د. أحمد الخطيب ـ سطوة التيار الديني الكويتي

ظاهرة لافتة للنظر، وهي سرعة تلبية رغبات الأحزاب الدينية من قبل أجهزة الأمن.
فـ«الداخلية» مثلاً، توقف حفلة ترفيهية سمحت بها وزارة الإعلام ووزارة الشباب، وهي بذلك تتدخل في شؤون غيرها من الوزارات، وتصبح المرجعية الأولى في الدولة.
بالطبع ليس في كل شيء، بل في ما يهم الأحزاب الدينية في الكويت.
وهذا أمر عجيب في الوقت الذي تحاول الحكومة إقناع الكل بأنها ضد التطرف ومع الوسطية، باتخاذ بعض الإجراءات ضد استغلال مؤسسات الدولة من قبل الأحزاب الدينية، مثل إحالة بعض المختلسين إلى النيابة العامة، أو توقيف بعض خطباء المساجد، أو تغيير بعض المجالس مثل «بيت التمويل»، بعد أن أنذر كما يقول البعض مسبقاً ليفرخ شركات كثيرة بعيدة عن الشبهة.
كذلك الابتعاد عن تعيين المعروفين بانتماءاتهم الحزبية في مراكز قيادية كوزراء أو مديرين، والاعتماد على آخرين ينكرون حزبيتهم كذباً، والتركيز على المناصب الأدنى المتوافرة في كل قطاعات الدولة وبمعرفة ومباركة من بعض المسؤولين، والقضاء على كل مَن يحاول أن يخترق هذا الطوق المحكم على مفاصل الدولة الإدارية.
ولعل أبرز مثال على ذلك هو نجاح التآمر على وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية وإبعاده، بعد أن اكتشف مدى الفساد في أنشطة هذه الوزارة المتعددة، وحاول تقليم أظافر قوى الفساد وكذلك القوى المتحالفة معهم.
هل هذا لغز؟ كلا هذا معروف لكل متابع لمثل هذه المواضيع.
هناك تحالف استراتيجي بين بعض المسؤولين أعداء النظام الديمقراطي والأحزاب الدينية، كلاهما يعتبر الديمقراطية ودستور 1962 كفراً غير مقبول.
ويؤمنون بالطاعة التامة للحاكم، فإذا كان بعض المسؤولين لهم أجندتهم الخاصة في إجهاض الدستور، وقد تحقق لهم ذلك، إلا أن هذا الاقتصاد مرهون بوجود بيئة كويتية مهمة تؤيد ذلك. وهنا يأتي دور الأحزاب الدينية لبث فكرها في المجتمع من خلال التسهيل لهم باستعمال المساجد والمدارس ووسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية لتحقيق هذه المهمة.
فالأحزاب الدينية لها أهداف تتعدى الهم الداخلي، فهي مرتبطة بنشاطات أخواتها في أنحاء العالم كله، ويتعاظم نفوذها بقدر تمويلها المالي الهائل لهذه الأحزاب، وأصبحت الكويت مصدراً مهماً للأموال والأفراد وكذلك لهذه النشاطات.
والمحزن أن نرى بعض المسؤولين يقدمون الدعم لهم لتلبية طموحاتهم السياسية الخاصة في الصراع بين أطراف في السلطة على النفوذ بالانتفاع من الوضع السياسي.
والبعض الآخر يرى في مهادنة ودعم هذه القوى ضريبة لتجنب أذاهم، بعدما اتضح أن المتطرفين بهذه المجموعات قادرون على إحداث خسائر ليسوا على استعداد للمجازفة بتحملها.
هذه محاولة لحل بعض الألغاز التي نراها، آمل ألا تكون صحيحة، لأن فيها كل الخطر على هذا الوطن العزيز، نحن لا نستاهل كل هذا البلاء.

ملحق

عندما تحتم الظروف على هذه القوى أن تحد من نشاطها العلني، تفتعل الخلاف الداخلي فيحدث الانشقاق، قسم مع المعارضة والقسم الآخر مع النظام، إلا أن هذا الخلاف لا يتحول إلى صراع، مثلما يحصل عند القوى الوطنية التي تحول الصراع إلى عداء وخيانة وغيرها.
بل تتم المحافظة على الصداقة وعدم المقاطعة أو التجريح، ما يعكس عمق تجربتهم السياسية ونضجها.