن يئسنا من الحكومة والمجلس والكثير من القوى والأحزاب السياسية. والوقوف في وجه مثل هذه الاقتراحات واجب وطني وتاريخي، لأن تمرير مشروع اتحاد الطلبة، لا سمح الله، وفق الصيغة المقترحة سوف يجرِّئ النواب على تعميمه ليشمل جمعية أعضاء هيئة التدريس وجمعية المعلمين والمحامين والنقابات العمالية وبقية مؤسسات المجتمع المدني!